الدكرورى يكتب عن الرسول في غزوة بحران “جزء 2”
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
الرسول في غزوة بحران “جزء 2”
ونكمل الجزء الثانى مع الرسول في غزوة بحران،وأما عن هذه الغزوة فقد بلغه صلى الله عليه وسلم، أن جموعا كبيرة من قبيلة بني سليم كانت قد تجمعت في وادي حجر في منطقة الحجاز، وكان هذا السبب الرئيسي وراء تلك الغزوة، فأعد المسلمون العدة وخرجوا لملاقاة القوم، فقد كانت غاية المسلمين في جميع الغزوات والحروب ابتغاء مرضاة الله في نشر دينه والدفاع عن أمته، وحتى يتمكن الناس من اختيار دينهم الحق دون ظلم يلحق بهم أو إجبار على الكفر، وحتى تنتشر عقيدة التوحيد دون عوائق من قبل أعداء الله تعالى، ولكن كفار قريش ومن والاها من القبائل العربية كانت تقف عقبة في وجه المسلمين فأراد النبى صلى الله علي وسلم، أن يحطم جبروتهم ويكسر شوكتهم.
ويسمح للضعفاء من الناس أن يدخلوا في دين الله تعالى دون ملاحقات من جبابرة قريش وكفارها الأشرار، فكانت غزوة بحران مثل بقية الغزوات التي سبقتها والتي وقعت بعدها لهدم صروح الشرك والكفر ورفع مآذن التوحيد في الأرض وحتى تحد من تمادي الكافرين والمشركين وتظهر للناس قوة الدولة الإسلامية الحديثة في تلك الحقبة، ولقد خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، في السنة الثالثة من الهجرة وفي شهر ربيع الآخر تحديدا إلى منطقة بحران وهي منطقة في الحجاز قريبة من منطقة يقال لها الفرع، حيث يبعد جبل بحران عن رابغ مسافة مائة كيلو متر تقريبا، بعد أن أعد العدة واستعان بالله سبحانه وتعالى، وكان جيش المسلمين عبارة عن دورية قتالية كبيرة.
خرج بها النبى صلى الله علي وسلم، بعد ما بلغه من أخبار أن جموع بني سليم قد تجمعت في منطقة قرب جبل بحران في وادي حجر، وقبل أن يصل المسلمون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلى المنطقة المقصودة بليلة واحدة أتاه رجل من بني سليم وأخبره أن جموع بني سليم قد تفرقت ولم يبق أحد منهم في المنطقة، فاحتجز المسلمون ذلك الرجل بأمر من النبي صلى الله عليه وسلم، حتى يتأكدوا من الخبر الذي جاء به، وفي اليوم التالي وصل المسلمون إلى المكان الذي كان قد تجمع فيه بنو سليم وكان القوم قد تفرقوا بالفعل، حيث لم يكن في تلك المنطقة أحد منهم، وعند ذلك أطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم، الرجل الذي احتجزه قبل ليلة وخلى سبيله.
وأقام المسلمون في المنطقة طوال شهر ربيع الآخر ثم شهر جمادى الأولى من تلك السنة ولم يلق أحدا طوال تلك الفترة، وبعد ذلك رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم، مع الجيش الذي كان معه إلى المدينة المنورة دون أن يخوضوا أي قتال مع بني سليم ولم يمسسهم سوء كما قال الله تعالى فى كتابة العزيز “فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم” حيث ذكر الله سبحانه وتعالى ذلك في عودة المسلمين سالمين في معركة حمراء الأسد التي عادوا منها دون قتال أيضا، وكانت هذه الغزوة هي ثالث غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم، التي يقوم فيها بمهاجمة بني سليم، فقد كانت الغزوة الأولى ضدهم كانت بعد معركة بدر بسبعة أيام فقط.
وفي المرة الثانية في غزوة ذي أمر وهي قبل غزوة بحران وفي نفس السنة أي في السنة الثالثة للهجرة، وعلى الرغم من أن المسلمين لم يخوضوا قتالا كما تبين في تلك الغزوة إلا أن هذه الغزوة مثل العديد من الغزوات التي قام بها النبى الكريم محمد صلى الله علي وسلم، فقد حقَقت أهدافها وفرضت هيبةَ المسلمين وجعلت منهم قوة يهابها الكفار والمشركون ويهرعون لإقامة التحالفات للقضاء على هذه الدولة الفتية إلا أن إرادة الله سبحانه وتعالى هي التي ستتحقق في النهاية ويخضع العرب جميعا لراية التوحيد ويدخلون في دين الله أفواجا وينتشر الإسلام في كل بقاع الأرض، ومعركة بحران أو غزوة بحران كانت في ربيع الآخر في السنة الثالثه للهجرة.