تعرف على:كلمات كالرصاص من سدنة العدالة في قضايا «نيرة ولينا وسجدة وسماح»
لم يقف العقل الإجرامي عند حد، لا يتوقفون لالتقاط الأنفاس، جريمة تلو الأخرى، نهر من الدم يُسفك، لا يكاد تيار تدفقه الهادر يتوقف حتى يأتيه المدد بدم جديد طازج، أو بخرق مفجع لطبيعة النفس البشرية من جريمة مقتل نيرة أشرف بطريقة مفزعة مرورًا بجريمة مذبحة الريف الأوروبي التي راح ضحيتها أسرة كاملة من 5 أفراد، وذبح شاب في الشارع بالإسماعيلية وغيرها الكثير والكثير.
لا يمر الأمر مرور الكرام بالنسبة لسدنة العدالة، من فوق منصاتهم يتجاوزون ردود الفعل العاطفية إلى صميم المعضلة وجوهر الأزمة، يرتقون واقعا أليما، بفيض من الحكم والنصائح، يتعقبون الرصاصات، يضربون أكباد الكلمات، لبث الروح في جسد ميت، وإنعاش قلوب تعددت داءاتها بما يتسع الحصر.
كلمات مضيئة ورسائل قوية تمس الضمائر الحية تكون بمثابة طاقة نور صادرة عن ساحة العدل، ومن على منصات القضاء كانت الكلمات والرسائل كالرصاص في قضايا نيرة أشرف ودعوى إثبات النسب المقامة من هند الحفناوي ضد الممثل أحمد الفيشاوي، وقضية الأب المتهم بهتك عرض ابنته في المنصورة، وجريمة الأخ المتهم بهتك عرض شقيقته وتعريتها بمعاونة صديقه، وكذا قضية قاتل الطفلة «سجدة» في كفر الشيخ.
المستشار بهاء المُري يوجه رسائل للمجتمع وقاتل نيرة
رسائل القاضي بهاء الدين المري في قضية نيرة أشرف كانت محل احتفاء كبير من قبل الرأي العام بقضاة مصر الأجلاء، فكان القاضي بمثابة جرَّاح عظيم وهو يوجه رسائل للمجتمع بأسره بقوله: «يا كل فئات المجتمع لا بد من وقفة، يا كل من يقدر على فعل شيء هلموا»، وتطرق للحديث عن دور الآباء والأمهات بقوله: «صاحبوهم، ناقشوهم، غوصوا في تفكيرهم، لا تتركوهم لأوهامهم، اغرسوا فيهم القيم».
ومن على منصة العدالة نظر القاضي إلى المتهم محمد عادل قاتل نيرة أشرف وقال له في رسالة حازمة: «جئت بفعل خسيس هز أرضا طيبة أسرت لويس، أهرقت دما طاهرا بطعنات غدر جريئة، ذبحت الإنسانية كلها، يوم أن ذبحت ضحية بريئة، إن مثلك كمثل نبت سام في أرض طيبة».
قاضي نيرة في رسالة مبكية للأب المتهم بهتك عرض طفلته
المستشار بهاء الدين المُري وجَّه أيضًا رسائل يوم أن حكم بالسجن المؤبد على «الأب» المتهم بهتك عرض ابنته القاصر «سماح» في إحدى قرى مركز المنصورة، مستغلا وجودها بمفردهما وتحرش بها راغبا في اغتصابها، لكنه فشل بسبب مقاومتها فهتك عرضها من الخلف بعدما هددها بالقتل في حالة عدم موافقتها، وقال له: «يا شعبان جرمك شنيع ألقت بك الشهوات في أتون الخطيئة فنسيت الأبوة وخرجت عن ناموس البشرية ولم تكن ضحيتك إلا طفلتك ابنة السادسة عشرة، نهشت عرضها لواطا غير مرة وأكلت لحمها حيا في جرأة وأحلت رباط الدم إلى ماءٍ مهين، أن المحكمة وهي تضع موازين القسط عند تقدير العقوبة تمنت لو أن نص العقاب قد أسعفها لتقضي بالإعدام لتجتث من المجتمع عضوا فاسدا لا خير فيه ولكن عزاءها أن أنزلت بالمتهم حد العقاب الأقصى».
