الدكروري يكتب عن رمضان شهر القرآن الكريم ” جزء 10″
بقلم / محمـــد الدكــروري
رمضان شهر القرآن الكريم ” جزء 10″
ونكمل الجزء العاشر مع رمضان شهر القرآن الكريم، وروى ابن وهب عن مالك فى الذى يرى هلال رمضان وحده أنه يصوم لأنه لا ينبغى له أن يفطر وهو يعلم أن ذلك اليوم من شهر رمضان، ومن رأى هلال شوال وحده فلا يفطر لأن الناس يتهمون على أن يفطر منهم من ليس مأمونا، ثم يقول أولئك إذا ظهر عليهم قد رأينا الهلال، وكذلك قال ابن المنذر وبهذا قال الليث بن سعد، وأحمد بن حنبل، وقال عطاء وإسحاق لا يصوم ولا يفطر، وقال ابن المنذر يصوم ويفطر، واختلفوا إذا أخبر مخبر عن رؤية بلد، فلا يخلو أن يقرب أو يبعد، فإن قرب فالحكم واحد، وإن بعد فلأهل كل بلد رؤيتهم، وروى هذا عن عكرمة والقاسم وسالم وروى عن ابن عباس، وبه قال إسحاق، وإليه أشار البخاري حيث بوب لأهل كل بلد رؤيتهم، وقال آخرون إذا ثبت عند الناس.
أن أهل بلد قد رأوه فعليهم قضاء ما أفطروا، هكذا قال الليث بن سعد والشافعى، قال ابن المنذر ولا أعلمه إلا قول المزنى والكوفى، ولقد شغل الإعجاز فى القرآن الكريم والسنة النبوية الباحثين والعلماء في الدراسات الإسلامية، في هذه الأيام، أكثر من أى وقت مضى، وخاصة الإعجاز العلمى، ولذلك لأسباب منها هو أن الإسلام وعقائده ورموزه يتعرض لهجمة شرسة تريد اقتلاعه من النفوس، وإبعاد أصحابه عنه لأسباب سياسية واقتصادية، ورغبة فى الهيمنة على أرضه وثرواته، وهم يعلمون ما له فى النفوس من قوة وأثر، قَدرت في الماضي على صد، كل الهجمات القادمة من الخارج، والصمود فى زمن المحن، والصبر على الشدائد، حتى تَم إبعاد الخطر عن ديار الإسلام، ومن هنا كانت شراسة الحملة وعنفوانها ومساحتها وتصميمها على هدمه في النفوس لتتحقق أهدافها.
أما الكشوف العلمية التي جاءت في هذا العصر برهانا قاطعا وصادقا يؤيد حقائق القرآن الكريم والسنة النبوية في تطابق عجيب، عن الإنسان والنبات والكون، فقد أهدت المؤمنين بالإسلام دعاة ومهتمين وأفرادا سلاحا فاعلا وفعالا فى الدعوة إلى الإسلام، وتجديد إيمانهم، وتعزيزه في النفوس، وإمدادهم بالطاقة للثبات على دينهم وسط العواصف المزمجرة، والأنواء الهادرة، واستقبال أعداد كبيرة من الداخلين في الإسلام لما يجدون فيه من القدرة على إنقاذ البشرية وهدايتها إلى الحق، وأنه كلمة الله إلى الإنسانية جمعاء، وهكذا وجد الباحثون مادة تستأثر باهتمام الناس، يؤيد ذلك الجموع الغفيرة التى تستمع إلى محاضرات الإعجاز، وما يحظى به الموضوع من اهتمام فى الصحف والمجلات والمؤتمرات، التى تناقش كل جديد في هذا الميدان.
ولدى مطالعة الباحث لموضوع الإعجاز فى مراجعه قديما وحديثا تراكم لديه كم هائل من المعلومات، تشكل تراثا متراكما ومتكاملا ومتباينا أحيانا والإعجاز في صوره المختلفة البيانى والعلمى والتشريعى والعددى، وغيرها ليس بنفس المستوى من الدلالة على موضوعه وقدرته على التأثير، كما أنها ليست في اتفاق بين الباحثين، هذا كتاب ربنا الذى أنزله إلينا لنقرأه ونتدبره ونعمل بما فيه، فلو تدبرت الأمة هذا الكتاب ورجعت إليه لعزت وسادت، وتخلصت من مشكلاتها وأزماتها، ولكن ما حال أمتنا مع القرآن؟ أين القراءة، وأين التدبر، وأين التحاكم، وأين العمل بهذا الدستور العظيم، فإن هناك هجر كبير وإعراض كثير فهلا من رجعة وأوبة إلى هذا الكتاب تلاوة وتأملا وتحكيما واسترشادا، فيا أيها الصائمون إن قراءة القرآن الكريم عبادة عظيمة.
لها آداب حسنة يستحب للقارئ أن يتمسك بها لكى يكمل أجره ويتم انتفاعه، ومن تلك الآداب، هو إخلاص النية فى القراءة والتمهل فيها طلبا لرضوان الله لا طلبا لحظوظ الدنيا، فعن جابر بن عبد الله قال “دخل النبى صلى الله عليه وسلم المسجد فإذا فيه قوم يقرؤون القرآن قال “اقرؤوا القرآن، وابتغوا به الله عز و جل، من قبل أن يأتى قوم يقيمونه إقامة القدح يتعجلونه ولا يتأجلونه” والمعنى هو اقرأوا القرآن لله تعالى قبل أن يأتى قوم يسرعون فى تلاوته كإسراع السهم إذا خرج من القوس، يطلبون بقراءته عرض الدنيا وأعراضها ولا يريدون به جزاء الآخرة، ومن الآداب أيضا هو الخشوع عند قراءته، وذلك أثر التدبر، وقد يؤدى ذلك إلى البكاء، وهذه صفة أهل العلم العاملين به، فقال تعالى فى سورة الإسراء ” إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجدا، ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا، ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعا”