الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان “جزء 5”

الدكرورى يكتب عن الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان “جزء 5”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان “جزء 5”

ونكمل الجزء الخامس مع الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان، وكتب خارج الطوق محمد رسول الله أرسله بالهدى ودين الحق، وهو أول من كسا الكعبة بالديباج، وفي عهده ابتكر الحجاج قضية نقط الكلمات القرآنية فأزال الشك الذي لحق بعض الكلمات قبل ابتكار النقط، وتمت في عهده إصلاحات زراعية وتجارية كثيرة عادت بالخير الوفير على الأمة الإسلامية، وقد بنى الخليفه عبد الملك بن مروان، مسجد قبة الصخرة على الصخرة المقدسة التي مستها أقدام النبي صلي الله عليه وسلم ليلة الإسراء، وهو غير المسجد الأقصى الذي أعاد بناءه ابنه الوليد، ومسجد قبة الصخرة فريد في نوعه، فقد بني مثمن الأضلاع، وارتفعت فوقه قبة عالية مزخرفة بالفسيفساء بدقة متناهية، وكان من أسباب بنائه على هذا النحو من الفخامة القضاء على إعجاب بعض المسلمين بكنيسة القيامة.

التي كانت شامخة بهذه المنطقة، وقد بنى قبة الصخرة المباركة الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان، حيث بدأ العمل في بنائها سنة ستة وستين من الهجره، وتم الفراغ منها سنة اثنين وسبعين من الهجره، وقد اشرف على بنائها المهندسان العربيان رجاء بن حيوة وهو من بيسان فلسطين ويزيد بن سلام مولى عبد الملك بن مروان وهو من القدس، وكان مدينة بيت المقدس هي الأخرى مدينة مقدسة عند المسلمين، وقد أصبح العرب من القرن الثامن الميلادي يؤلفون الكثرة الغالبة من سكانها، وأراد الخليفة عبد الملك بن مروان أن يكون فيها مسجد للمسلمين لا يقل فخامة عن كنيسة القبر المقدس حين جددت، وذلك بعد أن دمرها كسرى أبرويز، فاستخدم خراج مصر في تشييد عدة صروح تعرف في مجموعها باسم الحرم الشريف، وشيد في الطرف الجنوبي من المدينة المسجد الأقصي.

وقد دمر زلزال هذا المسجد، ثم أعيد بناؤه، وأدخلت عليه فيما بعد تعديلات كثيرة، ولكن القبلة لا تزال كما كانت في أيام عبد الملك، كما أن معظم العمد مأخوذ من بازيليكا جستنيان التي كانت قائمة في أورشليم، ويرى المقدسي أن بيت المقدس أجمل من المسجد الأموي العظيم المقام في دمشق، وإن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، قد التقى فيه بأنبياء الله عز وجل إبراهيم، وموسى، وعيسى والأنبياء جميعا، عليهم الصلاة والسلام ثم صلى فيه معهم، وأنه رأى بالقرب منه الصخرة التي يعتقد بنو إسرائيل أنها سرة الدنيا، وقد اتسع العالم الإسلامي في عهده اتساعا شاسعا، وكان عبد الملك حسن الصلة بآل البيت، فكان يتودد للإمام علي بن الحسين ويبره، وقيل أنه لقيته امرأة وهو جريح فقالت يا أمير المؤمنين قال ما شأنك قالت توفي أخي وترك ستمائة دينار.

فدفع إلى من ميراثه دينار واحد فقيل هذا حقك فعمي الأمر فيها على عبد الملك فأرسل إلى الشعبي فسأله فقال نعم هذا توفي فترك ابنتين فلهما الثلثان أربعمائة وأما فلها السدس مائة وزوجة فلها الثمن خمس وسبعون واثني عشر أخا فلهم أربعة وعشرون وبقي لهذه دينار، وقد أوصى الخليفه عبد الملك بن مروان بنيه بتقوى الله ونهاهم عن الفرقة والاختلاف وقال كونوا بني أم بررة وكونوا في الحرب أحرارا وللمعروف منارا فإن الحرب لم تدن منية قبل وقتها وإن المعروف يبقى أثره وذكره وأحلوا في مرارة ولينوا في شدة وكونوا كما قال ابن عبد الأعلى الشيباني إن القداح إذا اجتمعن فرامها، بالكسر ذو حنق وبطش باليد عزت فلم تكسر وإن هي بددت، فالكسر والتوهين للمتبدد، ثم قال يا وليد اتقي الله فيما أخلفك فيه إلى أن قال وانظر الحجاج فأكرمه فإنه هو الذي وطأ لكم المنابر.

وهو سيفك يا وليد ويدك على من ناوأك فلا تسمعن فيه قول أحد وأنت إليه أحوج منه إليك، وادع الناس إذا مت إلى البيعة فمن قال برأسه هكذا فقل بسيفك هكذا، وقال عنه عمر بن عبد العزيز،أنه سمى ابنه عبد الملك على اسم عمه عبد الملك، وعندما مات عبد الملك بن مروان حزن عليه عمر أشد الحزن، ويقال إنه لبس الحداد عليه سبعين يوما، وكان عمر يرى في عمه عبد الملك صورة صادقة للخليفة المسلم، وقال نافع عنه لقد رأيت المدينة وما بها شاب أشد تشميرا، ولا أفقه، ولا أنسك، ولا أقرأ لكتاب الله من عبد الملك بن مروان، وقال عنه أبو الزناد فقهاء المدينة أربعه سعيد بن المسيب وعبد الملك بن مروان وعروة بن الزبير وقبيصة بن ذؤيب، وقال عنه ابن عمر ولد الناس أبناء وولد مروان أبا، وقد سئل عبد الله بن عمر، من نسأل بعد رحيلكم فقال.

إن لمروان ابنا فقيها فاسألوه، وقال الشعبي عنه ما جالست أحدا إلا وجدت لي عليه الفضل إلا عبد الملك بن مروان، وتوفي عبد الملك في النصف من شهر شوال عام ستة وثمانين من الهجره، وصلى عليه ابنه الوليد، ثم بُويِع له بالخلافة في اليوم نفسه، وكان ولي العهد بعد عبد الملك هو أخاه عبد العزيز بن مروان لأن أباهما أخذ لهما البيعة معا من أهل الشام في بداية سنة خمسة وستين من الهجره، وكان عبد الملك قد أراد أخاه على التنازل عن الخلافة لابنه الوليد فأبى عبد العزيز ذلك، وكاد يحدث بينهما من جراء ذلك شقاق إلا أن المشكلة تم حلها بموت عبد العزيز بن مروان قبل أخيه عبد الملك، فبايع عبد الملك لولديه الوليد ثم سليمان.