قاضي نيرة يوجه رسالة للأخ المتهم بهتك عرض شقيقته
واصل المستشار بهاء الدين المري، رئيس محكمة جنايات المنصورة، كلماته المعبرة وقوية للمتهم بهتك عرض شقيقته وتعريتها لتصويرها مع صديقه بسبب خلافهما على الميراث بقوله: «يا محمود.. ألقت بك المقادير في يم الحياة طفلًا يتيمَ الأبوين، فقيض الله لك أختًا، ما كانت امرأةَ سَوءٍ ولا بَغيَّا، بَصُرَت بكَ عن قُربٍ وأنتَ لا تشعُر، ومَـَشـت بكَ في دُروب الحياة على استحياءٍ، حتى بَلَغْتَ رُشدَك».
وأنزل القاضي عقوبة السجن لمدة 10 سنوات على المتهم وهو يوجه له الرسائل قائلًا: «ولما شَبَـبْتَ عن الطَّوقِ ما شَدَدْتَ عَضُدَها، بل عَرَّيتَها لغَريبٍ يَنهَشُ لحمَها؛ لتأكلَ مِيراثَها ظُلمًا، أمَّنتْكَ في سِربكَ، فرَوَّعتها على المَلأ، دَثَّرَتكَ في ظُلمَةِ الليل؛ فكشَفتَ سِترَها نَهارًا، لم تـَرْعَ فيها يا أخَاها إلًّا ولا ذمَّة، ولا لِصلةِ الدم والرَّحمِ حُرمة، لقد جِئتَ شيئًا فَرِيًّا،فإذا كان المِلحُ يقي اللحمَ الفسادَ، فمن يُصلحُ المِلحَ إذا الملحُ فَسَدَ؟».
رسالة قوية من القاضي للممثل أحمد الفيشاوي
ومن الكلمات التي لا تنسى كانت كلمات المستشار أحمد رجائي دبوس في قضة نسب الطفلة لينا، ابنة هند الحناوي، إلى الفنان الشاب أحمد الفيشاوي، فقال له كلمات من قصيدة «طفولة نهد» للشاعر نزار قباني: «ليراتك الخمسين تضحكني لمن النقود لمن يجهضني لتخيط لي كفني هذا إذا ثمني ثمن الوفا بأسيرة العفن إني سأسقط ذلك الحمل لا أريد أبا ندلا وليس أبا».
كلمات القاضي لقاتل طفلته «سجدة» في كفر الشيخ
رسالة قوية مؤثرة هزت وجدان من في قاعة محكمة الدائرة الرابعة جنايات كفر الشيخ، وجهها المستشار مدحت عبدالحميد أبوغنيم، رئيس المحكمة إلى قاتل الطفلة سجدة السيد أشرف، وذلك قبل النطق بحكم إعدامه شنقًا لما اقترفه من جرم مشهود في حق الطفلة البريئة، فقال له: «علامات الستين على وجهك، واشتعل الرأس شيبًا، لقد جئت شيئا إِدا، وامتطيت جواد سفالاتك، وسلكت درب الهاوية، وسبحت في بحرِ قاذوراتك، استدْرجت الطفلة سجدة وسنوها دون الخامسة بمكان قصي بعيِدًا عن أَعين الرقباء، وبِأَكفك الغليظَة نزعت عنها دثارها كاشفًا عورتها، خادشًا الحياءَ مِنها، وحسرْت عنكَ مَلابِسك بائنًا سوأَتكَ، جثت بحدائقهاَ».
وواصل القاضي حديثه بقوله: «حَمْلْتَها بآثاَمِكَ إلى زوجةِ ابنك، طَالِبًا لَها الحياةَ بحُقنَةِ دواء أَبَتْ الصَغِيرَةُ العَوْد بَعدَ أَن ذَاقَتْ حُلوَ الفناء، أَصَحِبَكَ الشَيّْطَانُ أم أَنتَ الذي اِصْطَحَبْت، ألم يَطلبُ مِنْكَ أن تُكفْ، لقد اِعتَراَهُ الخِزي إن لم يَكُنْ لَكَ دين فعلى الإنسانِيَةِ أَجِبْ، كيفَ تَحيا بعدَ أن جَعَلْتَ عُمْرَ الصغِيرَةِ كلحظاتِ التعبُدِ في المحراب، وكَدقَائِق الوقوفْ عَلى جَبَهاَتِ القِتَالْ كلحظاتِ الاحتضارِ والميلاد جَمِيعُهاَ كلحظةِ فِراق».