نبى الله حزقيل علية السلام ” جزء 6″

الدكرورى يكتب عن نبى الله حزقيل علية السلام ” جزء 6″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

نبى الله حزقيل علية السلام ” جزء 6″

ونكمل الجزء السادس مع نبى الله حزقيل علية السلام، وظاهر أمر بني آدم أن بعضهم كان يسخر بعضا مذ تناسلوا وكثروا، وإنما اختلفت الأمم في معنى التمليك فقط، وقيل جعلكم ذوي منازل لا يدخل عليكم إلا بإذن، وروي معناه عن جماعة من أهل العلم فقال ابن عباس إن الرجل إذا لم يدخل أحد بيته إلا بإذنه فهو ملك، وعن الحسن أيضا وزيد بن أسلم من كانت له دار وزوجة وخادم فهو ملك وهو قول عبد الله بن عمرو رضى الله عنهما كما في صحيح مسلم عن أبي عبد الرحمن الحبلي قال سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص وسأله رجل فقال ألسنا من فقراء المهاجرين ؟ فقال له عبد الله ألك امرأة تأوي إليها ؟ قال نعم، قال ألك منزل تسكنه ؟ قال نعم، قال فأنت من الأغنياء، قال فإن لي خادما، قال فأنت من الملوك.

وقال ابن عباس ومجاهد أن الله تعالى جعلهم ملوكا بالمن والسلوى والحجر والغمام، أي هم مخدومون كالملوك، وعن ابن عباس أيضا يعني الخادم والمنزل وقاله مجاهد وعكرمة والحكم بن عيينة، وزادوا الزوجة وكذا قال زيد بن أسلم إلا أنه قال فيما يعلم عن النبي صلى الله عليه وسلم من كان له بيت أو قال منزل، يأوي إليه وزوجة وخادم يخدمه فهو ملك” ويقال من استغنى عن غيره فهو ملك وهذا كما قال صلى الله عليه وسلم “من أصبح آمنا في سربه معافى في بدنه وله قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها” وقوله تعالى “وآتاكم” أي أعطاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين والخطاب من نبى الله موسى لقومه في قول جمهور المفسرين وهو وجه الكلام، وقول مجاهد، والمراد بالإيتاء المن والسلوى والحجر والغمام.

وقيل كثرة الأنبياء فيهم، والآيات التي جاءتهم، وقيل قلوبا سليمة من الغل والغش، وقيل إحلال الغنائم والانتفاع بها، ولكن قيل أن هذا القول مردود فإن الغنائم لم تحل لأحد إلا لهذه الأمة على ما ثبت في الصحيح، وهذه المقالة من نبى الله موسى توطئة لنفوسهم حتى تعزز وتأخذ الأمر بدخول أرض الجبارين بقوة، وتنفذ في ذلك نفوذ من أعزه الله ورفع من شأنه، ومعنى من العالمين أي عالمي زمانكم، وعن الحسن وقال ابن جبير وأبو مالك أن الخطاب لأمة النبى محمد صلى الله عليه وسلم، وهذا عدول عن ظاهر الكلام بما لا يحسن مثله، وتظاهرت الأخبار أن دمشق قاعدة الجبارين، والمقدسة معناه المطهرة، والمباركة والبركة التطهير من القحوط والجوع ونحوه وهي الشام وقيل الطور وما حوله وقال ابن عباس والسدي وابن زيد هي أريحاء.

وقال الزجاج هى دمشق وفلسطين وبعض الأردن، وقول قتادة يجمع هذا كله، وقوله تعالى “التي كتب الله لكم” أي فرض دخولها عليكم ووعدكم دخولها وسكناها لكم ولما خرجت بنو إسرائيل من مصر أمرهم بجهاد أهل أريحاء من بلاد فلسطين فقالوا لا علم لنا بتلك الديار، فبعث بأمر الله اثني عشر نقيبا، من كل سبط رجل يتجسسون الأخبار على ما تقدم، فرأوا سكانها الجبارين من العمالقة، وهم ذوو أجسام هائلة حتى قيل إن بعضهم رأى هؤلاء النقباء فأخذهم في كمه مع فاكهة كان قد حملها من بستانه وجاء بهم إلى الملك فنثرهم بين يده وقال إن هؤلاء يريدون قتالنا فقال لهم الملك ارجعوا إلى صاحبكم فأخبروه خبرنا على ما تقدم وقيل إنهم لما رجعوا أخذوا من عنب تلك الأرض عنقودا فقيل حمله رجل واحد، وقيل حمله النقباء الاثنا عشر.

ويقال إنهم لما وصلوا إلى الجبارين وجدوهم يدخل في كم أحدهم رجلان منهم ولا يحمل عنقود أحدهم إلا خمسة منهم في خشبة، ويدخل في شطر الرمانة إذا نزع حبه خمسة أنفس أو أربعة، وقيل لا تعارض بين هذا والأول فإن ذلك الجبار الذي أخذهم في كمه ويقال في حجره، هو عوج بن عناق، وكان أطولهم قامة وأعظمهم خلقا، وكان طول سائرهم ستة أذرع ونصفا في قول مقاتل، وقال الكلبي كان طول كل رجل منهم ثمانين ذراعا، والله أعلم، فلما أذاعوا الخبر ما عدا يوشع وكالب بن يوقنا، وامتنعت بنو إسرائيل من الجهاد عوقبوا بالتيه أربعين سنة إلى أن مات أولئك العصاة ونشأ أولادهم ، فقاتلوا الجبارين وغلبوهم، وأما عن قوله تعالى “ولا ترتدوا على أدباركم” أي لا ترجعوا عن طاعتي وما أمرتكم به من قتال الجبارين، وقيل لا ترجعوا عن طاعة الله إلى معصيته.