الدكرورى يكتب عن إبن السوداء عبد الله بن سبأ ” جزء 6″
بقلم / محمـــد الدكــــرورى
ونكمل الجزء السادس مع إبن
السوداء عبد الله بن سبأ،
ويقول ابن كثير إن ظهور ابن
سبأ من أسباب تألب الأحزاب
على الخليفة عثمان بن عفان،
إذ اخترع كلاما يقول مما قال
فيه ” محمد خاتم الأنبياء،
وعلي خاتم الأوصياء” ثم يتم
محرضا ويقول فهو أحق بالأمر من عثمان، وعثمان معتد في ولايته ما ليس له، وإذا كان الناس قد أنكروا عليه، وفق ابن كثير، وأظهروا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإن بشرا كثيرا من أهل مصر، كان قد افتتن به، ويشير صلاح الدين الصفدي، في تعريفه لابن سبأ، إلى أنه قال لعلي بن أبي طالب ” أنت الإله ” فنفاه الإمام على إلى المدائن، وحين قتل، زعم ابن سبأ أنه لم يمت لأن فيه جزءا إلهيا، وأن ابن ملجم، وهو قاتل الإمام علي.
إنما قتل شيطانا تصور بصورته، وأن عليا في السحاب، الرعد صوته والبرق صورته، وأنه سينزل يوما ما إلى الأرض ليملأها عدلا، وأما عبد القاهر الجرجاني، فيزعم أن أصحاب عبد الله بن سبأ إذ يسمعون الرعد، يقولون ” عليك السلام يا أمير المؤمنين ” ويذكر أبو حاتم الرازي أن عبد الله بن سبأ ومن قال بقوله من السبئية، كانوا يزعمون أن عليا هو الإله، وأنه يحيي الموتى، وادعوا غيبته بعد موته، ويشير المستشرق يوليوس فلهاوزن، إلى أن ابن سبأ ابتدع ما يسمى بعقيدة ناسخ الأرواح التي أصبحت بعد ذلك ضمن عقيدة السبئية، وذكر أن هؤلاء يؤمنون بأن روح الله التي تسري في الأنبياء تنتقل بعد موت كل نبي إلى النبي الذي بعده.
وأن روح رسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة انتقلت إلى علي، وهي باقية في سلالته، وبالمقابل، يرى عبد الرحمن بدوي أن عبد الله بن سبأ والسبئية لم يقولوا بألوهية علي بن أبي طالب، حيث لم يرد شيء من ذلك عند الطبري والقمي وأبي الحسن الأشعري، أما ورود ذلك عند الآخرين فاعتبره تزايدا من عندهم، وإذا كان هناك اختلاف واضح في ذكر الكتب الأولى لسيرة ابن سبأ، فإنها تكاد تجمع على أنها شخصية ظهرت في المسلمين لتلفتهم عن دينهم، فاجتمع إليها مجموعة من الناس، أطلق عليها الطائفة السبائية، وهكذا كان عبد الله بن سبأ شخصية ظهرت في فترة خلافة عثمان بن عفان وتنسب إليه الروايات التاريخية بأنه مشعل الاضطرابات والاحتجاجات.
ضد عثمان بن عفان في الخفاء وكان من الغلاة بحب علي بن أبي طالب ومدعٍ لألوهيته، ومؤسس الفرقة السبئية وهي أصل فكرة التشيع، وهو أول من أظهر الطعن والشتم للصحابة خصوصا أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب والسيدة عائشة بنت أبي بكر، رضى الله عنهم أجمعين، ويعده العديد من مؤرخي أهل السنة أنه مشعل الثورة على الخليفة الراشد الثالث عثمان بن عفان والسبب في وقوع معركة الجمل بعد ذلك، ويعتبر عبد الله بن سبأ أول من نادى بولاية الإمام علي بن أبي طالب وبأن لكل نبي وصيا وأن وصي الأمة هو علي بن أبي طالب، وينسب له أنه أول من غالى في علي وأضفى عليه صفات غير بشرية، مما اضطر عليا إلى التبرؤ منه حتى أنه كان يقول على منبر الكوفة “خير هذه الامة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر ”
فكان يظهر الفضل لبشر فكيف يرضى أن يقال عنه إله، و لهذا خدت الأخاديد ثم ملئت حطبا وأوقدت فأمر بإلقاء من تابع ابن سبأ في قوله أن عليا إله إلا أن ابن سبأ فر منهم، ويرى بعض المؤرخين الحديثين ابن سبأ أصل التشيع بصفة عامة وأصل الفتن الإسلامية الأولى كفتنة مقتل عثمان وحرب الجمل، ويرجعونه لأصول يهودية بحيث أن تشتت المسلمين كان نتيجة مؤامرة يهودية، ومن جهة أخرى، ينفي المؤرخون الشيعة وجود ابن سبأ من الأساس، ويعتبروه مجرد قصة اختلقها أعداءهم للطعن في أصول الإسلام الشيعي من خلال إيهام عامة الناس بنظرية المؤامرة، ويحاجج البعض بإمكانية أن يكون شخص واحد قد أحدث هذا التأثير الكبير على مجرى تاريخ أمة بكاملها.