الدكرورى يكتب عن أهمية دراسة الحديث الشريف ” جزء 1″
بقلم / محمـــد الدكــــرورى
أهمية دراسة الحديث الشريف ” جزء 1″
إن أهمية دراسة الحديث الشريف كأحد العلوم الشرعية حيث تظهر أهمية علم الحديث في كونه يحفظ الدين الإسلامى من التزييف، أو التحريف، أو التبديل، لذلك فقد هيأ الله سبحانه وتعالى من يعتني بنصوص الحديث، وطرق روايته، والاستدلال به، لبيان الصحيح من الحديث النبوي، من الضعيف أو الموضوع، وحتى لا يختلط كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، بكلام غيره من الناس، وإن علم الحديث يوصل إلى معرفة الصحيح من العبادات، التى جاء بها نص عن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، وليس معنى الذي روي من صنيع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في بحثهم عن حكم ما يعرض لهم من الحوادث أنهم حينما ينظرون في كتاب الله باحثين عنه.
لا ينظرون إلى ما عملوه من سنة في بيان ما يدل على الحكم المطلوب من الكتاب، بل معناه أنهم ينظرون في كتاب الله متطلبين معناه لتعرف الحكم منه، وذلك ما يستلزم النظر في السنة النبوية عند ذلك، لأن البحث عما يدل عليه الكتاب يستوجب البحث فيما ورد فيه من بيان صدر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا شك أن هذا ما كان يعنيه معاذ بن جبل حين قال أقضي بكتاب الله، فإن قضاءه لا يكون قضاء بكتاب الله إلا إذا كان على وفق معناه وما أريد منه، وذلك ما قد تكون السنة طريقا إليه، فإن تركت حينئذ لم يكن القضاء عند تركها قضاء بكتاب الله تعالى ولا بما نزل به، بل قضاء بغير ما حكم الله، وذلك ما لا يكاد أن يكون محل ريبة عند ذي علم بما كان عليه
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بحثهم عن حكم ما يعرض لهم من حوادث، وهو ما يتفق مع ما جاء في الكتاب عن بيان السنة له؛ بل وما يعد مخالفته والإعراض عنه خروجا عما أمر الله به في كتابه، مما دلت عليه الآيات التي أشرنا إليها فيما سبق، من وجوب طاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم فيما جاء به من كتاب وسنة نبوية مشرفة، فما كان كل منهما إلا وحيا أوحي به إليه وأمر بتبليغه، هذا بلفظه الذي به نزل، وهذا بمعناه الذي عبر عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم بلفظه وعبارته وما كانت التفرقة بينهما راجعة إلى تقديم أحدهما على الآخر في وجوب العمل والطاعة، وإنما كانت لإرادة الإعجاز بأولهما، وهو الكتاب وجعله حجة.
على نبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما كان النظر فيه أولا لأنه الجامع لأصول الدين الهادي إلى الطريق، الكاشف عن معالمه، العاصم من الضلال فيه، ومن ذلك يتبين أن ليس في حديث معاذ بن جبل ما يدعو من ناحية متنه، وما يدل عليه إلى الشك فيه، وإلى محاولة رده من ناحية سنده، وأما ما قيل فيه من أنه ليس بمتصل كما قال الترمذي، إذ رواه شعبة، قال حدثني أبو عون عن الحارث بن عمرو عن أناس من أصحاب معاذ عن معاذ رضي الله عنه فقد قال فيه الغزالي في المستصفى، إنه حديث تلقته الأمة بالقبول، ودافع عنه ابن القيم في إعلام الموقعين، في ناحية انقطاعه فقال إن شهرة أصحاب معاذ بن جبل بالعلم والدين والفضل والصدق بالمحل الذي لا يخفى.
فإذا كان قد روي عن غير مُسمّين فهم من أصحاب معاذ بن جبل ولا يضره ذلك، لأن ذلك دليل شهرته إذ لم ينفرد بروايته واحد منهم، بل رواه الحارث بن عمرو عن جمع منهم، وليس يعرف فيهم متهم ولا كذاب ولا مجروح، بل أصحابه من أفاضل المسلمين وخيارهم، وذلك ما يجب أن يكون عليه فهمنا لما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حين يبحثون عن حكم ما يعرض عليهم من الحوادث من الكتاب، إذ لا يستغني تعرف ما جاء به الكتاب من أحكام عن النظر في السنة، فقد جاءت كما بينا بيانا له، ولا يستغني المبين عن بيانه، ألا يرى أن من آياته ما قد يحتمل أكثر من معنى، فتعين السنة النبوية المعنى المراد من المعاني المختلفة وعندئذ يترك ما عداه.