مفرق الجماعات الموت ” جزء 7″ 

الدكرورى يكتب عن مفرق الجماعات الموت ” جزء 7″ 

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

مفرق الجماعات الموت ” جزء 7″

ونكمل الجزء السابع مع مفرق الجماعات الموت، وإذا فترت عن الطاعة، تذكر أماني الموتى، واجتهد في الطاعة، وبادر إلى التوبة قبل أن يأتيك الموت بغتة، فتقول يا ليتني قدمت لحياتي، واعلم أن ملايين الموتى يتمنون مثل الدقيقة التي تمر من حياتك ليستثمروها في طاعة الله تعالى، وذكره، والتوبة إليه، فلا تضيّع دقائق عمرك، لئلا تتحسر في آخرتك، ولنعلم جميعا أن هناك ليلتان اثنتان يجعلهما كل مسلم في ذاكرته، وهما ليلة في بيته، مع أهله وأطفاله، منعما سعيدا، في عيش رغيد، وفي صحة وعافية، ويضاحك أولاده ويضاحكونه، والليلة التي تليها، بينما الإنسان يجر ثياب صحته منتفعا بنعمة العافية، فرحا بقوته وشبابه، إذ هجم عليه المرض.

وجاءه الضعف بعد القوة، وحل الهم من نفسه محل الفرج، فبدأ يفكر في عمر أفناه، وشباب أضاعه، ويتذكر أموالا جمعها، ودورا بناها، ويتألم لدنيا يفارقها، وذرية ضعاف يخشى عليهم الضياع من بعده، وقد استفحل الداء، وفشل الدواء، وحار الطبيب، ويئس الحبيب، ونزلت به السكرات، وصار بين أهله وأصدقائه ينظر ولا يفعل، ويسمع ولا ينطق، يقلب بصره فيمن حوله، من أهله وأولاده، وأحبابه وجيرانه، ينظرون إليه وهم عن إنقاذه عاجزون، ولا يزال يعالج سكرات الموت، ويشتد به النزع، حتى إذا جاء الأجل، ونزل القضاء، فاضت روحه إلى السماء، فأصبح جثة هامدة بين أهله، وعند موت الإنسان تظهر عليه علامات تدل على موته.

وهذه العلامات تبين وتوضح خاتمة الإنسان المتوفى، فمنها ما تكون خيرا ترتاح لها النفس وتستبشر بها، ومنها ما هو سيئ والعياذ بالله، وهناك، ينقسم الناس عند الموت وشدته، والقبر وظلمته، وفي القيامة وأهوالها، ينقسمون إلى فريقين أما الفريق الأول فحالهم، ألا تخافوا مما أمامكم من أهوال الآخرة، ولا تحزنوا على ما خلفكم في الدنيا من الأهل والولد والمال، نحن أولياؤكم في الآخرة، نؤنسكم من الوحشة في القبور، وعند النفخة في الصور، ونؤمنكم يوم البعث والنشور، وأما الفريق الثاني من الكفار والفجار، وعلى الإنسان أن يستعد للموت دائما، فهو لا يعلم متى سينتهي أجله، ومتى يحين وقت مغادرته لهذه الحياة الدنيا، لذلك عليه أن يكون حذرا.

ومُكثرا من الأعمال الصالحة التي تؤدي لحسن خاتمته، والتي يكون جزاؤها النجاة من النار، ودخول جنات النعيم، وعليه أن يكون مبتعدا عن الأعمال السيئة، ويستعد الإنسان للخاتمة باستعدادين، حتى تكون خاتمته حسنة عند موته بإذن الله تعالى، فيجب أن يستعد في اجتهاده لإصلاح قلبه ونقائه، وجعله قلبا سليما، مؤمنا بالله تعالى ويكون ذلك بتحصيله للعلوم الشرعية المفيدة، والتي من شأنها إكسابه معرفتة بالله تعالى، وبأسمائه الحسنى وصفاته، وأن يستعد في اجتهاده بعمله، ليكون عمله متقنا، موافيا للشروط، كما أراده الله تعالى، ويكون ذلك باتباع ما أمر الله تعالى به، والحذر من فعل ما نهى عنه الله تعالى ورسوله صلّى الله عليه وسلم، وهكذا فإن ذكر الموت.

يجعل النفس تصب عن لذائذ الحياة الدنيا، وهذا من الأمور المطلوبة، تذكر الموت يردع عن المعاصي، ويلين القلب القاسي، ويذهب الفرح بالدنيا، ويهون المصائب، فقال أحد السلف إن فارقني ذكر الموت ساعة فسد قلبي، ولذلك لا بد أن نعمل حتى يكون موت كل واحد منا على عمل صالح، لأن الموت على عمل صالح هو من علامات حسن الخاتمة، وإن من حسن الخاتمة عند الموت هو تيسير الله تعالى للإنسان بالقيام بأداء العبادات والأعمال الصالحة، والتوبة إليه سبحانه، والاستغفار عمّا ارتكب من الذنوب والمعاصي في حياته قبل أن يموت، ويكون ذلك كله بتوفيق من الله تعالى، فإذا مات الإنسان على هذا الحال كانت خاتمته حسنة، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم ” إذا أراد الله بعبد خيرا استعمله، قالوا يا رسول الله وكيف يستعمله؟ قال، يوفقه لعمل صالح قبل موته “