الدكرورى يكتب عن منهيات شهر رمضان ” جزء 4″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
منهيات شهر رمضان ” جزء 4″
ونكمل الجزء الرابع مع منهيات شهر رمضان، وهكذا يربي الصيام فينا التحكم في النفس، فمن كان سريع الشهوة يعرف من نفسه أنه لا يضبط نفسه، فإنه لا تجوز له المباشرة أى اللمس، وهكذا، فإنه لما كان الأمر يعني الإنزال يحدث بغير قصد كالاحتلام لم يكن فيه شيء أصلا، فلما كان الإنزال عمدا يفطر، وعليه التوبة، وإمساك باقى اليوم، والقضاء، وإذا كان بالجماع، فالكفارة المغلظة، بالإضافة إلى ذلك، فيكون على من وطء في نهار رمضان صيام شهرين ويوم، يوما بدل الذى أفسده، والكفارة صيام شهرين، بينما لو احتلم وأنزل من غير قصد لأن النائم غير مكلف، لم يكن عليه أى شيء، بل لا يضر صحة صيامه أصلا، فانظر إلى رحمته، وانظر إلى حكمته عز وجل، وإن هذا الصيام يعلمنا الفقه، فعندما تحدث المستجدات في عالم الطب، وهذه إبر منها ما هو مغذي.
منها ما هو إبر تطعيم، منها ما هو إبر مسكنة للآلام، ومنها ما هو إبر معالجة لبعض الأمراض، كمعالجة الأنسولين، ولكنها لا تغذى، كانت لها أحكام بحسبها، ومنها ما يدخل الجوف من العلاجات، ومنها ما لا يدخل الجوف، فربما يكون سطحيا فى الجلد، فإن لكل منها أحكام، فنسال الله سبحانه وتعالى أن يفقهنا في ديننا، هذه فرصة لنا فى الأسرة الأب، الأم مع الأولاد رمضان له طعم خاص، فالتربية على الصيام وفي الصيام لها مفعول خاص، فينبغى الآن اغتنام الوقت فى تربية الأولاد من خلال رمضان، بل رمضان فرصة عظيمة للدعوة إلى الله، وعندنا مستخدمون في بيوتنا، وكذلك من زملاء العمل من ليس بمسلم، لما يرى الجو كله من حوله تغير فجأة بالإمساك ولا فنجان قهوة، ولا قهوة الصباح المعتادة، ماذا حدث لكم؟، ماذا صار عندكم؟ سيضطر المسلم أن يشرح.
ويتحول إلى داعية حتى لو لم يكن من قبل يمارس الدعوة ليقول له نحن المسلمون لدينا كذا وعندنا كذا، والحكم كذا، ونتمسك بكذا، وهذه دعوة، قأنت عندما تشرح لماذا لا تتناول الشاى في العمل، والقهوة المعتادة، بل حتى ولا رشفة ماء، وهذا مما يجعل بعض الكفار يعجبون بهذا الدين من خلال الصيام، وقد قام النبى صلى الله عليه وسلم فى رمضان وجمع أصحابه على ذلك، بل ورد فى سنن النسائى فى الحديث الصحيح أيضا أنه صلى الله عليه وسلم جمع نساءه لقيام الليل وهي صلاة التراويح، والتراويح جمع ترويحه، وسميت بذلك لأن السلف كانوا يستريحون بعد كل ركعتين أو أربع ليقوموا إلى الصلاة بتجدد ونشاط، وصلاة قيام الليل فى رمضان جماعة سنة، لا فى غيره، فهذه من خصائص رمضان، وهو الاجتماع على القيام، وكذلك جمع النبى صلى الله عليه وسلم نساءه.
فأيضا اجتماع النساء للصلاة في رمضان في المسجد سنة، صف الأقدام لله تربية لأن القيام فيه تعظيم، وكذلك الركوع والسجود، الانحناء يدل على الخضوع، ومعاني العبودية في الصلاة والصيام واضحة جدا وفي سائر العبادات، وعندما يطول القيام تتذكر يا مسلم يوم يقوم الناس لرب العالمين، يقفون على أقدامهم لا جلوس ولا اتكاء ولا اضطجاع، وليس في ذلك الموقف لأحد معلم، ليس له إلا موضع قدميه، والشمس على رؤوس الخلائق والجبار يأتي لينصب كرسيه لفصل القضاء ومعه جنوده، فقال تعالى فى سورة الفجر ” وجاء ربك والملك صفا صفا وجيء يومئذ بجهنم” فاجتمع على الناس أسباب للحر الزحام، وتقريب النار، ودنو الشمس، والوقوف في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، فيذكرك قيامك هذا الطويل في التراويح، مع أن كثيرا من المساجد تختصر.
في هذه الأيام نصف صفحة فإن جاوز صفحة، وكان الصحابة رضوان الله عليهم يختمون في رمضان مرات في القيام غير التلاوة في النهار، والعباد همم، فمنهم من همته أن يختم في ثلاث، ومنهم من همته أن يختم في خمس أو في أسبوع، ومنهم من همته في الشهر، ومنهم من لا يرجع إلى المصحف إلا في رمضان الذي بعده، ولما قال صلى الله عليه وسلم “من قام رمضان إيمانا ” يعني تصديقا بوعد الله وبثوابه واحتسابا ويعنى طلبا للأجر، وهذه الصلاة التى فيها اجتماع وتعاون، وربما كان في بعض المساجد الكبار أكثر من إمام يتعاونون، فيكون حكم الأئمة المتعاونين كحكم الإمام الواحد بالنسبة لحديث” من صلى مع الإمام حتى ينصرف يعنى يسلم كتب له قيام ليلة” فكأنك قمتها من أولها إلى آخرها، وأنت لم تقم فى الحقيقة منها إلا نحوا من خمس وأربعين دقيقة.