الدكرورى يكتب عن مسلم بن عقيل الهاشمي “جزء 6”
بقلم/ محمـــد الدكـــرورى
مسلم بن عقيل الهاشمي “جزء 6″ونكمل الجزء السادس مع مسلم بن عقيل الهاشمي، ولما ألح على أن تخبره بما عندها وهي كاتمة عليه أمرهما، فأخذ يفحص البيت عنهما فوجدهما نائمين، فقال لهما من أنتما؟ قالا إن صدقناك فلنا الأمان؟ قال نعم، فأخذا عليه أمان الله وأمان رسوله صلى الله عليه وسلم، ثم جعلا الله عليه شهيدا ووكيلا فأوقفاه على حالهما، وعند الصباح أمر غلاما له أسود أن يأخذهما الى شاطئ الفرات ويذبحهما ويأتيه برأسيهما، فلما أخذهما الغلام قالا له يا أسود ما أشبه سوادك بسواد بلال مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أتقتلنا ونحن عترة نبيك، وقصّا عليه قصّتهما في السجن وما لاقياه من النصب حتى أضافتهما العجوز، فرقّ الغلام لهما واعتذر منهما ورمى السيف.
وألقى نفسه في الفرات وعبر الى الجانب الآخر فصاح به مولاه، وقال له عصيتني؟ فأجابه قائلا، أنا في طاعتك ما دمت لا تعصي الله فاذا عصيت الله فأنا بريء منك، فلم يتعظ الرجل ولا رقّت لهما بل دعا ابنه وقال له، إنما أجمع الدنيا حلالها وحرامها لك، والدنيا محرص عليها فاضرب عنقي الغلامين لأحضى برأسيهما عند ابن زياد، ولما وقف عليهما الولد قالا له يا شاب أما تخاف على شبابك من نار جهنم ونحن عترة رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، فرقّ الولد لهما وفعل مثل العبد، فقال الرجل، أنا أتولى ذبحكما، فقالا له الغلامان، إن كنت تريد المال، فانطلق الى السوق وبعنا ولا تكن ممن يخاصمك محمد صلى الله عليه وسلم في عترته.
فلم يرجع عن غيّة، فقالا له انطلق بنا الى ابن زياد ليرى فينا رأيه، فأبى، فقالا له ألم ترع حرمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، في آله، فأنكر قرابتهما من النبي صلى الله عليه وسلم، فاستعطفاه لصغر سنهما فلم يرقّ قلبه لهما، فطلبا منه أن يصليا لربهما سبحانه وتعالى، فقال لهما صليا إن نفعتكما الصلاة، وبعد أن فرغا رفعا أيديهما الى الله سبحانه وتعالى وهما يقولان” يا حي يا حليم يا أحكم الحاكمين إحكم بيننا وبينه بالحق” فقدّم الأكبر وذبحه فتمرّغ الأصغر بدمه وقال ” هكذا ألقى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنا مخضّب بدم أخي، ثم ضرب عنقه ورمى ببدنهما في الفرات وأقبل بالرأسين الى ابن زياد وقص عليه ما شاهده منهما.
فاستجاب الله تعالى دعاءهما وحرمه الدنيا والآخرة إذ قال ابن زياد له، إن أحكم الحاكمين حكم بقتلك، وأمر به فأخذ الى الموضع الذي قتل فيه الغلامين فضربت عنقه ونصب رأسه على قناة والصبيان يرمونه بالحجارة ويقولون هذا قاتل ذرية رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد قيل عن الغلامين أنهما من ولد جعفر الطيار وكان اسم أحدهما محمد والآخر ابراهيم، وقد وصل مسلم رضى الله عنه، إلى الكوفة، في الخامس من شوال سنة ستين من الهجره، فنزل في دار المختار بن أبي عبيدة الثقفي، وأقبلت الناس تختلف إليه، فكلما اجتمع إليه منهم جماعة، قرأ عليهم كتاب الإمام الحسين رضى الله عنه، وهم يبكون، وبايعه الناس، حتى بايعه منهم ثمانية عشر ألف.
وقد كتب مسلم رضى الله عنه، كتاب من الكوفة إلى الإمام الحسين رضى الله عنه، وقد جاء فيه ” أما بعد، فإن الرائد لا يكذب أهله، وأن جميع أهل الكوفة معك، وقد بايعني منهم ثمانية عشر ألف، فعجّل الإقبال حين تقرأ كتابي هذا، والسلام” وقد أرسل العملاء إلى يزيد رسائل تخبره عن مجيء مسلم رضى الله عنه، ومنها ” أما بعد، فإن مسلم بن عقيل قد قدم الكوفة، وبايعته الشيعة للحسين بن علي بن أبي طالب، فإن يكن لك في الكوفة حاجة فابعث إليها رجلا قويا، ينفذ أمرك، ويعمل مثل عملك في عدوك، فإن النعمان بن بشير رجل ضعيف أو هو يتضعّف” وقد كتب يزيد بن معاوية رسالة إلى واليه في البصرة، عبيد الله بن زياد، يطلب منه أن يذهب إلى الكوفة.