حقائق واسرار عن حرب اكتوبر ١٩٧٣م 

حقائق واسرار عن حرب اكتوبر ١٩٧٣م 

بقلم : د . احمد ممدوح(احمدعمارة)

حقائق واسرار عن حرب اكتوبر ١٩٧٣م

ما زالت حرب أكتوبر المجيدة ١٩٧٣م، تخفي الكثير من الأسرار التي لا نعلمها عنها شيا،. ومن ضمن هذه الاسرار والتي تظهر عبقرية مصر في نشر حالة الاستسلام للهزيمة وعدم القدرة علي مواجهة الجيش الإسرائيلي والتي كشفتها كلا من وثائق ويكيليكس والوثائق الإسرائيلية :

 

اولا بالنسبة لوثائق ويكيليكس :

 

أكدت وثائق ويكيليكس علي الاتي :

 

١- استبعاد المواجهة العسكرية مع مصر وسوريا، وإخفاء حكومة غولدا مائير الخسائر عن شعبها.

 

٢- توثق الوثيقة اجتماعاً بين وزير الخارجية الإسرائيلي في حينه آبا إيفين، ونائب السفير الأميركي في إسرائيل جاي أوان زورهالين، في الحادي عشر من نيسان ١٩٧٣م، أي قبل نحو نصف عام من الحرب. سعى إيفين خلال الاجتماع إلى تبديد الخشية من احتمال أن تشن مصر حرباً على إسرائيل، وقدم تعليلاً لذلك ثلاثة أسباب:

 

أولاً، عقلانية (الرئيس المصري السابق أنور) السادات.

 

ثانياً، رضا الجيش المصري عن الوضع القائم.

 

وثالثاً، عدم توافر الدعم من قبل الاتحاد السوفياتي للحرب.

 

وتظهر الوثيقة انتقاداً قوياً من جانب الدبلوماسي الأميركي إيفين، وخصوصاً حيال عدم رغبة إسرائيل في العمل لاختراق الجمود السياسي القائم مع مصر.

 

ويكتب زورهالين «لقد كرر إيفين تفسيرات إسرائيل الثابتة تجاه الوضع، من دون تقديم أي اقتراحات جديدة، بل إن الانطباع المكون من الجلسة معه يشير الى أن إسرائيل لا ترى حاجة إلى تغيير واقع الجمود القائم».

 

٣- وتشير وثائق أخرى، تحمل تاريخ الأيام الأخيرة قبيل اندلاع الحرب في ٦ تشرين الأول، إلى عدم الاهتمام الذي تعامل به الجانب الإسرائيلي مع الأنباء التي كانت ترد حول الاستعدادات المصرية والسورية وراء الحدود.

 

٤- إحدى الوثائق المصنفة تحت خانة «سري» تتضمن تقريراً أرسله السفير الأميركي في إسرائيل، كينيث كيتينغ، في ١ تشرين الأول، جاء فيه أن «الإسرائيليين لا يرون أي تهديد من جانب سوريا أو مصر، رغم أنهم يواكبون ما يقوم به المصريون، كما أنهم مطلعون على إعادة انتشار الجيش السوري». وتلت هذه الوثيقة أربع وثائق أخرى، على مدى الأيام التالية التي سبقت اندلاع الحرب، تضمنت جميعها تقارير حول الاستعدادات العسكرية المصرية والسورية.

