الدكروري يكتب عن رمضان شهر القرآن الكريم ” جزء 8″
بقلم / محمـــد الدكــروري
رمضان شهر القرآن الكريم ” جزء 8″
ونكمل الجزء الثامن مع رمضان شهر القرآن الكريم، هذا وقد بقيت فى القرآن والسنة شواهد أخرى، ما زال العلم عاجزا عن اكتشاف أسرارها، وسيأتى اليوم الذى يكشف عنها العلم إن شاء الله تعالى، وإن هناك بعض الآيات من كتاب الله العزيز، والتى تحمل بين طياتها دلائل وشواهد من الإعجاز العلمى للقرآن الكريم، فمن الآيات التى تدل على الإعجاز العلمي للقرآن ، قول الله تعالى كما جاء فى سورة الأنبياء ” وجعلنا فى الأرض رواسى أن تميد بهم وجعلنا فيها فجاجا سبلا لعلهم يهتدون” وقول الله تعالى، كما جاء فى سورة النحل ” وألقى فى الأرض رواسى أن تميد بكم وأنهارا وسبلا لعلكم تهتدون” وقول الله تعالى كما جاء فى سورة النبأ “والجبال أوتادا” وأنه قد تبين للعلماء منذ عهد قريب،أن ثلثى أى جبل مغروس في أعماق الأرض، وثلثه فقط هو البارز فوق سطح الأرض.
ولذا فقد شبه الله تعالى الجبال بالأوتاد، التى تمسك الخيمة بالأرض، كما في الآيات السابقة وغيرها، فهذه الآيات ،تبين لنا دور الجبال بالنسبة للأرض فقد جعلها الله مثبتات لها ،حتى لا تضطرب فهي كالأوتاد التى تمسك الخيمة من الاضطراب والسقوط، وكما لاحظ العلماء أن امتداد الجبال في باطن الأرض، يزيد عن ارتفاعها فوق سطحها، مما يمكن هذه الجبال من القيام بدورها في تثبيت الأرض، كما تقوم الأوتاد بتثبيت الخيمة، فيقول تعالى ” شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون” وفى قوله تعالى شهر رمضان قال أهل التاريخ أن أول من صام رمضان.
هو نبى الله نوح عليه السلام لما خرج من السفينة، وقد تقدم قول مجاهد بأنه كتب الله رمضان على كل أمة ومعلوم أنه كان قبل نبى الله نوح أمم، والله أعلم، والشهر مشتق من الإشهار لأنه مشتهر لا يتعذر علمه على أحد يريده، ومنه يقال شهرت السيف إذا سللته، ورمضان مأخوذ من رمض الصائم يرمض إذا حر جوفه من شدة العطش والرمضاء ممدودة وهى شدة الحر، ومنه الحديث ” صلاة الأوابين إذا رمضت الفصال” رواه مسلم، ورمض الفصال أن تحرق الرمضاء أخفافها فتبرك من شدة حرها، فرمضان فيما ذكروا وافق شدة الحر، فهو مأخوذ من الرمضاء، وقال الجوهرى وشهر رمضان يجمع على رمضانات وأرمضاء، ويقال إنهم لما نقلوا أسماء الشهور عن اللغة القديمة سموها بالأزمنة التي وقعت فيها، فوافق هذا الشهر أيام رمض الحر فسمي بذلك.
وقيل إنما سمى رمضان لأنه يرمض الذنوب أى يحرقها بالأعمال الصالحة، من الإرماض وهو الإحراق ومنه رمضت قدمه من الرمضاء أى احترقت، وأرمضتنى الرمضاء أى أحرقتنى، ومنه قيل أرمضنى الأمر، وقيل لأن القلوب تأخذ فيه من حرارة الموعظة والفكرة فى أمر الآخرة كما يأخذ الرمل والحجارة من حر الشمس، والرمضاء هى الحجارة المحماة، وقيل هو من رمضت النصل أرمضه وأرمضه رمضا إذا دققته بين حجرين ليرق ومنه نصل رميض ومرموض، وسمي الشهر به لأنهم كانوا يرمضون أسلحتهم في رمضان ليحاربوا بها في شوال قبل دخول الأشهر الحرم، والخبر الذى أنزل فيه القرآن، أو يرتفع على إضمار مبتدأ، المعنى هو المفروض عليكم صومه شهر رمضان، أو فيما كتب عليكم شهر رمضان، ويجوز أن يكون شهر مبتدأ.
والذى أنزل فيه القرآن صفة، والخبر فمن شهد منكم الشهر، وأعيد ذكر الشهر تعظيما، كقوله تعالى “الحاقة ما الحاقة” وجاز أن يدخله معنى الجزاء، لأن شهر رمضان وإن كان معرفة فليس معرفة بعينها لأنه شائع فى جميع القابل، وروى عن مجاهد وشهر بن حوشب نصب شهر، ورواها هارون الأعور عن أبى عمرو، ومعناه الزموا شهر رمضان أو صوموا، والذى أنزل فيه القرآن نعت له، ولا يجوز أن ينتصب بتصوموا، لئلا يفرق بين الصلة والموصول بخبر أن وهو خير لكم، الرمانى يجوز نصبه على البدل من قول أياما معدودات، وقد اختلف هل يقال رمضان دون أن يضاف إلى شهر، فكره ذلك مجاهد وقال يقال كما قال الله تعالى وفي الخبر، لا تقولوا رمضان بل انسبوه كما نسبه الله في القرآن فقال شهر رمضان، وكان يقول بلغني أنه اسم من أسماء الله.