عبد الله بن مسعود الهُذلي “جزء 3”

الدكرورى يكتب عن عبد الله بن مسعود الهُذلي “جزء 3”
بقلم / محمـــد الدكـــرورى

عبد الله بن مسعود الهُذلي “جزء 3”

ونكمل الجزء الثالث مع عبد الله بن مسعود الهُذلي، وكان عبد الله بن يدعى بابن أم عبد، وذلك نسبة لوالدته التي صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان ذلك بعد وفاة زوجها في الجاهلية ودخولها للإسلام، وقد ولد رضي الله عنه في مكة المكرمة قبل الهجرة إلى المدينة، وقد كان له ثلاثا من البنين والبنات وهم “عبد الرحمن وأبو عبيدة وسارة” وهم من زوجته زينب الثقفيّة، وقد تولى عبد الله بن مسعود في عهد الخليفة عمر بن الخطاب قضاء الكوفة، واستلم زمام الأمر في بيت مال المسلمين، وكان الصحابي عبد الله بن مسعود من المقربين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو صاحب سر رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى أنه أطلق عليه لقب “صاحب السّواد”

وقد عُرف بورعه وحكمته ولقب على ذلك بفقيه الأمة، وكان رضي الله عنه، شديد النحولة، وضعيف الجسم، ودقيق الساق، وقد كفاه الله سبحانه وتعالى، بشهادة رسوله صلى الله عليه وسلم له، وقد روى علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال ” ذُكر عبد الله بن مسعود عند علي، فذكر فضله فقال إنه ارتقى مرة شجرة أراك يجتني لأصحابِه، قال فضحك أصحابه من دقّة ساقه فقال النبي صلى الله عليه وسلم، ما يضحككم فلهو أثقل في كفَة الميزانِ يوم القيامة من أحد” أى ساق عبد الله بن مسعود فى الميزان يوم القيامه أثقل من جبل أحد، وقد قال عبدالله بن مسعود ” دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يوعك وعكا شديدا، فمسسته بيدي، فقلت يا رسول الله، إنك لتوعك وعكا شديدا؟

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” أجل، إني أوعك كما يوعك رجلان منكم ” فقلت ذلك أن لك أجرين؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “أجل” ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” ما من مسلم يصيبه أذى، مرض فما سواه، إلا حط الله له سيئاته، كما تحط الشجرة ورقها ” وعن ابن مسعود، قال كنت أرعى غنما لعقبة بن أبي معيط، فمر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر الصديق، فقال “يا غلام، هل من لبن؟ ” قال قلت نعم، ولكني مؤتمن، قال ” فهل من شاة لم ينز عليها الفحل؟ ” فأتيته بشاة، فمسح ضرعها، فنزل لبن، فحلبه في إناء، فشرب، وسقى أبا بكر، ثم قال للضرع ” اقلص ” فقلص، قال ثم أتيته بعد هذا، فقلت يا رسول الله، علمني من هذا القول.

قال فمسح رأسي، وقال ” يرحمك الله، فإنك غُليم معلم ” وعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه، قال، قال لي النبي صلى الله عليه وسلم ” اقرأ عليّ القرآن” قلت أقرأ عليك، وعليك أنزل؟ قال صلى الله عليه وسلم ” إني أحب أن أسمعه من غيري” ولقد كان عبد الله بن مسعود رضي الله عنه تقيا ورعا، حافظا لكتاب الله، وكان يتصف بقصر طوله ونحالة جسده، كما كان يروي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان رضي الله عنه شديد الأمانة في الرواية عنه صلى الله عليه وسلم، حتى أنه كان يخشى تمام الخشية أن ينطق بحرف لم ينطق به النبي صلى الله عليه وسلم، في حديثه، ولذلك فقد روي عن عمرو بن ميمون قال “اختلفت إلى عبد الله بن مسعود سنة.

ما سمعته يحدث فيها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلا إنه حدث ذات يوم بحديث فجرى على لسانه ” قال رسول الله” فعلاه الكرب حتى رأيت العرق يتحدر عن جبهته، ثم قال مستدركا ” قريبا من هذا قال الرسول” كما كان حكيما، وكان الصحابة يحبونه ويوقرونه لعظم أخلاقه وعلمه ونبوغه، وكان هو أول من جهر بالقرآن هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك لما أنزل عليه من وحي الله فصار يجهر به ويدعو أمته إلى الإسلام، ثم الصحابي عبد الله بن مسعود أول من جهر بالقرآن الكريم بعد الرسول صلى الله عليه وسلم من الصحابة، وكان ذلك عند الكعبة المشرفة، وذلك عندما أراد ابن مسعود أن يُسمع كلام الله إلى قريش فذهب إلى الكعبة في وقت الضحى وقريش مجتمعة في أنديتها.