الدكروى يكتب عن سمات المؤمنين والمتقين ” جزء 6″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
سمات المؤمنين والمتقين ” جزء 6″
ونكمل الجزء السادس مع سمات المؤمنين والمتقين، وبما أن الغريزة الجنسية أقوى الغرائز عند الإنسان تمردا، ولضبط النفس عنها يحتاج المرء إلى التقوى والإيمان القوي، لهذا أكدت الآية التالية على هذه المسألة ” فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون” وإن عبارة المحافظة على الفروج قد تكون إشارة إلى أن فقدان المراقبة المستمرة في هذا المجال تؤدي بالفرد إلى خطر التلوث بالإنحرافات الكثيرة، أما عبارة أزواجهم فهي تشمل الزوجين الذكر والانثى، وعلى كل حال فإن الله لم يخلق في الإنسان غريزة كجزء من مكوناته المثلى، ثم يعتبرها تناقض منزلة الإنسان عنده، وكون الزوجات حلا للأزواج في علاقتهن الجنسية باستثناء أيام العادة الشهرية وأمثالها.
لا تحتاج إلى شرح، وكذلك كون الجواري حلالا عندما يكن على وفق شروط ذكرتها الكتب الفقهية وليس كما يتصور البعض أن كل واحدة منهن ودون شرط حل لمالكها، وفي الحقيقة لهن شروط الزوجة في حالات كثيرة، وأما عن الخشوع روح الصلاة، فإنه إذا اعتبر الركوع والسجود والقراءة والتسبيح جسم الصلاة، فالتوجّه الباطني إلى حقيقة الصلاة، وإلى من يناجيه المصلي، هو روح الصلاة، والخشوع ما هو إلا توجه باطني مع تواضع، وعلى هذا يتبيّن أن المؤمنين لا ينظرون إلى الصلاة كجسم بلا روح، بل إن جميع توجههم إلى حقيقة الصلاة وباطنها، وهناك عدد كبير من الناس يتمني بشوق بالغ أن يكون خاشعا في صلاته، إلا أنه لا يتمكن من تحقيق ذلك.
ولتحقيق الخشوع والتوجه التام إلى الله في الصلاة وفي سائر العبادات، أوصي بتحصيل معرفة تجعل الدنيا في عين المرء صغيرة تافهة، وتجعل الله كبيرا عظيما، حتى لا تشغله الدنيا بما فيها عن الذوبان في الله عند مناجاته وعبادته، والإهتمام بالامور المختلفة يمنع الإنسان من تركيز أفكاره وحواسه، وكلما تمكن الإنسان من التخلص من مشاغله حصل على توجه إلى الله في العبادة، وأيضا إختيار مكان الصلاة وسائر العبادات له أثر كبير في هذه المسألة، لهذا فإن الصلاة مع إنشغال البال بغيرها تعد مكروهة، وكذلك في موضع مرور الناس أو قبال المرآة والصورة، ولهذا الأسباب تكون المساجد الإسلامية أفضل إن كانت أبسط بناء وأقل زخرفة وأبّهة.
ليكون التوجه كله لله فاطر السموات والأرض، وكذلك إجتناب المعاصي عامل مؤثر في التوجه إلى الله، لأن المعصية والذنب تبعد الشقة بين قلب المسلم وخالقه، وكذلك معرفة معنى الصلاة وفلسفة حركاتها والذكر عامل مؤثر كبير على ذلك، ويساعد على ذلك أداء المستحبات، سواء كانت قبل الدخول في الصلاة أو في أثنائها، وعلى كل حال فإن هذا العمل هو كبقية الأعمال الاخرى يحتاج إلى تمرين متواصل، ويحدث كثيرا أن يحصل الإنسان على قدرة التركيز الفكري في لحظة من لحظات الصلاة، وبمواصلة هذا العمل ومتابعته يحصل على قدرة ذاتية يمكنه بها إغلاق أبواب فكره في أثناء الصلاة إلا على خالقه، وإن المحافظة على الأمانة بالمعنى الواسع للكلمة.
وكذلك الإلتزام بالعهد والميثاق بين يدي الخالق والخلق من صفات المؤمنين البارزة، وتعني الأمانة بمفهومها الواسع أمانة الله ورسوله إضافة إلى أمانات الناس، وكذلك ما أنعم الله على خلقه، وتضم أيضا أمانة الله الدين الحق والكتب السماوية وتعاليم الأنبياء القدماء، وكذلك الأموال والأبناء والمناصب جميعها أمانات الله سبحانه وتعالى بيد البشر، يسعى المؤمنون في المحافظة عليها وأداء حقّها، ويحرسونها ما داموا أحياءا، ويرثها أبناؤهم الذين تربوا على أداء الأمانات والحفاظ عليها، والدليل على عمومية مفهوم الأمانة هنا، إضافة إلى سعة المفهوم اللغوي لهذه الكلمة، هو أحاديث عديدة وردت في تفسير الأمانة بأنها أمانة الأئمة المعصومين أي ينقلها كل إمام إلى وارثه.