الدكرورى يكتب عن السيدة رملة بنت أبى سفيان “جزء 3”
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
السيدة رملة بنت أبى سفيان “جزء 3″
ونكمل الجزء الثالث مع السيدة رملة بنت أبى سفيان، فكان هذا الزواج تعويضا لها عما لاقته رضي الله عنها، من عنت ومشقة، ومكافأة لها من الله سبحانه وتعالى، لصبرها وثباتها، وما ادخره الله عز وجل لها في الآخرة خير وأبقى، والسيده أم حبيبه كان أخوها هو معاوية بن أبي سفيان، وكان أبوه هو صخر بن حرب بن أميه بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي الأموي، وقد ولد رضي الله عنه قبل بعثة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم بخمس سنوات، وقد أسلم رضي الله عنه في عمرة القضاء بعد صلح الحديبية، إلا أنه لم يظهر إسلامه إلا يوم فتح مكة في السنة الثامنة من الهجرة النبوية، وكان معاوية بن أبي سفيان سادس الخلفاء في الإسلام ومؤسس الدولة الأموية في الشام وأول خلفائها.
وقد ولد بمكة وتعلم الكتابة والحساب، وقد أسلم قبل فتح مكة، ولما استخلف أبو بكر الصديق فقد ولاه قيادة جيش تحت إمرة أخيه يزيد بن أبي سفيان، فكان على مقدمته في فتح مدينة صيداء وعرقة وجبيل وبيروت، ولما استخلف عمر بن الخطاب جعله واليا على الأردن، ثم ولاه دمشق بعد موت أميرها يزيد وكان هو أخيه يزيد بن أبى سفيان، ثم ولاه عثمان بن عفان الديار الشامية كلها وجعل ولاة أمصارها تابعين له، وبعد حادثة مقتل عثمان بن عفان، أصبح الإمام علي بن أبي طالب الخليفة فنشب خلاف بينه وبين معاوية بن أبى سفيان، حول التصرف الواجب عمله بعد مقتل الخليفة عثمان بن عفان، إلى أن اغتال ابن ملجم الخارجي الإمام علي بن أبى طالب.
فتولى ابنه الحسن بن علي الخلافة ثم تنازل عنها لمعاوية فى عام واحد وأربعين من الهجره، وكان ذلك وفق عهد بينهما، فأسس معاوية الدولة الأموية واتخذ دمشق عاصمةً له، وكان معاويه قد تفرس فيه أبوه وأمه منذ الطفولة بمستقبل كبير، فروي أن أبا سفيان نظر إليه وهو طفل فقال ” إن إبني هذا لعظيم الرأس، وإنه لخليق أن يسود قومه ” فقالت هند بن عتبه زوج أبى سفيان ” قومه فقط؟ ثكلته إن لم يسد العرب قاطبة ” وعن أبان بن عثمان بن عفان قال ” كان معاوية يمشي وهو غلام مع أمه هند فعثر فقالت قم لا رفعك الله وأعرابي ينظر إليه فقال لم تقولين له فوالله إني لأظنه سيسود قومه فقالت لا رفعه الله إن لم يسد إلا قومه ” وقيل أنه أسلم قبل الفتح وبقي يخفي إسلامه حتى عام الفتح.
وقد قال الذهبي ” أسلم قبل أبيه في عمرة القضاء، وبقي يخاف من الخروج إلى النبي صلى الله عليه وسلم، من أبيه، وروي عن معاوية أنه قال ” لما كان عام الحديبية صدت قريش رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البيت ودافعوه بالراح وكتبوا بينهم القضية، وقع الإسلام في قلبي، فذكرت ذلك لأمي هند بنت عتبة فقالت إياك أن تخالف أباك، أو أن تقطع أمرا دونه فيقطع عنك القوت، فكان أبي يومئذ غائبا في سوق حباشة قال: فأسلمت وأخفيت إسلامي، فوالله لقد دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحديبية إني مصدق به، وأنا على ذلك أكتمه من أبي سفيان، ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة عام عمرة القضاء وأنا مسلم مصدق به.
وعلم أبو سفيان بإسلامي فقال لي يوما لكن أخوك خير منك، فهو على ديني، قلت لم آل نفسي خيرا، وقال: فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة عام الفتح فأظهرت إسلامي ولقيته فرحب بي ” وكان رضي الله عنه يتصف بالبياض والطول، وكان أبيض شعر الرأس واللحية، كان يتصف بالحلم والوقار، والكرم والشهامة، وقد صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وروى عنه الكثير من الأحاديث، وكان أحد كتّاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد شهد مع النبي صلى الله عليه وسلم غزوة حُنين، وأعطاه رسول الله حينها مائة من الإبل، وأربعين أوقية من الذهب، وقد شهد معركة اليمامة، وروى عنه جماعة من الصحابة والتابعين.