الدكرورى يكتب عن كذب المنجمون ولو صدفوا ” جزء 3″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
كذب المنجمون ولو صدفوا ” جزء 3″
ونكمل الجزء الثالث مع كذب المنجمون ولو صدفوا، فهذا كله باطل وإن تكرر حدوث ما يخبر به هؤلاء مثل أن يخبروا عن إنسان فعل كذا أو فعل كذا وهم قد شاهدوه في مناطق أخرى، أو أشياء أخبر بها الجن أنها وقعت في بلاد كذا وكذا، أو حدث كذا، أو صار كذا، فهم ينقلون عن الجن أخبارا أدركها الجن في بعض البلدان فأخبروا بها أولياءهم وهذا كله لا صحة له، ولا يحكم بأنهم يعلمون الغيب أبدا، لإن علم الغيب إلى الله سبحانه وتعالى وحده،و لكن هناك أمور تقع في بعض البلدان فينقلها الجن بعضهم إلى بعض، أو شيء يسمع من السماء، يسمعونه من الملائكة، إذا استرقوا السمع إلى السماء، فينقلونه إلى أوليائهم من الإنس، فقد تكون حقا فيقع ويظن الناس أن كل ما فعلوا وقالوا صحيح.
ويكذبون مع ذلك الكذب الكثير كما في الحديث الشريف عن النبى الكريم صلى الله عليه وسلم أنه قال ” إنهم يكذبون معها مائة كذبة ” رواه البخاري ومسلم، وإن البعض منهم يكذب أكثر من مائة كذبة فلا يلتفت إليهم لأن عمدتهم الكذب، وتعاطي الباطل والقول بغير علم، وإن الجن كالإنس فيهم الكافر وفيهم المبتدع وفيهم الفاسق وفيهم الطيب، فالفساق للفساق، والكفار للكفار، والطيبون للطيبين، فالجن الذين يكذبون لبعض شياطين الإنس بإخبارهم ببعض المغيبات التي سمعوها من السماء، أو سمعوها من بعض البلدان، هؤلاء يفعلون ذلك لأنهم خدموهم بعبادتهم من دون الله تعالى والذبح لهم ونحو ذلك، فالجن يخدمونهم بهذه الأخبار وهذه الآثار التي يكذبون فيها.
وقد يصدقون في الشيء القليل، فيظنهم الناس صادقين في البقية، وأما عن حكم الإسلام في تعلم ما يسمى بالتخاطر والشاكرات والريكي والعلاج الروحاني الإسلامي ونحو ذلك؟ فقد سبق أن تكلمنا عن علوم العلاج بالطاقة، كالريجي والشاكرا وغيرها من أنواع الطب الشرقي، الوثني الأصل والمنشأ والفكر، وبينا حرمة هذه الأنواع من العلاجات، وإن علم التخاطر ونحوه من العلوم التي تتعلق بما وراء النفس أو ما وراء الطبيعة، وإن علم الغيب هو مما اختص الله عز وجل به نفسه، ولا يطلع عليه أحدا إلا من رضيه من رسله الكرام، وقال ابن الجوزي رحمه الله، ذلك لأن علم الغيب لله وحده فلا يُطلع على غيبه الذي يعلمه أحدا من الناس إلا من ارتضى من رسول.
لأن من الدليل على صدق الرسل إخبارهم بالغيب، والمعنى هو أن من ارتضاه للرسالة أطلعه الله تعالى على ما شاء من غيبه، وفي هذا دليل على أن من زعم أن النجوم تدله على الغيب فهو كافر، ومن صدّق كاهنا أو عرافا لا تقبل له صلاة أربعين ليلة، وإن قراءة الأبراج ضرب من التنجيم الذي أجمعت الأمة على تحريمه، لأنه رجم بالغيب، وتخرص بلا علم، وتقحم لما استأثر الله بعلمه، فعن ابن عباس رضى الله عنهما قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “من اقتبس علما من النجوم اقتبس شعبةً من السحر” أخرجه ابو دود بسند صحيح، وحتى لا يستغبينا أحد، أو يرمى علماء الأمة بالجهل ومعاداة العلم والمعرفة، فإن التنجيم المحرم المذموم ليس هو بمعرفة مواقع النجوم ومواقيتها.
كيف وذلك مما يستعان به على طاعة الله من معرفة جهة القبلة ومواقيت الصلاة، والله سبحانه يقول فى كتابه الكريم فى سورة الأنعام” وهو الذى جعل لكم النجوم لتهتدوا بها فى ظلمات البر والبحر قد فصلنا الآيات لقوم يعلمون ” وقال تعالى فى سورة النحل ” وعلامات وبالنجم هم يهتدون ” وليس من التنجيم المحرّم تعلم علم الفلك، والنظر في أسرار الكون وعجائبه، فإن ذلك من النظر في ملكوت السماوات، ومن التفكر في خلقها، الداعي إلى تعظيم الله سبحانه وتعالى، وزيادة الإيمان به وبأسمائه وصفاته، وليس التنجيم المحرم بربط الأحوال الجوية والمواسم المناخية بظهور نجم، أو خفائه، فهذا من ربط الشيء بعلاماته التي عرفت بالاستقراء والتتبع لحركة النجوم وظهورها.