 

٥- وتشير إحدى الوثائق، المرسلة بتاريخ الخامس من تشرين الأول، إلى أن الأميركيين أيضاً كان لديهم تقدير يستبعد الحرب، إذ ورد في إحداها «نحن نواصل الاعتقاد بأن وضعية التأهب لدى السوريين هي جزء من الأنشطة التدريبية الاعتيادية». وفي اليوم التالي، أي اليوم نفسه الذي اندلعت فيه الحرب، تحدثت وثيقة أخرى بلهجة مغايرة عن التقديرات السابقة، وتتضمت العبارة الآتية: «حكومة إسرائيل تخشى هجوماً سورياً ومصرياً اليوم»، وترد العبارة كعنوان للوثيقة، من دون أي إضافات. ومن بين الوثائق البارزة، واحدة أرسلها السفير الأميركي في تل أبيب في الثامن من تشرين الأول، أي في اليوم الثالث من الحرب، حين كانت إسرائيل قد تعرضت لضربات قاسية وعلى وشك إخلاء المواقع المشرفة على قناة السويس. ويكتب كيتينغ في تقريره عن الخسائر الكبيرة التي مني بها الجيش الإسرائيلي، وعن الثمن السياسي الذي قد تدفعه حكومة غولدا مائير جراءها. ويشير الى «تزايد الخسائر الإسرائيلية على الجبهتين (المصرية والسورية)، وأن خطورة هذه الخسائر تتزايد حدة على خلفية إخفاء حكومة إسرائيل الخسائر عن شعبها». ويتهم الحكومة الإسرائيلية بأنها «تخفي عن الجمهور الصعوبات التي يواجهها الجيش في الجبهة. أما الاعتبار الاول لديها، فهو الحفاظ على المعنويات. أما الاعتبار الثانوي فيتعلق بالجانب الأردني، إذ إن إسرائيل تعتقد بأن الأردن يصدق تقاريرها أكثر مما يصدق تقارير الجيشين المصري والسوري».

 

اما بالنسبة للوثائق الإسرائيلية عن حرب اكتوبر ١٩٧٣م :

 

فلقد كشفت إسرائيل عن وثائق جديدة لحرب أكتوبر المجيدة وتؤكد فيها المعلومات الاتية :

 

١- جنرال القيادة الجنوبية في يوم الغفران لم تكن هناك خطة . أخطأنا في تقدير الجيش المصري.

 

٢- تدربنا على موجه الجندي المصري .. لكن عندما اندلعت الحرب وجدناه الجندي المصري شيء وما تدربنا عليه شيء أخر .

 

٣- سمعت خبر عزلي في الراديو .. وشارون لم ينفذ أوامر القادة ولا حتى رئيس الأركان .

 

٤- لم أرى سلاح الجو الإسرائيلي ولم أجد من يحميني على الأرض

 

٥- عن أرييل شارون قائد الفرقة ١٤٣ في الحرب: “عصى أوامري وهاجم تعليماتي

 

ولقد نشرت صحيفة ( إسرائيل اليوم العبرية ) تقرير عن شهادة قائد المنطقة الجنوبية المعزول في حرب يوم الغفران الجنرال شموئيل جونين (غوروديش) ، أمام لجنة أجرانت، التي حققت في ظروف اندلاع الحرب عام ١٩٧٣م، في كلماته ، يهاجم جوروديش الطريقة التي تم بها إقالته من منصبه فيقول: “تم نقلي من المنصب بإعلان سمعته في الإذاعة الإسرائيلية ، دون سابق إنذار ، دون تنسيق وموافقة رئيس الأركان (ديفيد العازار). أدوات قوية استخدمت ضدي وأثارت الرأي العام والشائعات والرقابة العسكرية والصحافة.

 

و لقد وصفني الجميع بأنني انهرت وفقدت السيطرة، وأن أوامري لم تُطاع. كل هذه القصص كذبة كاملة.

 

و لم أنهار مطلقًا والصعوبات التي واجهتني في تنفيذ الأوامر كانت بشكل أساسي مع بطل واحد (إريك شارون ، أيه جي) أنه لم ينفذ الأوامر ، لا أوامر مني، ولا أوامر رئيس الأركان ولا رؤسائه الآخرين “.

 

و لم تكن هناك خطة لإخلاء حصون القناة.

 

والسؤال المثير للاهتمام الذي يشير إليه جوروديش هو لماذا لم نتمكن من إنقاذ المزيد من الجنود الإسرائيليين من البؤر الاستيطانية للقناة التي استولى عليها المصريون.

