الدكرورى يكتب عن العباس بن عبد المطلب بن هاشم ” جزء 2″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
العباس بن عبد المطلب بن هاشم ” جزء 2″
ونكمل الجزء الثانى مع العباس بن عبد المطلب بن هاشم، وقد ولد في مكة قبل مولد الرسول صلى الله عليه وسلم، بعامين أو ثلاثة، وأمه نتيلة بنت جناب بن كليب، كانت هي أول من كسا الكعبة الحرير والديباج، وذلك أن العباس ضاع وهو صغير، فنذرت إن وجدته أن تكسو البيت، فوجدته ففعلت، وله أحد عشر أخا، وست أخوات، وقد وُلد للعباس عشرة من الذكور ما عدا الإناث، ويروى أن رجلا من الأنصار سبّ أبا العباس كان في الجاهلية، فغضب العباس ولطمه، فجاء الأنصاري إلى قومه، فقالوا والله لنلطمنه كما لطمه، فلبسوا السلاح، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فصعد المنبر، وقال ” أيها الناس، أي أهل الأرض أكرم على الله؟ قالوا أنت، قال فإن العباس مني وأنا منه، لا تسبّوا أمواتنا فتؤذوا أحياءنا”
فجاء القوم فقالوا نعوذ بالله من غضبك يا رسول الله” رواه أحمد، وقد أسلم العباس رضي الله عنه، قبل فتح مكة، وحضر الفتح، وهو الذي طلب الأمان لأبي سفيان بن حرب، وكان سببا في إيمانه، وقد اشترك رضي الله عنه، بعد ذلك في فتوح المسلمين، وكان يوم حنين ممسكا بلجام بغلة النبي صلى الله عليه وسلم، وكان ممن التفّ حول الرسول صلى الله عليه وسلم، يدافع عنه بعد أن فرّ أغلب المسلمين، وأخذ العباس ينادى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، على المسلمين حتى ثبتوا، وأنزل الله عليهم سكينته، وكان النصر العظيم في ذلك اليوم، وعندما خرج الرسول صلى الله عليه وسلم، ومعه أصحابه إلى أهل الطائف، عسكر بجيشه في مكان قريب منها.
ثم بعث إليهم حنظلة بن الربيع رضي الله عنه ليكلمهم، فلما وصل إليهم خرجوا وحملوه ليدخلوه حصنهم ويقتلوه، فلما رأى الرسول صلى الله عليه وسلم، ذلك، خاف على حنظلة، ونظر إلى أصحابه يحثهم على إنقاذه، وقال صلى الله عليه وسلم ” من لهؤلاء؟ وله مثل أجر غزاتنا هذه ” فلم يقم أحد من الصحابة إلا العباس الذي أسرع ناحية الحصن حتى أدرك حنظلة، وقد كادوا أن يدخلوه الحصن، فاحتضنه وخلصه من أيديهم فأمطروه بالحجارة من داخل الحصن، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم ” يدعو له حتى وصل إليه ومعه حنظلة، وقد نجا من هلاك محقق” وفي خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أجدبت الأرض وأصابها الفقر الشديد، فخرج الناس إلى الصحراء.
ومعهم عمر والعباس، فرفع عمر بن الخطاب يديه إلى السماء، وقال اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا، وإن نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا ” رواه البخاري، فلما استسقى عمر بالعباس، قام العباس ورفع يديه إلى ربه وقال اللهم إنه لم ينزل بلاء إلا بذنب، ولم يكشف إلا بتوبة، وقد توجه القوم بي إليك لمكاني من نبيك، وهذه أيدينا إليك بالذنوب ونواصينا إليك بالتوبة، فاسقنا الغيث، ولم يكد العباس ينهي دعاءه حتى امتلأت السماء بالغيوم والسحاب، وأنزل الله غيثه، فانطلق الناس يهنئون العباس، ويقولون له هنيئا لك ساقي الحرمين، ولقد كانت السقاية لبني هاشم، وكان أبو طالب يتولاها، فلما اشتد الفقر بأبي طالب، أسند السقاية إلى أخيه العباس، وكان من أكثر قريش مالا، فقام بها.
وعليه كانت عمارة المسجد، وكان نديمه في الجاهلية أبا سفيان بن حرب، وقد شهد العباس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، بيعه العقبه، لما بايعه الانصار، ليشدد له العقد، وكان حينئذ مشركا وكان ممن خرج مع المشركين اِلي بدر مكرها، واسر يومئذ فيمن اسر، وكان قد شد وثاقه، فسهر النبي صلى الله عليه وسلم، تلك الليله ولم ينم، فقال له بعض اصحابه ما يسهرك يا نبي الله؟ فقال “اسهر لانين العباس” فقام رجل من القوم فارخي وثاقه، فقال له النبى صلى الله عليه وسلم ” مالي لا اسمع انين العباس؟ ” فقال الرجل انا ارخيت من وثاقه فقال له النبى صلى الله عليه وسلم” فافعل ذلك بالاسري كلهم” وفدي يوم بدر نفسه وابني اخويه عقيل بن ابي طالب، ونوفل بن الحارث.