السيدة خديجة بنت خويلد ” جزء 2″

الدكرورى يكتب السيدة خديجة بنت خويلد ” جزء 2″

بقلم/ محمـــد الدكـــرورى 

السيدة خديجة بنت خويلد ” جزء 2″

ونكمل الجزء الثانى مع السيدة خديجة بنت خويلد، وقد عملت السيده خديجه رضى الله عنها، في التجارة، وكانت تجارتها ذات ربح وفير، وسُمعة حسنة، وجودة عالية، وعُرف عنها استقلالها في أموالها وتجارتها، وحُسن إدراتها للأمور، واختيارها للرجال العاملين في تجارتهم، إذ اتصفوا بالأمانة، فقد وصلت تجارتها وسُمعتها الحسنة إلى بلاد الشام، والعراق، والفرس، والروم، وعُرف عنها أيضا إحسانها للفقراء والمحتاجين، فكانت بمثابة يد العون لهم، كريمة في عطائها، مُحسنة للناس جميعا، ولم تكن السيدة خديجة رضي الله عنها، تسافر للتجارة بأموالها، بل كانت تتفق على السفر للتجارة مع رجال مقابل مبلغ معين، أو تعقد معهم عقد مُضاربة أو قراض.

ويعني عقد اتفاق مع طرف آخر بالخروج للتجارة مقابل نسبة معينة، على أن تملك المال، وتكون الخسارة عليها وحدها دون تأثر الطرف الآخر، وفي ذلك يقول أبو زهرة رحمه الله، كانت السيدة خديجة رضي الله عنها، تتحرّى في أولئك العاملين لها الأمانة لأنهم في عملهم ينوبون عنها، لا تلقاهم إلا في ذهابهم ومجيئهم، وفى تجارتها كانت السيده خديجه، دائمة التدقيق والتمحيص فيمن تختاره حتى تضمن سلامة أموالها وعظيم ربحها، فلما بلغها عن النبى صلى الله عليه وسلم، ما بلغها من صدق حديثه وعظم أمانته وكرم أخلاقه، تذكرت عندما كانت تجلس مع نساء أهل مكة يوم اجتمعن في عيد لهن في الجاهلية.

فتمثل لهن رجل فلما قرب نادى بأعلى صوته يا نساء تيماء إنه سيكون في بلدكن نبي يقال له أحمد يبعث برسالة الله فأيما امرأة استطاعت أن تكون زوجا له فلتفعل، فحصبته النساء وقبحنه وأغلظن له وأغضت خديجة على قوله ولم تعرض له فيما عرض له النساء، فبعثت إليه فعرضت عليه أن يخرج في مالها تاجرا إلى الشام، وقيل بل إن أبا طالب بن عبد المطلب عم الرسول صلى الله عليه وسلم، هو من أشار إليه بالعمل في تجارة خديجة وقال له أنا رجل لا مال لي، وقد اشتد الزمان علينا، وهذه عير قومك قد حضر خروجها إلى الشام، وخديجة بنت خويلد تبعث رجالا من قومك في عيراتها.

فلو جئتها فعرضت نفسك عليها لأسرعت إليك، وبلغ خديجة ما كان من محاورة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وعمه، فأرسلت إليه في ذلك، وقالت أنا أعطيك ضعف ما أعطي رجلا من قومك، فقال أبو طالب هذا رزق قد ساقه الله إليك، فخرج مع غلام خديجة ميسرة، وأوصته أن يقوم على خدمته وألا يخالف له أمرا وأن يرصد لها أحواله، وجعل عمومة الرسول صلى الله عليه وسلم، يوصون به أهل العير، فلما قدما بصرى من الشام، نزلا في ظل شجرة، فقال نسطور الراهب ما نزل تحت هذه الشجرة قط إلا نبي، ثم قال لميسرة أفي عينيه حمرة قال ميسرة نعم لا تفارقه، قال هو نبي.

وهو آخر الأنبياء، ثم باع سلعته، فوقع بينه وبين رجل تلاح، فقال رجل احلف باللات والعزى، فقال الرسول ما أحلف بهما قط وإني لامرؤ، فأعرض عنهما، فقال الرجل القول قولك، ثم قال لميسرة هذا والله نبي تجده أحبارنا منعوتا في كتبهم، وكان ميسرة إذا كانت الهاجرة واشتد الحر يرى ملكين يظلان الرسول صلى الله عليه وسلم، من الشمس، فوعى ذلك كله ميسرة، وكان الله قد ألقى عليه المحبة من ميسرة، فكان كأنه عبد له، وباعوا تجارتهم وربحوا ضعف ما كانوا يربحون.

فلما رجعوا كانوا بمر الظهران وقال ميسرة يا محمد انطلق إلى خديجة، فأخبرها بما صنع الله لها على وجهك فإنها تعرف لك ذلك، فتقدم النبي صلى الله عليه وسلم، حتى دخل مكة في ساعة الظهيرة، وخديجة في علية لها فرأته وهو على بعيره، ودخل عليها فأخبرها بما ربحوا في تجارتهم، فسرت بذلك، فلما دخل عليها ميسرة أخبرها بما قال الراهب نسطور، وبما قال الآخر الذي خالفه في البيع، وكانت قد ربحت ضعف ما كانت تربح، وأضعفت لمحمد صلى الله عليه وسلم، ضعف ما سمت له.