 

و هنا يكشف قائد القيادة أنه “لم أجد خطة أو فكرة مكتوبة أو شفهية عندما أتيت إلى القيادة الجنوبية لإخلاء معاقلها أثناء الحرب ، لا في مرحلة مبكرة ولا في مرحلة متأخرة ، من ناحية أخرى ، تنص الخطة الحالية على عدم إخلاء المعاقل “.

 

كما ألقى غوروديش باللوم على رئيس الأركان ديفيد إلعازار في عدم إخلاء المعاقل ويقول إن “المشكلة تكمن في أنه بينما كان من الممكن إنقاذ سكان المعاقل بقناة السويس ليلة السبت”. أمره رئيس الاركان باخلاء معاقل هامشية فقط “.

 

قللنا من شأن المحارب المصري

في شهادته، أشار الجنرال جونين أيضًا إلى مفهوم الجيش الإسرائيلي لمستوى القتال للمقاتلين المصريين، وهو قتال تم التقليل من شأنه، ويقول: “في رأيي ، لم يكن النجاح المصري في المرحلة الأولى لأن مفهوم الدفاع كان صحيحًا. أو خطأ ، ولكن لأن خططنا الدفاعية كانت مبنية على تقييم تجريبي لمحارب مصري معين وفي هذه الحرب تم الكشف عن المحارب المصري بشكل مختلف “.

 

لم يساعد سلاح الجو فيما يتعلق بالقوات الجوية الإسرائيلية، يقول غوروديش إنه “يجب أن يكون العامل الرئيسي في الاحتواء. وأثناء الحرب ، كان الواقع مختلفًا – كل يوم كنت أتمنى أن أتلقى المساعدة الجوية التي وعدت بها كل يوم. ولكن خلال المعركة اتضح لي انه لم يكن لي سلاح جوي بدرجة كبيرة “.

 

يشير جوروديش أيضًا إلى القرارات التي اتخذها بناءً على المعلومات التي نقلها إليه قادة الفرق في الميدان، ويوضح أن هذه المعلومات مهمة لقرارات القيادة الجنوبية في القتال. “بالنظر إلى الماضي ، تبين لي أن بعض التقارير كانت غير دقيقة ، ولا تتطابق مع الوضع على الأرض. وفي بعض الحالات ، لم يبلغ عن الصعوبات وعدم النجاح في تنفيذ المهمة”.

 

بطل شاب يقود الأبطال المخضرمين

النقطة المركزية التي ذكرها غوروديش هي أنه كان قائداً عاماً وقد قاد أربعة من كبار الجنرالات. ويشير إلى أنه مع معظمهم “سار كل شيء بسلاسة” وحتى في حالة باران ، الذي كان بطلًا مخضرمًا كان مطيعا للأوامر لكن لم يكن هذا هو الحال مع الرائد أرييل شارون “عندما رفض الأمر وهاجم بالرغم من الأمر الصريح. وعندما واجهت هذه الظاهرة الخطيرة المتمثلة في عصيان الأمر من قبل ضابط كبير ، أبلغت رئيس الأركان بذلك وطلبت استبداله. لكنه لم يرد ومن بعدها فصاعدا ، تحول الأمر من سيء إلى أسوأ “.

 

في شهادته أمام لجنة أغرانت ، ذكر جوروديش أنه منذ اللحظة الأولى كان يعتقد أن نية المصريين كانت عملية عسكرية واسعة النطاق والاستيلاء على أجزاء كبيرة من سيناء. هذا المنصب جعله يدير القتال بقصد منع هذا النجاح المصري مع إدارة انتشار قواته في الميدان بهذه الطريقة.

