أولياء الأمور وغلاء المهور ” جزء 4″

الدكرورى يكتب عن أولياء الأمور وغلاء المهور ” جزء 4″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

أولياء الأمور وغلاء المهور ” جزء 4″

ونكمل الجزء الرابع مع أولياء الأمور وغلاء المهور، ولو أننا نسلك طريقة لتسهيل الأمر، وتخفيف حدة المغالاة بتأجيل بعض المهر بأن تقدم من المهر ما دعت الحاجة إليه في النكاح، وتؤجل الباقي في ذمة الزوج لكان هذا جائزا وحسنا، وفي ذلك تسهيل على الزوج ومصلحة للزوجة، فإن ذلك أدعى لبقائها معه، لأنه لو طلقها لحل المهر المؤجل إذا لم يكن له أجل معين فانظروا هذه المشكلة بعين الاعتبار ولا تجعلوا المهور محلا للمفاخرة والمباهاة ويسروا يسر الله عليكم، ولقد مهر الرسول عليه الصلاة والسلام لزوجاته أمهات المؤمنين، ومهر بناته، ومهر الصحابيات رضي الله عنهن ولم يتعد اثنتي عشرة أوقية، فعن أبي سلمة بن عبدالرحمن.

أنه قال سألت السيدة عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، كم كان صداق رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت “كان صداقه لأزواجه ثنتي عشرة أوقية ونشّا، قالت أتدري ما النش؟ قال قلت لا، قالت نصف أوقية، فتلك خمسمائة درهم، فهذا صداق رسول الله صلى الله عليه وسلم لأزواجه” وعن أبي العجفاء السلمي، قال خطبنا عمر رحمه الله، فقال “ألا لا تغالوا بصُدق النساء، فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا، أو تقوى عند الله، لكان أَولاكم بها النبي صلى الله عليه وسلم، ما أصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة من نسائه، ولا أصدقَت امرأة من بناته أكثر من ثنتي عشرة أوقية” وجاء عند النسائى عن أنس رضي الله عنه قال “خطب أبو طلحة أم سليم.

فقالت والله ما مثلك يا أبا طلحة يُرد، ولكنك رجل كافر، وأنا امرأة مسلمة ولا يحل لي أن أتزوجك، فإن تسلم فذاك مهرى، وما أسألك غيره، فأسلم فكان ذلك مهرها، قال ثابت فما سمعت بامرأة قط كانت أكرم مهرا من أم سليم، الإسلام، فدخل بها فولدت له” وقال ابن القيم رحمه الله “فتضمن هذا الحديث أن الصداق لا يتقدر أقله، وأن قبضة السويق وخاتم الحديد والنعلين يصح تسميتها مهرا، وتحل بها الزوجة، وتضمن أن المغالاة في المهر مكروهة في النكاح، وأنها من قلة بركته وعسره” وهذا سعيد بن المسيب، سيد التابعين رحمه الله، خطب ابنته الخليفة عبدالملك بن مروان لابنه الوليد، فأبى عليه، وزوّجها لتلميذه عبدالله بن أبي وداعة، فيقول كنت أجالس سعيد بن المسيب.

ففقدني أياما، فلما جئته، قال أين كنت؟ قلت توفيت أهلي، فاشتغلت بها، فقال ألا أخبرتنا، فشهدناها؟ ثم قال هل استحدثت امرأة؟ فقلت يرحمك الله، ومن يزوجني وما أملك إلا درهمين أو ثلاثة؟ قال أنا، فقلت وتفعل؟ قال نعم، ثم تحمّد، وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم، وزوجني على درهمين، فقمت، وما أدرى ما أصنع من الفرح، فصرت إلى منزلى، وجعلت أتفكر فيمن أستدين، فصليت المغرب، ورجعت إلى منزلى، وكنت وحدي صائما، فقدمت عشائي أفطر، وكان خبزا وزيتا، فإذا بابي يُقرع، فقلت من هذا؟ فقال سعيد، فأفكرت في كل من اسمه سعيد إلا ابن المسيب، فإنه لم يُرى أربعين سنة إلا بين بيته والمسجد، فخرجت، فإذا سعيد، فظننت أنه قد بدا له، فقلت يا أبا محمد.

ألا أرسلت إليّ فآتيك؟ قال لا، أنت أحق أن تؤتى، إنك كنت رجلا عزبا، فتزوجت، فكرهت أن تبيت الليلة وحدك، وهذه امرأتك، فإذا هي قائمة من خلفه في طوله، ثم أخذ بيدها، فدفعها في الباب، وردّ الباب، فسقطت المرأة من الحياء، فاستوثقت من الباب، ثم وضعت القصعة في ظل السراج لكيلا تراها، ثم صعدت السطح، فرميت الجيران، فجاؤوني، فقالوا ما شأنك؟ فأخبرتهم، ونزلوا إليها، وبلغ أمي، فجاءت، وقالت وجهي من وجهك حرام إن مسستها قبل أن أصلحها إلى ثلاثة أيام، فأقمت ثلاثًا، ثم دخلت بها، فإذا هي من أجمل الناس، وأحفظ الناس لكتاب الله، وأعلمهم بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأعرفهم بحق زوج، فمكثت شهرا لا آتي سعيد بن المسيب.