الدكرورى يكتب عن طلحه بن عبيد الله القرشي ” جزء 4″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
ونكمل الجزء الرابع مع طلحه بن عبيد الله القرشي، وكان لطلحة أحد عشر ولدا وأربع بنات، وكان يُسمي أبناءه بأسماء الأنبياء، فمنهم محمد بن طلحة السجاد وعمران بن طلحة وموسى بن طلحة وعيسى بن طلحة، وغيرهم، وكان يقال له ولأبي بكر الصديق رضي الله عنهما القرينان، وذلك بسبب ربطهم بحبل واحد من قبل نوفل بن خويلد بسبب إسلامهما، وكان معروفا بالجود والكرم، فكان يلقب بطلحة الخير، وطلحة الجود، وطلحة الفياض، ولقد كان لطلحة بن عبيد الله رضي الله عنه مكانة كبيرة، فهو أحد العشرة المبشرين بالجنة، فعن عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه، قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
“أبو بكر فى الجنة، وعمر فى الجنة،وعثمان فى الجنة، وعلى فى الجنة، وطلحة فى الجنة، والزبير فى الجنة، وعبد الرحمن بن عوف فى الجنة، وسعد بن أبى وقاص فى الجنة، وسعيد بن زيد فى الجنة، وأبو عبيده بن الجراح فى الجنة ” وقد ولد طلحة رضي الله عنه في مكة، في بيئة قرشية، فهو يجتمع في النسب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في كعب بن لؤي، ونشأ كمعظم أهل قريش يعمل بالتجارة، حيث يذهب إلى الشام لشراء البضائع من هناك، ليتاجر فيها عند عودته لمكة، التي تعتبر مقصدا للعرب، لوجود الكعبة فيها، وذلك قبل الإسلام، وقد هاجر الصحابى الجليل طلحة رضي الله عنه إلى المدينة، حين أمر المسلمون بالهجرة، ثم شهد المشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، عدا غزوة بدر.
فإن الرسول صلى الله عليه وسلم كان قد ندبه ومعه سعيد بن زيد رضي الله عنه لمهمةٍ خارج المدينة، ولما أنجزاها، ورجعا قافلين إلى المدينة، كان النبي صلى الله عليه وسلم، وصحبه عائدين من غزوة بدر، فآلم نفسيهما أن يفوتهما أجر مشاركة الرسول صلى الله عليه وسلم بالجهاد في أولى غزواته، لكن الرسول صلى الله عليه وسلم أهدى إليهما خبرا لتطمينهما، حين أنبأهما أن لهما من المثوبة والأجر مثل ما للمقاتلين تماما، بل وقسم لهما من غنائم المعركة مثل من شهدوها، ولقد عاش الصحابى طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه وسط الجماعة المسلمة، يعبد الله مع العابدين، ويجاهد في سبيله مع المجاهدين، ويرسي بساعديه مع سواعد إخوانه قواعد الدين الجديد.
الذي جاء ليخرج الناس من الظلمات إلى النور، وفي جميع المشاهد والغزوات، كان طلحة رضي الله عنه في مقدمة الصفوف يبتغي وجه الله، ويفتدي راية رسوله صلى الله عليه وسلم، وكان طلحة رضي الله عنه في مقدمة الصفوف في غزوة أحد، التي شهدت كل جبروت قريش، وكل بأسها حيث جاءت تثأر ليوم بدر وتؤمن مصيرها، وتريد إلحاق هزيمة بالمسلمين، ودارت حرب طاحنة سرعان ما غطت الأرض بحصادها الأليم، وأبصر طلحة جانب المعركة التي يقف فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فألفاه قد صار هدفا لقوى الشرك والوثنية، فسارع نحو الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم من بعيد يسيل من وجنته الدم.
ويتحامل على نفسه، فجنّ جنونه، وقطع طريق الهول في قفزة أو قفزتين، وأمام الرسول صلى الله عليه وسلم، وجد ما يخشاه، سيوف المشركين تلهث نحوه، وتحيط به تريد أن تناله بسوء، فأخذ يصد المشركين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويتلقى الضربات هو بنفسه حتى أصيب في ذراعه وقطعت أصبعه وهو يدافع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعندما تولى أبو بكر الصديق رضي الله عنه الخلافة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسار على نهجه وهديه، وكان طلحة رضي الله عنه في مقدمة معاوني أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وكان كذلك مع الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وكان مشهورا عنه البذل والعطاء.