الدكرورى يكتب عن الأمة الإسلامية والحفاظ على هويتها ” جزء 2″
بقلم / محمـــد الدكـــروى
ونكمل الجزء الثانى مع الأمة الإسلامية والحفاظ على هويتها، وأنه من خلال الواقع الذي نتعايشه نجد أن وعلى الرغم من العولمة التي تواكب العصر في الوقت الحاضر، إلا أنه لا تتواجد ثقافة عالمية واحد يسير على نهجها العالم بأسره، كما إنه من رابع المستحيلات أن تتواجد في إحدى الأيام، حيث تتواجد الكثير من الثقافات الكثيرة على مستوى الأفراد والجماعات والأمم المختلفة، كما تعمل كل ثقافة بشكل تلقائي وانسيابه أو حتى من الممكن أن يتم التدخل من قبل أصحاب هؤلاء الثقافة، حتى يمكن الحفاظ عليها وعلى طبعها الخاص بها، وقيل أنه تم عقد لقاء بين ضابط عربي كبير وقع أسيرا في الحرب، وبين قائد عسكري صهيوني، وكان في هذا اللقاء أنه سأل الضابط العربي مستفسرا.
عن سبب عدم مهاجمة الجيش الصهيوني قريةَ صور باهر القريبة من القدس فأجابه القائد الصهيوني لأن فيها قوة من المتطوعين المسلمين المتعصبين الذين لا يقاتلون لتأسيس وطن كما يفعل اليهود، بل يقاتلون ليستشهدوا في سبيل الله، وعندما سأله الضابط العربي عن الأمر الذي يجعل اليهود يخافون من هؤلاء إلى هذه الدرجة، أجاب القائد اليهودي إنه الدين الإسلامي ثم استدرك قائلا إن هؤلاء المتعصبين، هم عقدة العقد في طريق السلام، الذي يجب أن نتعاون جميعا لتحقيقه، وهم الخطر الكبير على كل جهد يبذل لإقامة علاقات سليمة بيننا وبينكم، إن أوضاعنا وأوضاعكم لن تستقر، حتى يزول هؤلاء، وتنقطع صرخاتهم المنادية بالجهاد والاستشهاد في سبيل الله.
هذا المنطق الذي يخالف منطق القرن العشرين، قرن العلم والمعرفة وهيئة الأمم والرأي العام العالمي وحقوق الإنسان، وهذه ثمة مخاوف تصل إلى حد الرهاب والهلع من الإسلام الذي يعرفه الأعداء كما يعرفون أولادهم، وإن للهوية الإسلامية أثر في تشكيل ثقافة الفرد وصناعة أفراد يعتزون بأمتهم وتاريخهم العريق المجيد، وخير مثال على ذلك ما فوجئت به فرنسا بعد أكثر من قرن من عمليات الإبادة والقهر والتخويف بأن مجموعة من الأفراد تقاطروا في إحدى المدن الجزائرية حيث خرجوا إلى الشوارع يرفعون شعار الجزائر تعود لك يا محمد، وتحدث الباحثون أن أهم انجازات ثورة الجزائر أنها أوضحت لفرنسا ولكل العالم أن الهوية الإسلامية لا يمكن ان تنتزع من نفوس آمنت بالله.
وذاقت حلاوة الإيمان، فالهوية الإسلامية لها عظيم الأثر في تشكيل الثقافة الإسلامية لدى الفرد المسلم حيث يوقن ذلك الفرد أنه مسلم عزيز بإيمانه ومستقل به عن الآخرين، فيتمسك بإسلامه ودينه ويحافظ عليه، ويدعو الكافرين للدخول في هذا الدين العظيم، ويعرض عليهم صفاء هذا الدين وطهر عقيدته، وبهذا يوالي ويعادي من خلال عقيدته وهويته، ويدرك ان جميع أبناء المسلمين إخوة له في العقيدة والهوية، وهناك الهوية الوطنية والديموقراطية، فمن خلال الديمقراطية تكتسب الهوية الدفاع عن نفسها حيث تسمح بالهوية بالتعبير عن نفسها من خلال أصحابها، كما لا يكون هناك أي قيود على حرياتهم في التعبير والدفاع عن هويتهم الخاصة بهم.
كذلك هي تعطي الحرية للجميع دون قمع لأي شخص او كبت لحرياتهم في التعبير عن هويتهم الخاصة بهم، وبالتالي أصبحت الديمقراطية جزأ لا يتجزأ من الهوية الوطنية، وإن الهوية وما تحتوي من معاني سامية وأفعال متعددة وتحصل على صلاحيتها من سلسة تفاعلات من الأفعال، كما أنه يضاف إليها دائما خصائص متعددة فهذا الأمر دائم ومستمر، ما دام أن البلدان قائمة وتوجد حياة، كذلك هي بذلك لا تكون جامدة بل إنها تتطور بتطور العصر، فالتطور يأتي نتيجة العديد من الأفعال والتصرفات والتي يرويها لنا التاريخ من أبطال أهلها، وبالتالي فالهوية تتطور بتطور التاريخ والحركات التي تحدث فيه والحركات والانعطافات، والأحداث التي تتعرض لها الأوطان.