نبى الله حزقيل علية السلام ” جزء 9″

الدكرورى يكتب عن نبى الله حزقيل علية السلام ” جزء 9″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

نبى الله حزقيل علية السلام ” جزء 9″

ونكمل الجزء التاسع مع نبى الله حزقيل علية السلام، وفي هذا الحديث يقول النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم” فلم تحل الغنائم لأحد من قبلنا ذلك بأن الله عز وجل رأى ضعفنا وعجزنا فطيبها لنا” وهذا يرد قول من قال في تأويل قوله تعالى “وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين” وإنه تحليل الغنائم والانتفاع بها، وممن قال إن نبى الله موسى عليه الصلاة والسلام مات بالتيه عمرو بن ميمون الأودي، وزاد، وهارون، وكانا خرجا في التيه إلى بعض الكهوف فمات هارون فدفنه نبى الله موسى وانصرف إلى بني إسرائيل، فقالوا ما فعل هارون ؟ فقال مات، قالوا كذبت ولكنك قتلته لحبنا له، وكان محبا في بني إسرائيل فأوحى الله تعالى إليه أن انطلق بهم إلى قبره فإني باعثه حتى يخبرهم أنه مات موتا ولم تقتله فانطلق بهم إلى قبره.

فنادى يا هارون فخرج من قبره ينفض رأسه فقال أنا قاتلك ؟ قال لا، ولكني مت، قال فعد إلى مضجعك وانصرف وقال الحسن إن موسى لم يمت بالتيه، وقال غيره إن موسى فتح أريحاء، وكان يوشع على مقدمته فقاتل الجبابرة الذين كانوا بها، ثم دخلها نبى الله موسى ببني إسرائيل فأقام فيها ما شاء الله أن يقيم، ثم قبضه الله تعالى إليه لا يعلم بقبره أحد من الخلائق، وقد روى مسلم عن أبي هريرة رضى الله عنه قال أرسل ملك الموت إلى موسى عليه الصلاة والسلام فلما جاءه صكه ففقأ عينه فرجع إلى ربه فقال ” أرسلتني إلى عبد لا يريد الموت ” قال فرد الله إليه عينه وقال” ارجع إليه فقل له يضع يده على متن ثور فله بما غطت يده بكل شعرة سنة ” قال أي رب ثم مه ” قال ثم الموت ” قال فالآن ” فسأل الله أن يدنيه من الأرض المقدسة رمية بحجر.

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “فلو كنت ثم لأريتكم قبره إلى جانب الطريق تحت الكثيب الأحمر ” فهذا نبينا ورسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، قد علم قبره ووصف موضعه، ورآه فيه قائما يصلي كما في حديث الإسراء، إلا أنه يحتمل أن يكون أخفاه الله عن الخلق سواه ولم يجعله مشهورا عندهم، ولعل ذلك لئلا يعبد، والله أعلم، ويعني بالطريق طريق بيت المقدس، ووقع في بعض الروايات إلى جانب الطور مكان الطريق، واختلف العلماء في تأويل لطم موسى عين ملك الموت وفقئها على أقوال ومنها أنها كانت عينا متخيلة لا حقيقة، وهذا باطل، لأنه يؤدي إلى أن ما يراه الأنبياء من صور الملائكة لا حقيقة له، ومنها أنها كانت عينا معنوية وإنما فقأها بالحجة، وهذا مجاز لا حقيقة، ومنها أنه عليه السلام لم يعرف ملك الموت.

وأنه رأى رجلا دخل منزله بغير إذنه يريد نفسه فدافع عن نفسه فلطم عينه ففقأها وتجب المدافعة في هذا بكل ممكن، وهذا وجه حسن لأنه حقيقة في العين والصك، وقاله الإمام أبو بكر بن خزيمة، غير أنه اعترض عليه بما في الحديث وهو أن ملك الموت لما رجع إلى الله تعالى قال “يا رب أرسلتني إلى عبد لا يريد الموت” فلو لم يعرفه موسى لما صدق القول من ملك الموت وأيضا قوله في الرواية الأخرى ” أجب ربك ” يدل على تعريفه بنفسه، والله أعلم، ومنها أن موسى عليه الصلاة والسلام كان سريع الغضب، إذا غضب طلع الدخان من قلنسوته ورفع شعر بدنه جبته، وسرعة غضبه كانت سببا لصكه ملك الموت، وقال ابن العربي وهذا كما ترى.

فإن الأنبياء معصومون أن يقع منهم ابتداء مثل هذا في الرضا والغضب، ومنها وهو الصحيح من هذه الأقوال وهو أن موسى عليه الصلاة والسلام عرف ملك الموت، وأنه جاء ليقبض روحه لكنه جاء مجيء الجزم بأنه قد أمر بقبض روحه من غير تخيير، وعند موسى ما قد نص عليه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم من أن الله لا يقبض روح نبي حتى يخيره فلما جاءه على غير الوجه الذي أعلم بادر بشهامته وقوة نفسه إلى أدبه، فلطمه ففقأ عينه امتحانا لملك الموت إذ لم يصرح له بالتخيير، ومما يدل على صحة هذا، أنه لما رجع إليه ملك الموت فخيره بين الحياة والموت اختار الموت واستسلم، والله بغيبه أحكم وأعلم، وهذا أصح ما قيل في وفاة موسى عليه السلام، وقد ذكر المفسرون في ذلك قصصا وأخبارا الله أعلم بصحتها، وفي الصحيح غنية عنها.