الدكرورى يكتب عن النعمان بن بشير الأنصاري الخزرجي ” جزء 14″
بقلم/ محمـــد الدكـــرورى
النعمان بن بشير الأنصاري الخزرجي ” جزء 14″
ونكمل الجزء الرابع عشر مع النعمان بن بشير الأنصاري الخزرجي، فلما جاء وفد الأنصار ذكره يزيد بقول عبد الرحمن ولكن معاوية، كان قد أعدّ بدهائه خطة، لكي يتجنب غضب من هم معه من الأنصار وهما النعمان بن بشير ومسلمة بن مخلد إذا ارتكب يزيد اعمالا لا يُحمد عقباها فهو يعرف ابنه جيدا فأراد أن يرضيه دون أن يُغضب النعمان ومسلمة الرجلين الوحيدين الذين كانا معه من الأنصار وأن يتحاشى انقلاب الرأي العام ضده إذا أغضب الأنصار وهم صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم وأنصاره، ودخل وفد الأنصار وفيهم عبد الرحمن بن حسان وما إن رآه معاوية حتى قال له يا عبد الرحمن، ألم يبلغني أنك شببت برملة ؟ قال بلى، ولو عملت أن أحدا أشرف لشعري منها لذكرته.
فقال فأين أنت عن اختها هند ؟ قال وإن لها لأختا يقال لها هند ؟ قال نعم، وقد أراد معاوية بهذه الحيلة أن يقول ليزيد وغيره أن عبد الرحمن لم ير رملة بل تغزّل بها وفقا لأقوال الناس باختراعه لدمية أخرى تسمى هندا، ولكن يزيد لم يكن يرضى بهذا الحل دون ارتكاب اعمالا فأرسل إلى الشاعر كعب بن الجعيل وقال له اهج الأنصار، فقال ابن الجعيل أرادي أنت إلى الكفر بعد الإسلام ؟ أأهجو قوما آووا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونصروه ؟ وقيل أن ابن الجعيل لم يكن بذلك الإنسان الذي يتورّع عن هجاء الأنصار وقد قيل إنه كان من حلفاء يزيد ومعاوية ولكنه خشي أن يكون في موقع لا يُحسد عليه, وأن يجعله يزيد في فم المدفع وخاف عاقبة ذلك وعقابه من معاوية والأنصار.
فعندما قال له يزيد بن معاوية، أما إذا كنت غير فاعل فأرشدني إلى من يفعل ذلك، فقال له كعب وهوغلام يقال له الأخطل فاستدعاه يزيد، وقال له أهج الأنصار، فقال أخاف من معاوية فقال له يزيد، لا تخف شيئا، أنا بذلك لك فهجاهم، وقد قيل أنه برغم أن المصادر التاريخية قد أظهرت موقف النعمان بأنه كان موقف المدافع عن الأنصار عندما دخل على معاوية ولكن هناك بعض الإشارات في القصة تشير إلى العكس فلم يكن يهمه مدح أو هجاء الأنصار أو حتى قتلهم، وكان عندما بلغ النعمان بن بشير هجاء الأخطل للأنصار، دخل على معاوية ونزع عمامته عن رأسه، وقال أترى لؤما؟ فقال معاوية، بل أرى كرما وخيرا، فما الذي جرى ؟ فقال له النعمان زعم الأخطل أن اللؤم تحت عمائم الأنصار.
فقال معاوية مستفهما، أو فعل ذلك؟ فأكد له النعمان ذلك وقال نعم، فقال معاوية لك لسانه، وكتب معاوية فيه أن يُؤتي به إليه، فلما بلغ الأخطل طلب معاوية بإحضاره لاذ بيزيد، وسأل الرسول أن يدخله إلى يزيد أولا، فأدخله عليه، فقال له هذا الذي كنت أخاف، فطمأنه يزيد وقال له لا تخف شيئا، ودخل يزيد معه على معاوية فقال علام أرسلت إلى هذا الرجل الذي يمدحنا، ويرمي من وراء جمرتنا ؟ فقال معاوية إنه هجا الأنصار، لكن يزيد مارس الخداع والمكر وقال، ومن زعم ذلك ؟ فقال معاوية، النعمان بن بشير، فأراد يزيد تحقير النعمان ورد قوله وشكواه فقال لا تقبل قوله عليه، وهو المدعى لنفسه، ولكن تدعوه بالبينة، فإن أثبت شيئا أخذت به له، فدعاه معاوية بالبينة، فلم يأت بها.
فترك معاوية الأخطل يرجع من حيث أتى، وراح الأخطل يفخر بدفاع يزيد عنه ويشمت بالنعمان ويسخر منه ويهينه في شعره ويمدح يزيد فبلغ غضب النعمان مبلغه، وذلك عندما رأى الأخطل يهجو الأنصار ويهجوه ويشمت به ويسخر منه في شعره، وعندما أذله يزيد وخذله معاوية, ولكنه قال أبيات فى ذلك لمعاوية، فلما سمع معاوية بهذه الأبيات جهد على إرضاء النعمان وأسكته بالأموال حتى رضي وكف عنه، وقد قيل أنه حينما هجا الأخطل الأنصار لم يكن اعتراض النعمان من أجلهم وانتصارا لهم، بل لأنه يعتبر نفسه منهم وعندما كشف عن رأسه وقال لمعاوية هل ترى من لؤم فهو بذلك قد جمع معنى الأنصار في نفسه, وهو الوحيد منهم مع صاحبه مسلمة بن مخلد.