الدكرورى يكتب عن منهيات شهر رمضان ” جزء 5″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
منهيات شهر رمضان ” جزء 5″
ونكمل الجزء الخامس مع منهيات شهر رمضان، ونعم الرجل والمرأة يصليان بالليل، كان بعض السلف يتحسس فراشه ما ألينك ولكن فراش الجنة ألين منك، ثم يقوم إلى صلاته، فيجتمع للمؤمن فى رمضان جهادان لنفسه، جهاد بالنهار في الصيام، وجهاد بالليل فى القيام، فمن جمع بين الجهادين، وُفى يوم القيامة أجره بغير حساب، وقد ذكر سلفنا قاعدة مهمة لأجل تحصيل القيام على ما يرام، فقالوا لا تعصه بالنهار وهو يقيمك بالليل، وأيضا في رمضان لا تعصه بالليل حتى يسلم لك صيام النهار، فإن من الناس من ينصرف من رمضان، وليس له من صيامه إلا الجوع والعطش، وإن العبرة بالنوعية، فهى إحدى عشر ركعة في السنة، ويجوز الزيادة، لكن كان يقرأ مترسلا، إذا مر بآية فيها تسبيح سبّح، وإذا مر بسؤال سأل، وإذا مر بتعوذ تعوذ، والناس من ورائه إذا سكت ليسأل سألوا.
فإذا قرأ أنصتوا فلم يتكلموا، هذا إمامهم، وهذه الصلاة مثنى مثنى، لو أراد الإنسان أن يزيد ووجد في نفسه نشاطا، وقد أوتر مع الإمام، فإنه يصلى مثنى مثنى ما شاء الله أن يصلى، ولا يعيد الوتر، لا وتران في ليلة، وإن المصحف في رمضان شيء عظيم، فهو رفيق للمسلم، يقرأ ويتفكر، فلو كان معك مصحف بهامشه تفسير مختصر، فإنك تجمع بين القراءة ومعرفة المعنى، ولا شك أن معرفة المعنى تزيد الإيمان، وإن في رمضان يخرج كثير من الناس زكواتهم، ولا يجوز تأخير الزكاة وهى زكاة المال إلى رمضان إذا حلت قبل رمضان، ولا شك أن الأجر فى إخراجها في شعبان إذا حلت في شعبان أعظم أجرا من تأخيرها إلى رمضان، ولكن بعض الناس جعل حوله مبتدأً برمضان ومنتهيا به، فهو يخرج الزكاة فيه، وهذا الإخراج للمال كما قال تعالى ” وتحبون المال حبا جما”
وفيه تطهير لها من الشح، كما قال تعالى ” خذ من أموالهم صدقه تطهرهم ” وهذا الإخراج للشح من النفس فيه خير عظيم، ومن يوق الشح فقد وقي شرا عظيما، فقد نجا يوم القيامة لأن الشح منع الحقوق، سواء كانت حقوق مادية أو معنوية، فيجب الوفاء بالحقوق، لكن هذه الزكاة ترى فيها يا مسلم العجب، سواء في الأصناف التي تؤخذ منها، فهي لا تؤخذ من مستعملاتك في الجملة، يعني لا من أثاثك ولا من مراكبك وسياراتك، لا من بيت سكناك، ولا مما أعددته لاستخدامك، لا تؤخذ منها أشياء زائدة عن حاجتك فيها صدقة لإخوانك، ورعاية لهؤلاء المساكين، ولا يخلو مجتمع منهم، إذا هو طهّرك وزكاك بها ورحم إخوانك بها، وجعلها في هذه الأصناف المعينة، وكان فيها إخراج لحقه ومراعاة لحق عباده، وفيها دقة، فهذه العقارات إذا كانت للاستعمال الشخصى لا زكاة فيها.
أما إذا كنت للاستثمار والتأجير فلا زكاة إلا في ريعها لا في أصلها، وإذا كانت للبيع فالزكاة فى أصلها ورقبتها، وهكذا ترى العدل في الإخراج، فيقول لك أهل العلم إذا كان عندك زرع، فإذا كانت السماء تسقيه العشر، وإذا كنت تسقيه أنت نصف العشر، وإذا كان بين بين أخرجت النصف بينهما، وهكذا نجد العدل في الشرع، ونجد الدقة في التصريف، فإن الأصناف الثمانية إذا روعيت كما أمر الله تعالى لن تخرج الزكاة لغير مستحق حقيقى لها، ولو أخرجت زكاة المسلمين حقيقة لما بقى فقير، وبعض الدراسات تقول إنه لا يخرج من أموال الناس في المصارف إلا العشر، وبعضها تقول خمسة في المائة فقط فويل لهم مما كسبت أيديهم وويل لهم مما يمسكون، وكما يوجد قطاع طرق في طرق السفر، يخرجون على الناس يخيفونهم، ويسلبونهم ما لديهم من الأموال، وربما ردوهم إلى الخلف.
فلم يعبروا حتى أن بعض الحجاج كانوا يعودون لأن السبل لم تكن آمنة، فيخرج قطاع الطرق، فيبقون في الطريق، فيرجع الحجاج إلى بلادهم بلا حج، كذلك في رمضان يوجد لصوص وقطاع طرق، يقطعون على الناس أثر العبادة، يسلبونهم حلاوة الإيمان، ويضلونهم بما يعرضونه، ولذلك أراد بعضهم أن يقول في رمضان مقاطعة المسلسلات لأنه ثبت أنها تؤثر في الدين والعقيدة والأخلاق والفضيلة، وأقل ما فيها أنها تلهي عن ذكر الله وعن الصلاة، وربما تأخر بعضهم عن صلاة العشاء والتراويح في المسجد من أجل مسلسل، وهذا باب إذا فتحته تلجه لأنه يجذبك لما بعد بحلقاته، فإذا قطعته من أوله تفرغت واسترحت، والعجب العجاب أن بعض الناس لا يجدون وقتا للجلوس مع أهاليهم إلا بعد الإفطار إلى العشاء والتراويح، ثم ينفقوا بماذا؟ تسمّر هؤلاء على الشاشة.