الدكرورى يكتب عن مسلم بن عقيل الهاشمي “جزء 4”
بقلم/ محمـــد الدكـــرورى
مسلم بن عقيل الهاشمي “جزء 4″ونكمل الجزء الرابع مع مسلم بن عقيل الهاشمي، وما أن علم أهل الكوفة به حتى أصابتهم كآبة وحزن شديد، وقد قام ابن زياد بالخطبة بالناس محذرا إياهم من ما سماه الفتنة، وحذر المناصرين للحسين بالقتل والسجن والملاحقة الشديدة، ثم بعد ذلك بدأ بعملية بث الجواسيس داخل المدينة للوصول إلى مسلم بن عقيل المختبئ هناك، فأرسل شخصا يدعى معقل، ومعه ثلاثة آلاف درهم، وكان يحملها إلى مسلم بن عقيل ويتظاهر بأنه أجنبي جاء من خارج الكوفة، فاستطاع أن يصل إلى مسلم بن عقيل الذي كان موجودا في بيت هانئ بن عروة وهو أحد أنصار الحسين، فأعطاه المال وغادر المكان متجها إلى ابن زياد ليبلغه بمحل اختباء مسلم بن عقيل.
وقد شك ابن عقيل بالرجل فغادر بيت هانئ، وما هي إلا فترة قليلة وأصبحت الدار محاصرة بالشرطة الذين لم يجدوا في الدار إلا هانئ فاعتقلوه، وقد استجوب عبيد الله هانئ بن عروة لمعرفة مكان مسلم بن عقيل إلا أن هانئ لم يفصح عن مكانه قائلا “والله لو كان تحت قدمي ما رفعتها عنه” فأمر مسلم بن عقيل رجاله بالنهوض فنهض معه أربعة آلاف توجهوا جميعهم إلى القصر وحاصروه، فأمر عبيد الله أنصاره بإثارة الشائعات في الكوفة وإخبار الناس حول جيش أموي جرار قادم من الشام سيفتك بكل من يقف ضد الدولة، كما قام برشوة زعماء بعض القبائل، وذلك ليقوموا بتخذيل أقاربهم عن نصرة مسلم وبالفعل حدثت بلبلة كبيرة في الكوفة.
وبدأ الناس بالتفرق من حول مسلم، حتى إذا حان الليل أغدى وحيدا ليس معه أحد، وصار يتجول في أزقة الكوفة لا يدري أين يذهب، وظل مسلم يمشي وحيدا ليس معه من يدله على بيت يختبئ فيه وقد بلغ به الحزن مبلغه فوصل إلى دار امرأة تدعى طوعة، فطلب منها الماء وبعد حديث دار بينهم عرفت أنه مسلم بن عقيل فضربت رأسها من الصدمة وأقسمت على حمايته فاستقبلته في دارها، وكان للمراة ابن من أنصار الأمويين فرأى مسلم في البيت وعرف أوصافه فأسرع لإبلاغ الشرطة بذلك، ولم يمر وقت طويل قبل أن يحاصر منزل ابن عقيل فخرج ابن عقيل يقاتل الجنود حتى لم يقدروا عليه على كثرة عددهم، فعرض عليه محمد بن الأشعث الأمان.
مقابل أن يرمي سلاحه فقبل ابن عقيل ذلك، فادمعت عيناه عند اعتقاله فهون ابن الأشعث عليه، فقال له “إني والله ما لنفسي أبكي، ولا لها من القتل أرثي، وإن كنت لم أحب لها طرفة عين تلفا، ولكن أبكي لأهلي المقبلين إلي، أبكي لحسين وآل حسين” واقتادوا ابن عقيل إلى قصر الإمارة حيث عبيد الله بن زياد الذي لم يكثرت للأمان الذي وُعد به ابن عقيل فأمر بقتله ورموه من فوق القصر وكان ذلك في التاسع من شهر ذي الحجة سنو ستين من الهجره، وتقول الكتب إن مسلم بن عقيل هو أول من استشهد من أصحاب الحسين بن على فى الكوفة، وقد عرف فيما بعد بأنه سفير الحسين، وقد بعث الإمام الحسين رضوان الله عليه، مسلم ابن عمه سفيرا للكوفة
وبعث معه رسالة قال فيها “وقد بعثت لكم أخي وابن عمّي، وثقتي من أهل بيتى” وكانت مهمة مسلم التي عهد بها إليه هي أخذ البيعة من الناس والتعرف على مجريات الأحداث هناك، فعندما علم بنى أمية بوجود مسلم بن عقيل وأنه يدعو الناس لاتباع الحسين، كالعادة اتخذوا موقفا عنيفا، وهو السعى لقتل مسلم بن عقيل، وبالتالى دس بنو أمية على، مسلم حتى عرفوا مكانه، فخرج الرجال المدججين بالسلاح ضد رجل واحد، فحاصروه فى الكوفة، بينما هو وحيد لا مأمن له، وعندما عثروا عليه ظل يقاومهم وحده، ولما أجهدتهم بسالته طلب منه قائدهم محمد بن الأشعث أن يتوقف عن القتال ويمنحونه الأمان، فألقوا القبض عليه.