يكتب الدكروري في سلسلة مقالات عن الطريق إلى الإنحراف ” جزء 1″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
لقد امتن الله عز وجل على عباده بنعم كثيرة، وسخر لهم كل شيء في الكون من أجل طاعته وعبادته، فكل هذه النعم التي لا تعد ولا تحصى، وتلك النعم التي تترى على العباد جعلها الله تعالى عونا لهم على السير إلى طلب رضاه ونيل جنته، لكن بعض الناس أساءوا استخدام تلك النعم فاستعملوها في معصيته، وتقربوا بها إلى غضبه ومقته، ومنها تلك الأجهزة الحديثة التي تتابعت على المسلمين من كل حدب وصوب من جوالات، وأجهزة فيديو وتلفاز، وإنترنت، واستعملوا تلك الوسائل في غير مرضات الله، فحاد الكثير عن طريق الخير وسلكوا طريق الغي والضلال، ومن تلكم الوسائل التي فتحت للناس أبواب العالم كله، ويسرت لهم الكثير من الأمور الشبكة العنكبوتية الإنترنت.
فهذه الخدمة قدمت لكثير من الناس منافع كثيرة من تيسير في التعاملات وتحصيل العلوم النافعة، والانتفاع بالأبحاث المفيدة، والاطلاع على أخبار العالم، وغير ذلك من أمور الخير، إلا أنه وعلى الجانب الآخر نجد أن تلك الشبكة العنكبوتية عادت على الكثير من أبناء الأمة بالشر العظيم، وذلك جراء سوء استعمالها، ولا بد من الاعتراف أن الإنترنت أصبح واقعا مفروضا، وعلى الرغم مما فيها من خير فإنها تحمل من المخاطر الشيء الكثير، ولا شك أن تجاوز هذه المخاطر يكون بالقيام في غرس عقيدة الإيمان بالله واليوم الآخر، مع زرع خوف الله ومراقبته في نفوس الشباب، وتربيتهم على الرغبة فيما عند الله من الأجر والثواب والعمل على ربط شباب الأمة بعلمائها وأصحاب الشأن فيها.
وتنمية حب العلم والعمل في نفوسهم، والحرص على إبراز شخصية الشاب المسلم بصورة المسلم الحقيقي، الراغب في إعمار الكون، فاعلموا أيها المؤمنون أنه لا بد من تضافر الجهود للحيلولة دون هذا الخطر الداهم، فبعض الأسر تركت الحبل على الغارب للشباب والفتيات يجلسون أمام الشاشة الساعات الطويلة دون رقيب أو حسيب، ومع أننا نحترم خصوصية الشباب والأطفال ذكوراً وإناثا إلا أنه لا ينبغي بحال أن يُسمح لهم باستخدام الإنترنت وإغلاق الغرف عليهم، بل يكون الإنترنت في مكان مفتوح متاح، لأن يطلع عليه كل واحد من أفراد العائلة، ولا بد من تحديد مدة استخدامه حسب وقت الشباب والفتيات، وأخيرا وبشيء من المتابعة.
وبشيء من التوجيه والإرشاد والتوضيح، يمكن أن نستفيد من خيرات هذه الوسيلة، ونحفظ أبناءنا من شرورها، والله خير حافظاً وهو أرحم الراحمين، وإن الأسرة المسلمة هى المسؤول الأول عن التربية فكل هذه الوسائل وغيرها تشارك في قضية تربية الأجيال والشباب، شئنا هذا أم أبينا، لكن الحق وكل الحق، أن الأسرة المسلمة والبيت المسلم، هو القاعدة الأساس، والعمود الأوحد في هذه القضية كلها، مهما تعددت مدارس التربية، لماذا؟ لأن هذه الوسائل مهما كثر خطرها، وامتد ضررها، فبالإمكان تضييق الخناق عليها، ورد الباطل منها، وإضعاف تأثيرها، وبالإمكان إبعادها من حياتنا والاستغناء عنها إلى مرحلة تربوية صحيحة، تغرس فيها القيم.
وتعلم فيها أصول الإسلام وعقائده، ثم الأهم من ذلك كله أن الله تعالى في كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم بيّن لنا أن الأسرة هي أصل التربية للأجيال وعمودها، فقال تعالى ” قو أنفسكم وأهليكم نارا” وتقوم النظرية الإسلامية في التربية على أسس أربعة،هي تربية الجسم، وتربية الروح، وتربية النفس، وتربية العقل، وهذه الأسس الأربعة تنطلق من قيم الإسلام، وتصدر عن القرآن والسنة ونهج الصحابة والسلف في المحافظة على الفطرة التي فطر الله الناس عليها بلا تبديل ولا تحريف، فمع التربية الجسمية تبدأ التربية الروحية الإيمانية منذ نعومة الأظفار، وقد اهتم الإسلام بالصحة النفسية والروحية والذهنية، واعتبر أن من أهم مقوماتها التعاون والتراحم والتكافل.