سمات المؤمنين والمتقين ” جزء 5″

الدكروى يكتب عن سمات المؤمنين والمتقين ” جزء 5″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى

سمات المؤمنين والمتقين ” جزء 5″

ونكمل الجزء الخامس مع

سمات المؤمنين والمتقين، ويقول تعالى” والذين هم للزكاة فاعلون” وربما تكون السورة مكية، نزلت في وقت لم تشرع فيه الزكاة بعد بمعناها المعروف، لذلك نجد إختلافا بين المفسرين في تفسير هذه الآية، ولكن الذي يبدو أصوب هو أن الزكاة لا تنحصر بالزكاة الواجبة الأداء، وإنما هناك أنواع كثيرة منها مستحبة، فالزكاة الواجبة شرعت في المدينة، إلا أن الزكاة المستحبة كانت موجودة قبل هذا، وذهب مفسّرون آخرون إلى إحتمال أن تكون الزكاة واجبة كحكم شرعي في مكة لكن دون تحديد، حيث كان الواجب على كل مسلم مساعدة المحتاجين بما يتمكن، إلا أنه أصبح للزكاة اسلوبها الخاص عقب تشكيل الحكم الإسلامي.

وتأسيس بيت مال المسلمين، حيث تحددت أنصبتها من كل محصول ومال، وأصبح لها جباة يجبونها من المسلمين بأمر من الرسول صلى الله عليه وسلم، أما ما يراه بعض المفسرين أمثال الفخر الرازي والآلوسي في روح المعاني والراغب الاصفهاني في مفرداته من أن الزكاة هنا تعني عمل الخير أو تزكية المال أو تطهير الروح، فبعيد، لأن القرآن المجيد كلما ذكر الصلاة مع الزكاة يقصد بالزكاة الإنفاق المالي، ومن صفات المؤمنين أنه إذا ذكر الله وجلت قلوبهم، وإذا تليت عليهم آيات الله زادتهم إيمانا، وأنهم على ربهم يتوكلون، وأنهم يقيمون الصلاة، وأنهم ينفقون مما رزقهم الله، وكذلك فإن الصفة الأولى للمؤمنين هي ” إذا ذكر الله وجلت قلوبهم”

والوجل هو الخوف في فزع ينشأ منه قشعريرة، واضطراب في القلب، وحينما أراد الشعراء أن يعطوا صورة بهذا الإحساس، نجد شاعرا منهم يقول كأن القلب ليلة قيل يغدي بليلي العامرية أو يراح قطاط غرها شرك تجا ذبه وقد علق الجناح، فالشاعر يصور حالة قلبه حين سمع بنبأ سفر حبيبته، كأنه صار مثل حمامة تحاول أن تخلص نفسها من شبكة أو مصيدة وقعت فيها، إنها تجاذب المصيدة حتى تخرج، وهي ترجف في مثل هذا الموقف، هكذا حال القلب لحظة فراق المحبوبة عند الشاعر، وإذا كان ذكر الله عز وجل يدفع قلوب المؤمنين إلى الوجل، ألا يتنافى ذلك مع قول الحق سبحانه وتعالى فى سورة الرعد ” الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله، ألا بذكر الله تطمئن القلوب”

وفي الحقيقة لا يوجد تعارض بين القولين لأن ذكر الله تعالى يأتي بأحوال متعددة، فإن كان الإنسان مسرفا على نفسه، فهو يرجف حين يذكر الله الذي خالف منهجه، وإن كان الإنسان يراعي حق الله في كل عمل قدر الاستطاعة، فلا بد أن يطمئن قلبه لحظة ذكر الله؛ لأنه اتبع منهج الله ما استطاع إلى ذلك سبيلا، إذن فالخوف أو الوجل إنما ينشأ من مهابة وسطوة صفات الجلال، والاطمئنان إنما يجيء من إشراقات وحنان صفات الجمال، ولذلك تجمعها آية واحدة هي قول الحق تبارك وتعالى فى سورة الزمر ” الله أنزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثانى تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله” فالجلود تقشعر خوفا ووجلا ومهابة من الله عز وجل.

ثم تلين اطمئنانا وطمعا في حنان المنان سبحانه وتعالى، لأنه سبحانه وتعالى يقول ” نبيء عبادى أنى أنا الغفور الرحيم” إذن فلا يقولن أحد إن هناك تعارضا بين الوجل والاطمئنان، فكلها من ذكر الله بالأحوال المتعددة للإنسان، فإذا ما وجل الإنسان فهو يتجه إلى فعل الخير فيطمئن مصداقا لقول الحق تبارك وتعالى فى سورة هود ” إن الحسنات يذهب السيئات ذلك ذكرى للذاكرين” ومن صفات المؤمنين هي الطهارة والعفة بشكل تام، وإجتناب أي معصية جنسية، حيث تقول الآية ” والذين هم لفروجهم حافظون” أى يحفظونها مما يخالف العفة ” إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين” وبما أن الغريزة الجنسية أقوى الغرائز عند الإنسان تمردا.