الدكرورى يكتب عن المرأة التى طافت حول الكعبة عريانة
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
المرأة التى طافت حول الكعبة عريانة
السيدة ضباعة بنت عامر بن قراط بن سلمة الخير، وهى شاعرة وصحابية، من بني قشير، وكانت زوجة هشام بن المغيرة المخزومي القرشي، وهو المكنى بأبي ربيعة، وهو أحد فرسان كنانة ومن أكابر قريش وحنفائهم، وهو من بطن بنو مخزوم أحد عشائر قبيلة قريش، وقد عاصر حرب الفجار، وكان شخصا ذا رتبة عالية بين قريش، وهو ابن المغيرة بن عبد الله أحد قادة قريش وهو والد حنتمة أم عمر بن الخطاب، ومن أولاده أبو جهل وعمرو بن أبي ربيعة وعياش بن أبي ربيعة وعبد الله بن ابي ربيعة، وقبيلته بنو مخزوم، وهي البطن الذي كان له أمر القبة التي كانت تضرب ليجمع فيها ما يجهّز به الجيش، وأعنة الخيل وهي قيادة الفرسان في حروب قريش، وكان لمخزوم عظيم الأثر في قريش، فقد كانوا في ثروتهم وعدتهم وبأسهم من أقوى بطون قريش وهو ما كان له أثره في اضطلاعهم وحدهم
ببناء ربع الكعبة بين الركنين الأسود واليماني، واشتركت قريش كلها في بناء بقية الأركان، وقد اشتهر منهم الكثير في الجاهلية والإسلام ومنهم الشاعر عمر بن أبي ربيعة والتابعي سعيد بن المسيب، وقيل أنها قد أسلمت ضباعه بنت عامر، بمكة أوائل ظهور الدعوة وأراد النبي صلى الله عليه وسلم، أن يتزوجها، وكانت هي أكبر منه سنا بنحو عشرة أعوام، وكانت في صباها من الشهيرات بالجمال، وعن ابن عباس قال كانت ضباعه بنت عامر عند هوذه بن عليّ الحنفي، فهلك عنها فورثته مالا كثيرا فتزوجها عبد الله بن جُدعان التيمى وكان لا يولد له، فسألته الطلاق فطلقها، فتزوجها هشام بن المغيرة فولدت له سلمة، فكان من خيار المسلمين، فتوفي عنها هشام، وكانت من أجمل نساء العرب وأعظمه خلقا، وكانت إذا جلست أخذت من الأرض شيئا كثيرا، وكانت تغطى جسدها بشعرها، فذكر جمالها عند النبي صلى الله عليه وسلم.
فخطبها إلى ابنها سلمة بن هشام بن المغيرة فقال حتى استأمرها، وقيل للنبي صلى الله عليه وسلم، إنها قد كبرت، فأتاها ابنها فقال لها إن النبي صلى الله عليه وسلم، خطبك إليّ فقالت ما قلت له؟ قال قلت حتى استأمرها، فقالت وفي النبي صلى الله عليه وسلم، يُستأمر، ارجع فزوّجه، فرجع إلى النبي فسكت عنه، ولم يتزوجها النبى صلى الله عليه وسلم، وأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتزوجها وإنما أراد ذلك ثم لم يفعل، وعن عبد الرحمن العامري، عن أشياخ من قومه، قالوا أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن بعُكاظ، فدعانا إلى نصرته ومنعته، فأجبناه إذ جاء بيحرة بن فهراس القشيري، فغمز شاكلة ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقمصت به، فألقته، وعندنا يومئذ ضُباعة بنت عامر بن قرط، وكانت من النسوة اللاتي أسلمن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة وقد جاءت زائرة بني عمها.
فقالت يا آل عامر، ولا عامر لي، يُصنع هذا برسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهركم ولا يمنعه أحد منكم، فقام ثلاثة من بني عمها إلى بيحرة، فأخذ كل رجل منهم رجلا فجلد به الأرض، ثم جلس على صدره، ثم علا وجهه لطما، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” اللهم بارك على هؤلاء ” فأسلموا وقتلوا شهداء، وقد وجدت لضُباعة هذه خبرا آخر، فعن ابن عباس رضى الله عنهما، قال كانت ضُباعة القشيرية تحت هوذة بن علي الحنفي فمات فورثته من ماله، فخطبها ابن عم لها وخطبها عبد الله بن جُدعان، فرغب أبوها في المال فزوّجها من ابن جُدعان، ولما حمُلت إليه تبعها ابن عمها فقال يا ضباعة، الرجال البُخر أحب إليك أم الرجال الذين يطعنون السور؟ قالت لا بل الرجال الذين يطعنون السّور، فقدمت على عبد الله بن جُدعان، فأقامت عنده، ورغب فيها هشام بن المغيرة، وكان من رجال قريش،
فقال لضُباعة أرضيت لجمالك وهيئتك بهذا الشيخ اللئيم، إسألية الطلاق حتى أتزوجك، فسألت ابن جدعان الطلاق، فقال بلغني أن هشاما قد رغب فيك، ولست مطلقا حتى تحلفي لي إنك إن تزوجتى أن تنحري مائة ناقة سود الحدق بين إساف ونائلة، وأن تغزلي خيطا يمد بين أخشبي مكة، وأن تطوفي بالبيت عُريانة، فقالت دعني أنظر في أمري، فتركها، فأتاها هشام فأخبرته، فقال أما نحر مائة ناقة فهو أهون علي من ناقة أنحرها عنك، وأما الغزل فأنا آمر نساء بني المغيرة يغزلن لكى، وأما طوافك بالبيت عريانة فأنا أسأل قريشا أن يخلو لك البيت ساعة، فسليه الطلاق، فسألته فطلقها وحلفت له فتزوجها هشام، فولدت له سلمة، فكان من خيار المسلمين، ووفى لها هشام بما قال، وقد قال ابن عباس فأخبرني المطلب بن أبي وداعة السهمي، وكان لدة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال لما أخلت قريش لضُباعة البيت.
خرجت أنا ومحمد ونحن غلامان، فاستصغرونا فلم نمنع، فنظرنا إليها لما جاءت، فجعلت تخلع ثوبا ثوبا، وهي تقول اليوم يبدو بعضه أو كله فما بدا منه فلا أحله ” حتى نزعت ثيابها، ثم نشرت شعرها فغطى بطنها، وظهرها حتى صار في خلخالها، فما استبان من جسدها شيء، وأقبلت تطوف، وهي تقول هذا الشعر، فلما مات هشام بن المغيرة، وأسلمت هي وهاجرت خطبها النبي صلى الله عليه وسلم إلى ابنها سلمة، فقال يا رسول الله، ما عنك مدفع، فأستأمرها؟ قال نعم فأتاها، فقالت إنا لله، أفي رسول الله تستأمرني؟ أنا أسعى لأن أحشر في أزواجه، ارجع إليه فقل له نعم قبل أن يبدو له، فرجع سلمة فقال له، فسكت النبي صلى الله عليه وسلم ولم يقل شيئا، وكان قد قيل له بعد أن ولى سلمة إن ضباعة ليست كما عهدت، قد كثرت غضون وجهها، وسقطت أسنانها من فمها، وكان العصر ما قبل البعثه المحمديه وما قبل الإسلام.