الدكرورى يكتب عن مسلم بن عقيل الهاشمي “جزء 3”
بقلم/ محمـــد الدكـــرورى
مسلم بن عقيل الهاشمي “جزء 3″ونكمل الجزء الثالث مع مسلم بن عقيل الهاشمي، وكانت أخبار هذه التطورات تصل إلى الكوفة التي تحوي على عددا لا بأس به من أنصار الإمام علي، المتحمسين إلى مبايعة الحسين، فاجتمعوا في بيت سليمان بن صرد وكتبوا إلى الحسين ما نصه هو ” بسم الله الرحمن الرحيم، للحسين بن علي من سليمان بن صرد والمسيب بن نجبة ورفاعة بن شداد وحبيب بن مظاهر، وشيعته من المؤمنين والمسلمين من أهل الكوفة، سلام عليك، فإنا نحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد، فالحمد لله الذي قصم عدوك الجبار العنيد الذي انتزى على هذه الأمة فابتزها أمرها، وغصبها فيئها، وتأمر عليها بغير رضا منها، ثم قتل خيارها، واستبقى شرارها.
وجعل مال الله دولة بين جبابرتها وأغنيائها، فبعدا له كما بعدت ثمود، إنه ليس علينا إمام، فأقبل لعل الله أن يجمعنا بك على الحق، والنعمان بن بشير في قصر الإمارة لسنا نجتمع معه في جمعة، ولا نخرج معه إلى عيد، ولو قد بلغنا أنك قد أقبلت إلينا أخرجناه حتى نلحقه بالشأم إن شاء الله، والسلام ورحمة الله عليك” وقد وصلت الرسالة ومعها رسائل أخرى أرسلت من أهل الكوفة أيضا ومن البصرة تدعو الحسين بن على، وفور وصول الرسائل له، كلف مسلم بن عقيل بالذهاب إلى الكوفة والإطلاع على حال أهلها واستعداد المدينة لاستقبال الحسين، وقد تحرك ابن عقيل من مكة حاملا معه رسالة الحسين إلى أهل الكوفة.
وأخذ معه دليلين من أهل الكوفة، لكنهما تاها بالطريق ولقيا حتفهما من العطش، إلا أن مسلم وصل سالما إلى الكوفة، وقد استقبل الكوفيون مسلم بن عقيل بكثير من الحفاوة، وتلا ابن عقيل عليهم كتاب الحسين فخنقتهم العبرات وتعالت نداء المناصرة للحسين، فتروي المصادر أن عدد المبايعيين في ذلك اليوم للحسين بن على قد وصلت إلى ثمانى عشر ألف، فأرسل مسلم برسالة للحسين يطلب منه القدوم إلى الكوفة، وكانت هذه الأحداث تصل إلى مسامع والي الكوفة الأموي، وكان هو النعمان بن بشير، فلم يكن يقوم بشيء غير نصح الناس على المنبر بترك مبايعة الحسين، وكان الأمويين من أهل الكوفة يرون أن النعمان إما ضعيف.
أو أنه يتظاهر بالضعف بفعل عدم اتخاذه اجراءات عسكرية ضد الملتفين حول ابن عقيل، حتى وصل الأمر أن اتهموه وهو على المنبر بالضعف فأجابهم “أن أكون من المستضعفين في طاعة الله أحب إلي من أن أكون من الأعزين في معصية الله” فقام بعض أهل الكوفة بإرسال رسالة إلى يزيد بن معاويه يخبرونه بمجريات الأمور وبما رأوه تقاعسا لأميرهم من والي الكوفة، ومع وصول هذه الكتب إلى يزيد، أشار سرجون، وهو أحد مستشاري يزيد بن معاويه وكان مساعدا لمعاوية، إلى يزيد بعزل النعمان بن بشير، عن ولاية الكوفة وتأمير عبيد الله بن زياد عليها، لوسع حيلته وتدبيره وكان أميرا على البصرة، فسارع يزيد بالأخذ بنصيحة سرجون.
وعين عبيد الله بن زياد، أميرا للكوفة وأمره بالتحرك إليها بسرعة قبل أن تخرج الأمور عن السيطرة، ولم يضيع عبيد الله بن زياد كثيرا من الوقت، فترك على حكم البصرة أخاه عثمان بن زياد، ودخل إلى الكوفة متلثما يلبس عمامة سوداء مقلدا ملابس الحسين ولا يكلم أحدا ويصحبه بضع من أصحابه، وكان أهل الكوفة ينتظرون الحسين فلما رأوا عبيد الله ظنوه الحسين واستقبلوه بالورود، فتحرك الموكب حتى وصل القصر عندها كشف عن هويته الحقيقة لحراس القصر فدخل دار الإمارة وعزل النعمان بن بشير، وما أن علم أهل الكوفة به حتى أصابتهم كآبة وحزن شديد، وقد قام ابن زياد بالخطبة بالناس محذرا إياهم من ما سماه الفتنة.