الدكروري يكتب عن رمضان شهر القرآن الكريم ” جزء 3″
بقلم / محمـــد الدكــروري
رمضان شهر القرآن الكريم ” جزء 3″
ونكمل الجزء الثالث مع رمضان شهر القرآن الكريم، وأريد أن أذكر من لم يكن مؤهلا لشيء من ذلك أنه زالت أمامه أبواب أخرى للجهاد بالقرآن الكريم وهذا عمل جليل لأن ما يسمى بالمعركة الثقافية لكسب قلوب الناس ما تزال تزداد احتداما في عصرنا فالغرب يستعمل كل ما لديه من وسائل إعلامية لنشر ثقافته وما يسميه بقيمه، والمسلمون يتأثرون بهذه الثقافات في معتقداتهم وأفكارهم وأزيائهم وسائر أنواع سلوكهم، لكن المسلمين أيضا يؤثرون في الغرب وسائر البلاد غير الإسلامية تأثيرا عميقا مرتكزا أساسا على دينهم، وآية ذلك أن الكثيرين منهم إذا عرفوا الحق لم يأبهوا لما يرونه من دعايات رسمية وغير رسمية ضد الإسلام، بل آمنوا به كله فصاروا يصلون ويصومون ويزكون ويحجون فعلى المسلم أن يدخل هذه المعركة إن لم يكن قد دخلها من قبل.
وعليه أن يزيد من جهده في شهر الصيام إن كان ممن شرفهم الله تعالى بدخولها، وإن المسلم الصادق العارف بما يدور فى عالمه لا يمكنه أن يقف متفرجا، فى هذه المعركة الثقافية التى تدور رحاها بين المسلمين وخصومهم وأعدائهم، لا يمكنه أن يظل متفرجا وهو يرى أولئك الخصوم لا يكتفون بنشر أباطيلهم، بل يتعدون ذلك إلى تشويه الإسلام تشويها نرى آثاره على كثير من الناس في بلادنا وبلادهم، وإن ما يطلبه الكفار الآن من المسلمين هو عكس ما يأمرهم به دينهم إنهم يطلبون منهم أن لا يدافعوا عن أراضيهم حتى لو غزوا في عقر دارهم وإلا كانوا إرهابيين مجرمين، بل صاروا يقرنون بين الجهاد والإرهاب فيسمون الكثيرين ممن يصفونهم بالإرهابيين جهاديين وصاروا يطلبون من المسلمين أن لا يدافعوا عن دينهم أو يردوا على الكافرين به.
حتى بالكلمة وإلا كانوا متطرفين مفرقين للناس غير راضين بالتعايش السلمي معهم لكن ديننا يعلمنا أن هنالك فرقا بين أن تسالم أعداء دينك، وأن تعترف لهم بباطلهم فالمطلوب من المسلمين أن يعيشوا في سلام مع من كل من يريد أن يعيش معهم في سلام، لكن المطلوب منهم فى الوقت نفسه أن يقوموا بتبليغ رسالة نبيهم، وأن يبلغوها بالتى هي أحسن، ولا تضاد بين هذا وذاك، إذ أن هنالك فرقا بين المسالمة والمداهنة، فقال تعالى فى سوررة البقرة ” شهر رمضان الذى أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون” ثم بين الله تعالى أيام الصيام فقال شهر رمضان رفعه على معنى هو شهر رمضان.
وقال الكسائي كتب عليكم شهر رمضان وسمى الشهر شهرا لشهرته وأما رمضان فقد قال مجاهد هو اسم من أسماء الله تعالى ويقال شهر رمضان كما يقال شهر الله والصحيح أنه اسم للشهر سمى به من الرمضاء وهى الحجارة المحماة وهم كانوا يصومونه في الحر الشديد فكانت ترمض فيه الحجارة فى الحرارة وقوله تعالى” الذى أنزل فيه القرآن” سمي القرآن قرآنا لأنه يجمع السور والآى، والحروف وجمع فيه القصص والأمر والنهى والوعد، والوعيد، وأصل القرء الجمع وقد يحذف الهمز منه فيقال قريت الماء، فى الحوض إذا جمعته وقرأ ابن كثير ” القران” بفتح الراء غير مهموز وكذلك كان يقرأ الشافعى ويقول ليس هو من القراءة ولكنه اسم لهذا الكتاب كالتوراة والإنجيل وروى عن مقسم عن ابن عباس رضى الله عنهما أنه سئل عن قوله عز وجل.
“شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن” وعن قوله تعالى فى سورة القدر” إنا أنزلناه في ليلة القدر” وقوله فى سورة الدخان ” إنا أنزلناه في ليلة مباركة ” وقد نزل فى سائر الشهور، وقال عز وجل فى سورة الإسراء” وقرآنا فرقناه ” فقال أنزل القرآن جملة واحدة من اللوح المحفوظ فى ليلة القدر من شهر رمضان إلى بيت العزة فى السماء الدنيا ثم نزل به جبريل عليه السلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم نجوما فى ثلاث وعشرين سنة فذلك قوله تعالى فى سورة ” فلا أقسم بمواقع النجوم” وقال داود بن أبي هند قلت للشعبى شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن أما كان ينزل في سائر الشهور؟ قال بلى ولكن جبرائيل كان يعارض محمدا صلى الله عليه وسلم فى رمضان ما نزل إليه فيحكم الله ما يشاء، ويثبت ما يشاء وينسيه ما يشاء.