الدكرورى يكتب عن العباس بن عبد المطلب بن هاشم ” جزء 4″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
العباس بن عبد المطلب بن هاشم ” جزء 4″
ونكمل الجزء الرابع مع العباس بن عبد المطلب بن هاشم، وعن عامر بن سعد، عن العباس بن عبد المطلب، قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” ذاق طعم الايمان من رضي بالله ربا، وبالاسلام دينا، وبمحمد رسولا” وكان له من الولد عشره ذكور سوي الاناث، وقد فدى العباس بن عبد المطلب رضى الله عنه، من أسرى بدر حين أسر، نفسه وابني أخيه عقيل بن أبي طالب، ونوفل بن الحارث، وحليفه عتبة بن عمرو، وكان أكثر الأسارى يوم بدر فداء، لأنه كان رجلا موسرا، فافتدى نفسه بمائة أوقية من ذهب، ولم يعلن العباس بن عبد المطلب رضى الله عنه إسلامه إلا عام الفتح.
مما جعل بعض المؤرخين يعدونه ممن تأخر إسلامهم، وقيل فى روايات أخرى من التاريخ توحي أنه كان من المسلمين الأوائل، ولكن كتم إسلامه، ويقول أبو رافع خادم الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم “كنت غلاما للعباس بن عبد المطلب، وكان الإسلام قد دخلنا أهل البيت، فأسلم العباس، وأسلمت أم الفضل، وأَسلمت، وكان العباس يكتم إسلامه” فكان العباس رضى الله عنه، مسلما قبل غزوة بدر، وكان مقامه بمكة بعد هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم، وصحبه، خطة أدت غايتها على خير نسق، وكانت قريش دوما تشك في نوايا العباس، ولكنها لم تجد عليه سبيلا، وفي بيعة العقبة الثانية عندما قدم مكة في موسم الحج وفد الأنصار، ثلاثة وسبعون رجلا وامرأتان.
ليعطوا الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، بيعتهم، وليتفقوا مع الرسول صلى الله عليه وسلم، على الهجرة إلى المدينة، أنهى الرسول صلى الله عليه وسلم، فقد نبأ هذا الوفد إلى عمه العباس، فقد كان يثق بعمه في رأيه كله، فلما اجتمعوا كان العباس رضى الله عنه، أول المتحدثين فقال “يا معشر الخزرج، إن محمدا منا حيث قد علمتم، وقد منعناه من قومنا، ممن هو على مثل رأينا فيه، فهو في عز من قومه، ومنعة في بلده، وإنه قد أَبَى إلا الانحياز إليكم واللحوق بكم، فإن كنتم ترون أنكم وافون له بما دعوتموه إليه، ومانعوه ممن خالفه فأنتم وما تحملتم من ذلك، وإن كنتم ترون أنكم مسلموه وخاذلوه بعد الخروج به إليكم فمن الآن فدعوه، فإنه في عز ومنعة من قومه وبلده”
وكان الرسول صلى الله عليه وسلم، يذكر بالمدينة ليلة العقبة فيقول “أيدت تلك الليلة بعمّي العباس، وكان يأخذ على القومِ ويعطيهم” ولقد كان العباس بن عبد المطلب رضى الله عنه، جوّادا مفرط الجود، وصولا للرحم والأهل، فطنا إلى حد الدهاء، وبفطنته هذه التي تعززها مكانته الرفيعة في قريش، استطاع أن يدرأ عن الرسول صلى الله عليه وسلم، حين يجهر بدعوته الكثير من الأذى والسوء، ولم تكن قريش تخفي شكوكها في نوايا العباس رضى الله عنه، ولذا فقد وجدت في غزوة بدر فرصة لاختبار حقيقة العباس، فدخل العباس رضى الله عنه الغزوة مكرها، ويلتقي الجمعان في غزوة بدر، وينادي الرسول صلى الله عليه وسلم، في أصحابه قائلا.
“إن رجالا من بني هاشم ومن غير بني هاشم قد أخرجوا كرها، لا حاجة لهم بقتالنا، فمن لقي منكم أحدهم فلا يقتله، من لقي أبا البختري بن هشام فلا يقتله، ومن لقي العباس بن عبد المطلب فلا يقتله، فإنما أخرج مستكرها” وقد أسر العباس فيمن أسر يوم بدر، وكان أسره على يد أبي اليسر كعب بن عمرو، وقد طلب منه الرسول صلى الله عليه وسلم، أن يفدي نفسه وذويه، فرفض العباس رضى الله عنه، قائلا “إني كنت مسلما قبل ذلك، وإنما استكرهوني” قال صلى الله عليه وسلم، “الله أعلم بشأنك، إن يك ما تدعى حقا فالله يجزيك بذلك، وأما ظاهر أمرك فقد كان علينا، فافدى نفسك” وبعثت له أم الفضل من مكة بالفدية، فأطلق الرسول صلى الله عليه وسلم، سراحه، ويجيء يوم حنين ليؤكد فدائية العباس بن عبد المطلب.