الدكروري يكتب عن رمضان شهر القرآن الكريم ” جزء 6″
بقلم / محمـــد الدكــروري
رمضان شهر القرآن الكريم ” جزء 6″
ونكمل الجزء السادس مع رمضان شهر القرآن الكريم، وقبل أن نشير إلى أساسيات الحفاظ على البيئة من منطلق إسلامى، يلزم توصيف حال البيئة على مستوى النشاط البشرى، وما أعقبه من ظهور التلوث فى منازلنا وكافة أوجه أنشطتنا من إسراف فى استخدام الماء، وإنتاج الطعام المحور وراثيّا، ولعل من أخطر المشاكل التى تهدد المناخ على مستوى العالم مشكلة الاحتباس الحرارى وأثرها على التنمية والزراعة، ولقد خلق الله الأرض بأغلفتها المختلفة فمنها ما يتعلق ببنية الأرض من قشرة ووشاح ولب، ومنها الغلاف الهوائى والغلاف المائى، والغلاف الحياتى، وخلق الله الأرض وجعلها صالحة للحياة، فى ذاتها، ولغيرها من الخلائق، ولأول مرة فى تاريخ البشرية يسعى الإنسان سعيا حثيثا لتخريب تلك البيئة الصالحة، ويغير من مناخها، ولقد كرّم الله بنى آدم.
وجعلهم خلائف فى الأرض، وقد جعل الله الأرض مهدا وقرارا، وفراشا وبساطا، وجعل السماء سقفا محفوظا، وبناء مخصوصا، وسخر الله للإنسان كل شيء، السماء وأجرامها، والأرض وخيراتها، كل مسخر للإنسان فيقول تعالى كما جاء فى سورة البقرة ” هو الذى خلق لكم ما فى الأرض جميعا ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات وهو بكل شئ عليم ” وقال تعالى أيضا كما جاء فى سورة الجاثية ” وسخر لكم ما فى السماوات وما فى الأرض جميعا منه إن فى ذلك لأيات لقوم يتفكرون” ثم أفاض الله على عباده، وفصل فى كتابه العزيز أوجه التسخير، سخر الشمس والقمر، وسخر الفلك تجرى في البحر لمنفعة الإنسان، وسخر الأنهار، وسخر الليل والنهار، وإن الله تعالى استخلف الإنسان فى الأرض ليستمتع بكل ما فيها وفق شرع الله.
ومن ثم يجب على الإنسان أن يحفظ أمانة الاستخلاف، فيراعي التوسط والاعتدال، ولا يفسد في الأرض، وينهى عن الفساد، ويحرص الإسلام على مبدأ هام، ألا وهو عمارة الأرض، والسعى فيها بجد ونشاط، ويأمر بالتعاون على البر والتقوى، وعدم التعاون على الإثم والعدوان، ويحرص الإسلام أشد الحرص على المحافظة على ثروات الأرض المختلفة زراعية، وصناعية، ومائية، وإن الإنسان أعلى قيمة يحرص عليها الإسلام، ويحرص على الموارد البشرية، والإسلام يدعو إلى إصلاح الأرض وعدم الفساد، والإسلام ينهى عن الفساد في الأرض، ويتضح ذلك فى آيات كثيرة، والفساد نوعان، فساد معنوى يتعلق بالظلم والبغي والمنكر، وفساد مادى في الأرض ذاتها في مائها، وهوائها، وتربتها، والشق الأخير هو الذى يعبر عنه اليوم بتلوث البيئة.
ويقول تعالى كما جاء فى سورة الأعراف ” ولا تفسدوا فى الأرض بعد إصلاحها وادعوه خوفا وطمعا إن رحمت الله قريب من المحسنين” وقال تعالى كما جاء فى سورة الأعراف ” ولا تفسدوا فى الأرض بعد إصلاحها ذلكم خير لكم إن كنتم مؤمنين” وقد خلق الله كل شيء فى الأرض صالحا فى ذاته، صالحا لغيره من الخلائق، وللأسف فإن الإنسان تدخل بنفسه فى إفساد الأرض، يفسد مناخ الأرض، يقدم على تحويل مساحات واسعة من الغابات إلى أراضى زراعية أو رعوية، ويجرف الأرض الزراعية، ويستنزف موارد المياه الجوفية، ويسبب تصحر الأرض، ويسىء خزن الماء خلف السدور، ويبالغ فى استهلاك الوقود الحفرى، هكذا جاء الإنسان اليوم فأفسد بما كسبت يداه الأرض الصالحة، وظهرت الآية واضحة جلية كما جاء فى سورة الروم.
” ظهر الفساد فى البر والبحر بما كسبت أيدى الناس ليذيقهم بعض الذى عملوا لعلهم يرجعون” وإن نعم الله لا تعد ولا تحصى فيقول تعالى كما جاء فى سورة النحل ” وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الله لغفور رحيم” ألم يجعل الله ألأرض مهادا وفراشا وقرارا وكفاتا؟ ألم ينزل للناس من السماء ماء طهورا مباركا بقدر معلوم؟ من أرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته؟ من يحيى الأرض بعد موتها؟ فلينظر الإنسان إلى طعامه وكيف تشق الأرض شقا، ويصب الماء فيها صبا، فتخرج منها ثمرات كل شيء نعمة من الخالق الرازق، وعن أبي هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم قال “إذا دخل رمضان صفدت الشياطين وفتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب النار ” وعن أبي هريرة قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إذا كان أول ليلة في شهر رمضان صفدت الشياطين، ومردة الجن وغلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب وينادي مناد يا باغى الخير أقبل ويا باغى الشر أقصر ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة “