مملكه الجنوب
بقلم / محموددرويش
مملكه الجنوب
في معركة تسودها الكراهية وتغلفها عداوة تاريخية راح ضحيتها أكثر من مليون قتيل منذ أكثر من 150 عام، يصطدم نابولي بالعدو الأزلي يوفنتوس في نهائي كأس إيطاليا مساء اليوم
عداوة تمتد جذورها في النفوس بعيدًا عن المستطيل الأخضر وصراعاته المعهودة، مدينة زاهية قامت على أنقاض الأخرى لتولد حالة من الكراهية لا أظن بأنها ستنتهي.
بالعودة إلى ما يزيد عن القرن ونصف، سنجد أن إيطاليا كانت منقسمة إلى مملكتين، الأولى في الجنوب تتميز بالرخاء الاقتصادي والازدهار المعيشي وعاصمتها نابولي، على النقيض تعاني مملكة الشمال بعاصمتها تورينو من الفقر والجوع والإهمال.
أراد الشماليون أن يتغير الحال لديهم فلم يجدوا طريقا سوى السطو على مملكة الجنوب ونهب ثرواتها من أجل الإزدهار، فاتجه أبناء الشمال للاتفاق مع فرنسا وبريطانيا من أجل الإنقضاض على الجنوب، وبالفعل قاموا بشن حملات عسكرية وإعلان الحرب على نابولي العاصمة تحديدآ ، ليتمكن سكان الشمال من تحقيق مبتغاهم ونهب ثروات الجنوب، مما أدى إلى سقوط مدن الجنوب، ولم يكتفي الشماليون بنهب الثروات المادية وإنما راح ضحية حملاتهم ما يقارب مليون ضحية من سكان الجنوب، ليبدأ صراع ليس له نهاية
وجاء عام 1861 لتعلن إيطاليا وحدتها لكن بحال منقلب تمامًا، تورينو ستصبح عاصمة إيطاليا الأولى ومدن الشمال ستحصل على كافة الإمتيازات المادية والمعنوية، وستبقى مدن الجنوب على رأسهم نابولي تغرق في فقر مدقع.
سطو خلق عداوة امتدت إلى كافة سبل الحياة وصولًا إلى ملاعب كرة القدم، لتبقى مواجهة يوفنتوس، الممثل الأبرز لمدينة تورينو، بمثابة حرب على الكرامة والشرف المنهوبين وليست مجرد مباراة في كرة القدم.