الدكرورى يكتب عن أولياء الأمور وغلاء المهور ” جزء 8″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
أولياء الأمور وغلاء المهور ” جزء 8″
ونكمل الجزء الثامن مع أولياء الأمور وغلاء المهور، وهذا عبد الرحمن بن عوف وهو من أغنى أهل المدينة، والذي توفي عن أربعة وستين مليون دينار، تزوج على وزن نواة من ذهب، صاحب الملايين تزوج على وزن نواة من ذهب، والصحابة الكرام رضوان الله عليهم كانوا يمهرون ملء الكف من الدقيق أو السويق أو التمر، فقال النبى الكريم صلى الله عليه وسلم “من أعطى في صداق امرأة ملء كفيه سويقا أو تمرا فقد استحل” ولقد أنكر الرسول صلى الله عليه وسلم على المغالين في المهور، فقد جاءه رجل يسأله فقال يا رسول الله، إني تزوجت امرأة على أربع أواق من الفضة، فقال النبي “أوّه، على أربع أواق من الفضة؟ كأنما تنحتون الفضة من عُرض هذا الجبل، ما عندنا ما نعطيك”.
ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم “إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد عريض” هذا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي خالفه بعض الأولياء هداهم الله، فخانوا الأمانة التي حُملوها في بناتهم بمنعهن من الزواج من الأكفاء دينا وخلقا وأمانة، فقد يتقدم إليهم الخاطب الكفء فيماطلونه ويعتذرون له بأعذار واهية، وينظرون فيه إلى أمور شكلية وجوانب كمالية، يسألون عن ماله، وعن وظيفته، وعن وجاهته ومكانته، ويغفلون أمر دينه وخلقه وأمانته، بل لقد وصل ببعض الأولياء الجشع والطمع أن يعرض ابنته سلعة للمساومة وتجارة للمزايدة والعياذ بالله، وما درى هؤلاء المساكين أن هذا عضل وظلم وخيانة.
ألم يسمع هؤلاء بالقصص الواقعية لضحايا هذه الظاهرة؟ ألم يقرؤوا الرسائل المؤلمة المفجعة التي سطرتها دموع هؤلاء؟ إنها صرخة نذير في آذان الآباء والأولياء، ورسالة عاجلة إليهم أن يتداركوا شرفهم وعفتهم وعرضهم قبل فوات الأوان، فأين الرحمة في قلوب هؤلاء الأولياء؟ وكيف لا يفكرون بالعواقب؟ أيسرّهم أن تلطخ سمعتهم مما يندى له جبين الفضيلة والحياء؟ سبحان الله، كيف يجرؤ مسلم غيور يعلم فطرة المرأة وغريزتها على الحكم عليها بالسجن المؤبد إلى ما شاء الله؟ ولو عقل هؤلاء لبحثوا هم لبناتهم عن الأزواج الأكفاء، فهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يعرض ابنته حفصة على أبي بكر ليتزوجها، ثم على عثمان رضي الله عنهم أجمعين.
وهذا سعيد بن المسيب رحمه الله سيد التابعين يزوج تلميذه أبا وداعة، فإن الإسلام لم يشرع في نفقات العقد والزفاف سوى المهر للمرأة، والوليمة لحفلة العرس، وإكرام الضيف بما يناسب الحال، أما ما عداها من الهدايا والنفقات، كغرفة النوم وأثاث البيت والملابس والمال الذى يعطى لأب العروس وإخوتها وعمها وخالها، فهي ليست فرضا واجبا، وليس من شروط العقد والنكاح في شيء أبدا، ومن أراد أن يكرم على العروس فليكرم عليها من ماله، أإلى هذا المستوى أصبحنا تبعا للعادات والتقاليد الجاهلية؟ فيا خير أمة أخرجت للناس، لم يشرع فى الزواج إلا المهر، فمن أين جاءت تلك التكاليف الباهظة؟ ذهب، غرفة نوم، ملابس، أثاث بيت، هدايا لأقارب العروسين.
فإنها آلاف الجنيهات هي تكاليف الزواج عندنا، كل هذا على من؟ على عامل بسيط، يعمل يوما ويقف عن العمل أياما، أو على موظف معاشه لا يكفي لحاجاته الضرورية، فكيف سيوفر آلاف الجنيهات؟ وكم سنة يحتاجها لتوفير هذا المبلغ؟ فإنهم شباب فقراء مساكين في مجتمع لا يرحم، يحلمون بالزواج وكأنه أصبح ضربا من الخيال، فإلى من تكلوهم يا عباد الله؟ فيا أولياء الأمور أين الرحمة بهؤلاء؟ بل أين الرحمة ببناتكم؟ فإن كل العادات تتغير وتتبدل إلا في الزواج، فإلى متى يا عباد الله؟ إلى متى يا أولياء الأمور؟ إلى متى يا من تتركون سنة الحبيب المصطفى؟ فيا أولياء الأمور نسألكم بالله العظيم أن تتعاونوا على تخفيض المهور.