الدكرورى يكتب عن النعمان بن بشير الأنصاري الخزرجي ” جزء 1″
بقلم/ محمـــد الدكـــرورى
النعمان بن بشير الأنصاري الخزرجي ” جزء 1″
هؤلاء هم الصحابة الكرام رضوان الله تعالى عليهم أجمعين، وفضلهم وجهدهم وما بذلوه لنصر دين الإسلام ونصرة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وعلى أنه لو لم يرد من الله عز وجل ورسوله فيهم شيء، لأوجبت الحال التي كانوا عليها من الهجرة، والجهاد، والنصرة، وبذل المهج والأموال، وقتل الآباء والأولاد، والمناصحة في الدين، وقوة الإيمان واليقين، القطع على عدالتهم، والاعتقاد لنزاهتهم، وأنهم أفضل من جميع المعدلين والمزكين الذين يجيؤون من بعدهم أبد الآبدين، ولو ذهبنا نسرد مواقفهم التي نصروا فيها الدين، وأعمالهم التي استحقوا بها الرفعة والمنزلة العالية، لما كفتنا المجلدات الطوال، فقد كانت حياتهم كلها في سبيل الله تعالى.
فيقول ابن مسعود رضي الله عنه ” إن الله نظر في قلوب العباد، فوجد قلب محمد صلى الله عليه وسلم، خير قلوب العباد، فاصطفاه لنفسه، فابتعثه برسالته، ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد صلى الله عليه وسلم، فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد، فجعلهم وزراء نبيه، يقاتلون على دينه، فما رأى المسلمون حسنا فهو عند الله حسن، وما رأوا سيئا فهو عند الله سيئ ” ولا بد أن نعلم أن الصحابة الكرام رضي الله عنهم أجمعين، ليسوا بمعصومين، وإنما هم بشر يجوز عليهم ما يجوز على غيرهم، وما صدر من بعضهم من المعاصي أو الأخطاء، فهو إلى جانب شرف الصحبة وفضلها مغتفر ومعفو بإذن الله عن صاحبه، والحسنات يذهبن السيئات، ومقام أَحد الصحابة.
مع النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم لحظة من اللحظات في سبيل هذا الدين لا يعدلها شيء، ويقول شيخ الإسلام رحمه الله ” وأهل السنة تحسن القول فيهم وتترحم عليهم وتستغفر لهم، لكن لا يعتقدون العصمة من الإقرار على الذنوب وعلى الخطأ في الاجتهاد إلا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ومن سواه فيجوز عليه الإقرار على الذنب والخطأ، لكن هم كما قال تعالى فى كتابة الكريم فى سورة الأحقاف ” أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم ” وفضائل الأعمال إنما هي بنتائجها وعواقبها لا بصورها، فقد تجاوز الله سبحانه وتعالى عمن تولى يوم غزوة أُحد من الصحابة ، فقال سبحانه وتعالى فى كتابة الكريم فى سورة آل عمران.
“إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا الله عنهم إن الله غفور حليم ” ولما أذنب بعض الصحابة حين أخبر قريشا بمقدم النبي صلى الله عليه وسلم بالجيش عام الفتح، وهمّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه بقتله، فقال النبى الكريم صلى الله عليه وسلم ” إنه قد شهد بدر، وما يدريك ؟ لعل الله اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم، فقد غفرت لكم ” رواه البخارى ومسلم، وغير ذلك من المواقف التي وقع فيها بعض الصحابة بالمعصية والذنب، ثم عفا الله تعالى عنهم، وغفرها لهم، مما يدل على أنهم يستحقون الفضل والشرف، وأنه لا يقدح في ذلك شيء مما وقعوا فيه في زمن النبي محمد صلى الله عليه وسلم، أو بعد وفاته.
فإن الآيات السابقة في فضلهم وتبشيرهم بالجنة ، هى أخبار لا ينسخها شيء، وسوف نتحدث عن صحابى جليل من الصحابة الكرام رضوان الله تعالى عليهم أجمعين، ألا وهو النعمان بن بشير بن سعد بن ثعلبة بن جلاس بن زيد الأنصاري الخزرجي، وكان يكنى أبو عبد الله وهو أحد صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان هو أول مولود ولد في الإسلام من الأنصار بعد الهجرة بأربعة عشر شهرا فأتت به أمه السيدة عمره بنت رواحه، وهى أخت الصحابى عبد الله بن رواحة، تحمله إلى النبي صلى الله عليه وسلم فبشرها بأنه سيعيش حميدا ويُقتل شهيدا ويدخل الجنة، وقد ولد النعمان في شهر ربيع الآخر على رأس أربعة عشر شهرا من هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم.