الدكرورى يكتب السيدة خديجة بنت خويلد ” جزء 4″
بقلم/ محمـــد الدكـــرورى
السيدة خديجة بنت خويلد ” جزء 4″
ونكمل الجزء الرابع مع السيدة خديجة بنت خويلد، ورُوي أنها لم تخرج عن أمره قط، ولم تخالف كلمته، فكان قلبها محبا له مُعينا مُطيعا، وكانت حسنة الوُد والخُلق في تعاملها معه، فكانت سيدة بيت النبي صلى الله عليه وسلم، قبل وبعد بعثته، إذ كان بيتها بيت إسلامٍ حين مبعث النبي صلى الله عليه وسلم، وكانت السيدة خديجة أول من آمن بالله عز وجل، وبرسالة النبى صلى الله عليه وسلم، فقد صدّقت بما جاء به من عند ربه، فآمنت به وآزرته، وخففت عنه ما ألمّ به، ومن المواقف الشاهدة على ذلك، وقوفها إلى جانبه ومؤازرته حين نزل عليه الوحي أول مرة بواسطة جبريل عليه السلام، وأخبرها بما رأى في غار حراء، فكانت السيدة خديجة رضي الله عنها.
فقد ألقى الله في قلبها صفاء الروح، ونور الإيمان، والاستعداد لتقبل الحق، فحين نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، في غار حراء “اقرأ باسم ربك الذى خلق” رجع ترجف بوادره وضلوعه، حتى دخل على السيدة خديجة فقال” زملوني زملوني” فزملوه حتى ذهب عنه الروع، وهنا قال لخديجة رضي الله عنها ” أَي خديجة، ما لي لقد خشيت على نفسي” وأخبرها الخبر، فردت عليه السيدة خديجة رضي الله عنها، بما يطيِّب من خاطره، ويهدئ من روعه فقالت “كلا أبشر، فوالله لا يخزيك الله أبدا، فوالله إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكلَّ، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف على نوائب الحق”
ثم انطلقت به رضي الله عنها حتى أتت به ورقة بن نوفل وهو ابن عم السيدة خديجة رضي الله عنها، وكان امرأ تنصَّر في الجاهلية، وكان يكتب الكتاب العربي، ويكتب من الإنجيل بالعربية ما شاء الله أن يكتب، وكان شيخا كبيرا قد عمي، فأخبره النبي صلى الله عليه وسلم، خبر ما رأى، فأعلمه ورقة أن هذا هو الناموس الذي أنزل على موسى عليه السلام، ومن ثم كانت السيدة خديجة رضي الله عنها، أول من آمن بالله ورسوله وصدَّق بما جاء به، فخفف الله بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان لا يسمع شيئا يكرهه من رد عليه وتكذيب له فيحزنه إلا فرج الله عنه بها.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا رجع إليها تثبته وتخفف عنه وتصدقه وتهون عليه أمر الناس، وكانت السيدة خديجة رضي الله عنها نعم الزوجة في كل المواقف التي تعرض لها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخففت عن المسلمين ما أصابهم من المحن والابتلاءات، وخاصة ما حلّ بهم من مقاطعة قريش لبني هاشم وبني عبد المطلب، بعدم تزويجهم أو الزواج منهم، وعدم بيعهم أو الشراء منهم، وعدم الرأفة بهم أو قبول الصلح منهم، وقد استمرت المقاطعة مدة ثلاث سنوات، وقد تحملت السيدة خديجة ذلك، وصبرت مع زوجها وساندته في ذلك، وعملت على تأمين الطعام للمسلمين المحاصرين في الشعب بمعاونة ابن أخيها حكيم بن حزام، إذ كان يُرسل الطعام إلى عمته ليلا.
فالسيدة خديجه بنت خويلد رضى الله عنها، هي أم المؤمنين وأولى زوجات الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وهي أم أبنائه جميعا، ما عدا ابنه إبراهيم، وكان زواجها من النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، في الفترة الواقعة قبل البعثة، لتعتني به أشد الاعتناء، فقد كانت تجهز له مؤونته التي يحتاجها في خلوته عند اعتكافه وتعبده في غار حراء، وكانت رضي الله عنها أول من دخل الإسلام، والسيدة خديجة بنت خويلد رضى الله عنها، هى نصير رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت هذه السمة من أهم السمات التي تميِز شخص السيدة خديجة رضي الله عنها.
تلك المرأة التي وهبت نفسها ومالها وكل ما ملكت لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، ويكفي في ذلك أنها آمنت بالرسول صلى الله عليه وسلم، وآزرته ونصرته في أحلك اللحظات التي قلما تجد فيها نصيرا أو مؤازرا أو معينا، ثم هي رضي الله عنها، تنتقل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، من حياة الراحة والاستقرار إلى حياة الدعوة والكفاح والجهاد والحصار، فلم يزدها ذلك إلا حبا لمحمد صلى الله عليه وسلم، وحبا لدين محمد صلى الله عليه وسلم، وتحديا وإصرارا على الوقوف بجانبه صلى الله عليه وسلم، والتفاني في تحقيق أهدافه صلى الله عليه وسلم، فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، مع بني هاشم وبني عبد المطلب إلى شعاب مكة في عام المقاطعة …؟