الدكرورى يكتب عن الإسلام هو الدين الشامل ” جزء 9″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
الإسلام هو الدين الشامل ” جزء 9″
ونكمل الجزء التاسع مع الإسلام هو الدين الشامل، وأما الميدان الثانى، فهو الصراع عبر المجتمع , فالجهاد في ميدان النفس لا ينتهي, لكن الذين يجاهدون أنفسهم منهم من ينجح في هذا الجهاد فيكون من أهل الخير, ودعاة الإسلام, ومنهم من يفشل في هذا الجهاد, أو لا يجاهد أصلا، فيكون من أهل الشر الذين عرفوا الحق ورفضوه, أو لم يعرفوه أصلا, وهنا يوجد الصراع بين هؤلاء وهؤلاء في الميدان الكبير, ميدان المجتمع وهذا هو الميدان الأخير للمعركة بين الحق والباطل, وبين الشيطان وأتباعه وبين الرسل وأتباعهم، فلا يكاد يخلو عصر من العصور من ذلك الصراع, كما لا يمكن أن يستثنى زمان منه ومن آثاره، فقد بدأ الصراع بين الحق والباطل بقتل قابيل لأخيه هابيل.
وقد مثل أحدهما الحق وهو هابيل، والآخر الباطل، ثم توالت معارك الحق والباطل عبر التاريخ, فكان صراع الخليل إبراهيم عليه السلام مع النمرود، وصراع نبى الله موسى عليه السلام مع فرعون، وصراع نبينا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم مع قومه من قريش، فكان العداء للإسلام بدأ من أول لحظة، فالعداء للإسلام بدأ قبل أن ينتشر، وسيستمر الصراع ، وفى أيامنا هذه وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها جليا واضحا، لا يخفى على ذي لبّ، وذلك لأمر هام وحقيقة قد يغفل عنها بعض الناس ألا وهي الحقد على الحق وأهله فهذه الصفة الملازمة لأهل الباطل لذلك فإنهم لن يتركوا عداوتهم أبدا، وقد ورد عن الإمام الشافعي قوله والله الذى لا إله إلا هو.
لو أن الحق ترك الباطل ما ترك الباطل الحق أبدا, ويؤكده قول الله تعالى في قصة قوم لوط عليه السلام, الذي لم يتجاوز النصح والإرشاد لقومه, فما كان جوابهم إلا أن قالوا كما جاء فى سورة النمل” فما كان جواب قومه إلا أن قالوا اخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون” ويقول صلى الله عليه وسلم” والله ليتمن هذا الأمر، حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت، لا يخاف إلا الله، أو الذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون” رواه البخارى، وتقرر الآيات أن النصر حليف المؤمنين الصادقين, وذلك مهما حقق الباطل في البداية من انتصارات آنية, أو كسب معارك جانبية، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم” لن يبرح هذا الدين قائما يقاتل عليه عصابة من المسلمين حتى تقوم الساعة”
لذلك على المسلم أن يعي هذه السنة الربانية ويفهمها حق فهمها ليواجه فيها مصاعب الأمور والأحداث التي تمر به فلا ييئس ولا يقنط , بل يبقى الأمل رفيقا له , حليفا له , يقارع فيه أهل الباطل والشر وخصوصا مع يمكن أن تسمعه من الناس الذين ذهلوا عن هذه السنة العظيمة هذه الأيام وبسبب تكالب أهل الباطل والفجور عليهم فربما قال ما لا ينبغي قوله بل لابد أن يستحضر المسلم “وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا” وهكذا كثر الكلام في زماننا هذا في شتى المواضيع وشتى القضايا المتنوعة، ولقد تعددت مصادر الكلام سواء كان شفهيا أو مكتوبا، وصار كثير من الناس يتلقفون الكلام سواء كان حقا أو باطلا دون روية أو تمحيص.
فيصدّق الكلام من يصدقه، وينقله من ينقله، ويكذبه من يكذبه، وإن الكلام كثير متنوع، منه ما هو حق ومنه ما هو باطل، فالبرهان ثم البرهان ثم البرهان وإلا لا قيمة للكلام، وإن البرهان أو الدليل إما أن يكون نقليا من كتاب أو سنة صحيحة أو إجماع، أو أن يكون عقليا، والواجب في النقلي التأكد من صحة النقل، وفي العقلي إظهار صراحته وبيان حجته، فيقول الله سبحانه وتعالى كما جاء فى سورة البقرة ” قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين” فهذا عام فى كل دعوى، لا بد من تصديقها بدليل، ومن هنا قال علماء أدب البحث والمناظرة “إن كنت ناقلا فالصحة، أو مدعيا فالدليل” تأكد من صحة نقلك، وإن كان الكلام كلامك فأتى بدليل صحيح معتبر على ذلك الكلام.