الدكرورى يكتب عن عبد الله بن أبي بكر ” جزء 2″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
ونكمل الجزء الثانى مع عبد الله بن أبي بكر الصديق، وكانت أخته هى السيده أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنها وهى ذات النطاقين، وهي أخته لأمه وأبيه، وكانت أخته أيضا هى أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأخوه عبدالرحمن بن أبي بكر من أبيه، فأمهما أم رومان بنت عامر بن عويمر، رضي الله عنها، وكان أخوه أيضا هو محمد بن أبي بكر من أبيه، وأما عن أمه أي أم أخوه محمد بن أبى بكر فهي السيده أسماء بنت عميس، وقد تزوجها الخليفه أبو بكر الصديق، بعد استشهاد زوجها جعفر بن أبي طالب رضي الله عنهما، وكانت أخته أيضا هى السيده أم كلثوم بنت أبي بكر رضي الله عنها من زوجته حبيبة بنت خارجة، فهؤلاء هم كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم.
خير القرون، فعن عمران بن حصين رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” خيركم قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم ” وكان عبد الله بن أبى بكر من الرعيل الأول، ومن السابقين الأولين من المهاجرين، ومن رواد دار الأرقم بن أبي الأرقم، وهو من خير بيوت المسلمين وأعزها وأشرفها وأتقاها وأنقاها، فهو ابن الصديق أول من أَسلم من الرجال وهو ابن العتيق، وثاني اثنين في الغار، وقد عين لرسول الله صلى الله عليه وسلم على الأعداء في هجرته، كاشف لخطط المتربصين بالرسول صلى الله عليه وسلم، ووالده، فكان أمينا على نبي هذه الأمة، الذي دفعت قريش الغالي والنفيس من أجل منعه من الهجرة لكي لا ينشر دين الله في الأرض.
ورفض المغريات التي أعلنتها قريش لمن يحضر محمدا صلى الله عليه وسلم، حيّا أو ميّتا، وهي مائة ناقة من الإبل، والتي جعلت شباب قريش وشيبها يَتسابقون للحصول على معلومة واحدة تقودهم لهذا الكنز العظيم، فرضي الله عنه وأرضاه، وقد قال ابن إسحاق أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الغار ثلاثا ومعه أبو بكر، وجعلت قريش فيه حين فقدوه مائة ناقة لمن يرده عليهم، وكان عبد الله بن أبي بكر يكون في قريش نهاره معهم، وإن للهجرة النبوية الشريفة هى علامة فاصلة في تاريخ الإسلام العظيم، ولذلك نجد أن كل من شارك فيها ولو بحظ بسيط قد خلد ذكره في سجلات التاريخ، وكتبت له صفحات مشرقة من المجد، وكيف لا؟
وقد كان لهم نصيب في دعم الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم وصاحبه، في وقت تخلى عنهم القريب والبعيد، وقد عرض كل من قدم المساعدة للنبي صلى الله عليه وسلم، وصاحبه في هجرتهما نفسه للخطر الشديد، فهذه السيده أسماء وهذا عبدالله وهذا عامر بن فهيرة يتحدون قريشا بجبروتها وعظمتها، ويقدمون أدوارا مختلفة، وكان لها الأثر الكبير بعد فضل الله سبحانه وتعالى وقدرته، على نبيه صلى الله عليه وسلم، بالنجاة من أيدي الكَفرة والمجرمين، والانتقال بالدين إلى محضن جديد، وهو المدينة المنورة، ويتلخص دور الصحابى الجليل عبدالله بن أبي بكر الصديق، في الهجرة النبويه المشرفه، وهو أثناء وجود النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر في الغار.
أنه كان عينا لهما على تحركات قريش في بحثها عن النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه، وكان يقوم بدور التسمع لما يدور في مجالس قريش ونواديها، وما يقولونه حول رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه، وما وصلوا إليه من تطورات، وكان ذلك في النهار، أما في الليل، فكان يأتي النبي صلى الله عليه وسلم ووالده في الغار ويخبرهما بأخبار قريش وما سمعه ورآه في النهار، وكان مما ساعدهما في رسم الخطة الدقيقة للهجرة، والتحرك في الوقت المناسب، دون أن يعرضوا نفوسهم للخطر، وهنا يتضح لنا مدى الحس الأمني والحذر الشديدين اللذين كان يتمتع بهما الصحابى الجليل عبدالله بن أبو بكر، فهو مع علمه بخطورة الأعمال التي قام بها في مكة من تسمع لأخبار قريش، ورصد تحركاتها.