 

  • تصريح اللواء دكتور محمد الغبارى، مدير كلية الدفاع الوطنى الأسبق عن حرب اكتوبر ١٩٧٣م :

 

يعتبر اللواء دكتور محمد الغبارى، مدير كلية الدفاع الوطنى الأسبق، ومدير سلاحى المدرعات والشرطة العسكرية سابقاً، أن حرب أكتوبر المجيدة لم تبدأ مع اندلاع شرارة الحرب فى الساعة الثانية و ٥ دقائق من ظهر يوم ٦ أكتوبر، لكنها بدأت قبل ذلك بأيام، حين نجحت كل أجهزة الدولة فى إخفاء نية الحرب عن إسرائيل، حتى وصل الأمر بقياداتها العسكرية لسؤال كافة أجهزة المخابرات حول العالم، والتى تحدثت عن أن التجهيزات التى تقوم بها مصر على جبهة القتال دفاعية، وأن الرئيس الراحل أنور السادات «يلهى شعبه»، تحت ستار أنه يستعد للحرب، ومن ثم كثف المشروعات التدريبية.

 

ويقول اللواء دكتور محمد الغبارى

التحقيقات التى أزيلت سريتها مؤخراً، من أنهم كانوا يعتقدون هم وأجهزة المخابرات العالمية بأنه لن تقوم حرب.

 

واظهرت ان مصر اتبعت الأسلوب العلمى السليم فى التخطيط للحرب وإعدادها، وذلك ليس على مستوى القوات المسلحة فقط، ولكن عبر إعداد الدولة بالكامل للحرب، من جوانب عسكرية، وسياسية، ومسرح العمليات الدولى، والإعلام، والوزارات، وكل شىء، والقوات المسلحة اعتمدت على جانبى التدريب والخداع الاستراتيجى

 

لكن رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية ذكر أن هناك «عميلاً للموساد»، يقصد أشرف مروان، أخبرهم بموعد الحرب فجر يوم ٦ أكتوبر.

 

و حينما تحدث عن أن «مصدرهم فى مصر»، كما كان يتحدث، فإنه ذكر فى البداية أنه قال ستكون هناك حرب، ولم تحدث الحرب، وهنا يقال إنه كان «عميلاً مزدوجاً»، وكان يوصل لهم المعلومات التى نريد أن يوصلها إليهم، فأجهزة المخابرات العالمية حينما تعمل توصل المعلومات عن طريق مصادر علنية، أو عن طريق عملاء، أو زرع فى سلوك القوات، كل ما هو مطلوب ليظهر العمل عادياً غير مخابراتى.

 

وبالحديث عن جهود أجهزة المخابرات المصرية، فهى شاركت أيضاً فى عملية الخداع الاستراتيجى قبل الحرب مباشرة، بعدم القيام بنشاط استخباراتى عالٍ جداً قبل الحرب، والاكتفاء بالمعلومات التى تم جمعها قبلها، وهو ما أظهر لإسرائيل أيضاً أن مصر لم تكن تستعد للحرب، على نقيض الحقيقة.

 

لقد تم استخدام الخداع الاستراتيجى، حيث ان كل التقديرات كانت تقول إن مصر ستخسر ٦٠ % من قواتها لكسب كيلومتر واحد فى سيناء، خلال محاولات اقتحام قناة السويس، وتسلق الساتر الترابى، والتعامل مع النقاط القوية، ومعنى ذلك أنك خسرت الحرب قبل أن تبدأ، لكن الخسائر كانت أقل من ذلك بكثير، بفضل خطة «الخداع الاستراتيجى»، وتمكُّن القوات المسلحة من تنفيذ ضربة جوية ناجحة لمراكز القيادة والسيطرة الإسرائيلية، وتنفيذ خطط العبور بكفاءة واقتدار، ولو لم يحدث ذلك لم تكن مصر لتستطيع أن تنتصر بالمعطيات العادية التى كانت تؤكد تفوق الجيش الإسرائيلى قبل الحرب، ولم نكن لنستعيد كامل مساحة سيناء دون شبر واحد.