الدكرورى يكتب عن ماذا تعرف عن مسجد القبلتين ” جزء 1″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
ماذا تعرف عن مسجد القبلتين ” جزء 1″
إن من نعم الله عز وجل، الجليلة علينا أن هدانا في صلاتنا ودعائنا إلى استقبال بيته الحرام فهي نعمة عظمى ومنّة كبرى هدانا الله عز وجل إليها وأضل عنها غيرنا، ولهذا فإنا يتم حسدنا على هذه النعمة فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر أهل الكتاب ثم قال صلى الله عليه وسلم ” إنهم لا يحسدوننا على شيء مثل حسدهم لنا على يوم الجمعة الذي هدانا الله إليها وأضلهم عنها، وعلى استقبال بيته الحرام الذي هدانا إليه وأضلهم عنه وعلى قولنا خلف الإمام، آمين ” رواه احمد، ويعود سبب تسميته بمسجد القبلتين إلى أنه في عهد النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم كان هناك جماعة مسلمين يصلون بإتجاه المسجد الأقصى، فنادى بهم منادي على أنه تحول إتجاه القبلة من بيت المقدس وأصبحت القبلة إلى المسجد الحرام.
عن طريق نزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبره بهذا الأمر، وبعد ذلك عمل الصحابة بتحويل أجسادهم ووجوههم إلى المسجد الحرام في مكة، ولقد كان الأمر في بادئ الأمر وأول الإسلام عندما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة كان الأمر في أول الإسلام أن القبلة في الصلاة إلى بيت المقدس وقد قدم النبي صلى الله عليه سلم وصلى فيها مدة طويلة مستقبلا في صلاته بيت المقدس كما أمره ربه عز وجل، ومضى على هذه الحال مستقبلا في صلاته بيت المقدس مطيعا لله عز وجل في أمره وهو صلى الله عليه وسلم ينظر إلى السماء ويحب أن يحوّل إلى بيت الله الحرام، وإن الله عز وجل استجاب لدعاء نبيه الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ورغبته في تحويل القِبلة إلى الكعبة المشرفة، وقيل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
زار أم بشير بن البراء بن معرور، فتغدى وأصحابه وجاءت الظهر، فصلى بِأصحابه في مسجد القبلتين ركعتين من الظهر إلى الشام وقد أمره الله عز وجل أن يستقبل الكعبة وهو راكع في الركعة الثّانية، فاستدار إلى الكعبة واستدارت الصفوف خلفه ثم أتم الصلاة، فسمي مسجد القبلتين لهذا، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم، حينها في مسجد بني سلمة، فسمي بهذا الاسم لأن النبي صلى الله عليه وسلم تحول فيه من القبلة الأولى وهي بيت المقدس إلى الكعبة المشرفة، وإن الله عز وجل، جعل حكمة في كل شيء قدره، وقد كان في تحويل قبلة المسلمين من بيت المقدس إلى الكعبة المشرفة اختبارا وابتلاء لقلوب الناس كافة، المسلمون والمنافقون والمشركون واليهود، فأما المسلمون فلم يتردد أحد منهم باتباع أمر الله عز وجل، وتوجيه النبي صلى الله عليه وسلم.
وأما المنافقون فقالوا إن محمدا صلى الله عليه وسلم لا يعلم أين يستقر وما هي حقيقة دينه وصلاته، وأما اليهود فلم يعجبهم أن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، كان على قبلة ثم تحول عنها، وقد زعموا أنه لو كان نبيا لثبت على قبلة بيت المقدس، وأما المشركون فقالوا رجع محمد إلى قبلتنا ويوشك أن يعود إلى ديننا كذلك، فاختلفت مواقفهم وظهرت خفايا قلوبهم، وكانت أيضا دلالة على نبوة النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، إذ أخبر الله عز وجل، نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، قبل تحويل القبلة عن موقف اليهود وماذا سيقولون حين تتغير القبلة وهو أمر غيبى لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يعرفه لولا أن الله عز وجل أخبره به، وكانت تحويل القبله هى تمييزا للمسلمين وإعطائهم صفة أمة الوسط، فكما أن أمة الإسلام أمة وسطية.
في الفكر والاعتقاد وفي البعد عن أي غلو مادي وروحي، فهي أيضا وسطية في المكان، فهي تتوسط الأقطار بين الشرق والغرب والشمال والجنوب، وكذلك كانت تثبيتا وتحقيقا لمعنى نهي الإسلام اتباع المسلمين لغيرهم وتشبههم بغيرهم من الأديان، فتحويل القبلة إلى الكعبة المشرفة كان تمييزا للمسلمين، وإفرادهم في عبادتهم المرتبطة بالكعبة المشرفة، وكذلك تربية للمسلمين، إذ كانوا قبل الإسلام يعظمون ويجلون الكعبة المشرفة تعصبا لقوميتهم وعروبتهم، فجعل الله عز وجل، قبلتهم في البداية إلى بيت المقدس، ثم ربطهم بالكعبة المشرفة برباط الدين والعقيدة وليس برباط القومية.