أهمية دراسة الحديث الشريف ” جزء 4″

الدكرورى يكتب عن أهمية دراسة الحديث الشريف ” جزء 4″

بقلم / محمـــد الدكــــرورى

أهمية دراسة الحديث الشريف ” جزء 4″

ونكمل الجزء الرابع مع أهمية دراسة الحديث الشريف، مما كان سببا في عدم التعرف على كثير من الأحاديث الموضوعة، واختلاطها بالأحاديث الصحيحة، وكان ذلك بناء على ما وصل إليه تحريهم وبحثهم في سلامة أسانيدها، وتوافر الثقة في رجالها، وهي ثقة كما نعلم قامت على التحري، والسماع، والتقدير، وذلك أمر يتعرض للخطأ، وتختلف فيه الأنظار باختلاف الناس وتفاوتهم في أفكارهم وأنظارهم وبحوثهم، ويؤيد أصحاب هذا الرأي رأيهم هذا بذكر بعض أحاديث وردت في الصحاح، يرونها من ناحية ما دلت عليه غير مقبولة في عقولهم، أو معارضة لما هو معروف مسلم لديهم من الوقائع والقضايا، وذلك مثل ما أخرجه البخاري عن عامر بن سعد عن أبيه قال.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” من اصطبح كل يوم تمرات عجوة، لم يضره سم، ولا سحر ذلك اليوم إلى الليل ” وفي رواية ” سبع تمرات عجوة” وفي رواية أخرى ” من تصبح كل يوم بسبع تمرات” ومثله لمسلم عن سعيد بن أبي العاص، وروى مسلم أيضا عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال، أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ” متى تقوم الساعة؟ ” قال، فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم، هنيهة ثم نظر إلى غلام بين يديه من أزد شنوءة فقال ” إن عمر هذا لم يدركه الهرم حتى تقوم الساعة” قال أنس، ذاك الغلام من أترابي يومئذ، وقد مات أنس سنة ثلاثة ونسعين من الهجرة وهو ترب الغلام والواقع أن هذا النقد لا يخلو من حيف وجور.

في الحكم على الجهود التي بذلها علماء السنة للحكم على الحديث من ناحية متنه، وإذا كانت جهودهم في هذا المجال من حيث التفصيل والمادة دون جهودهم في سبيل الحكم على السند ورجاله، فإن ذلك التفاوت لا يرجع إلى نقص أو تقصير بالنسبة لما يتطلبه النظر في المتن وحاله والحكم على الحديث بناء على ذلك، وإنما يرجع إلى أن أحوال المتن ليس لها ما لأحوال السند من تنوع وتعدد واختلاف، مما أدى إلى كثرة البحوث والعلوم المتعلقة بالسند، ولم يغفل علماء الحديث النظر في المتن، وما يجب أن يتوافر فيه من الصفات الدالة على صحته، وما يجب أن يبرأ منه المتن من العلامات والشواهد التي إذا وجدت فيه دلت على وضعه مما هي كفيلة بالتعرف على أي حديث موضوع.

وتمييزه عند مراعاتها وهذا بيان أهمها في إجمال، ركاكة معناه وضعفه، حيث قال الحافظ ابن حجر ما خلاصته، هو ركاكة معنى الحديث يدل على وضعه، وإن لم ينضم إلى ذلك ركاكة في لفظه، لأن الدين كله محاسن والرداءة والضعف مما ينأى عنه الدين، وأيضا فساد معناه، وذلك بأن يخالف ما تقضي به العقول السليمة دون إمكان تأويله، كأن يخالف البدهيات، أو ما هو معروف مسلم به من القواعد العامة في الحكم والأخلاق، أو داعيا إلى الاستجابة إلى الشهوة والمفسدة أو مخالفا للحس والمشاهدة، أو لقطعيات التاريخ، وللسنن الكونية أو لبدهيات الطب، أو المعقول في أصول العقيدة من صفات الله ورسله، أو مشتملا على سخافات لا تصدر عن عاقل، وفي ذلك يقول ابن الجوزي.

إذا رأيت الحديث يباين المعقول، أو يخالف المنقول، أو يناقض الأصول، فاعلم أنه موضوع، وقال في كتابه المحصول، كل خبر أوهم باطلا، ولم يقبل التأويل فمكذوب، أو قد نقص منه ما يزيل الوهم، وأيضا مخالفته للكتاب أو السنة المتواترة أو الإجماع القطعي، فقال ابن قيم الجوزية ومن الأمور التي يعرف بها أن الحديث موضوع مخالفته صريح الكتاب، كحديث مقدار مدة الدنيا، وأنها سبعة آلاف سنة، لمخالفته قوله تعالى فى سورة الأعراف ” قل إنما علمها عند ربى ” وقوله تعالى فى سورة لقمان ” إن الله عنده علم الساعة ” ومن ذلك أيضا مخالفته صريح السنة المسلم بها شهرتها أو لتواترها وأيضا مخالفته الوقائع التاريخية المقطوع بصحتها.