الدكرورى يكتب عن الداء الدفين ” جزء 2″
بقلم / محمــــد الدكــــرورى
الداء الدفين ” جزء 2″
ونكمل الجزء الثانى مع الداء الدفين، ومعني التشاحن، أي هو التعادي والتحاقد في الدنيا والتباغض والتحاسد أي هو تمني زوال نعمة الغير، حتى يكون البغي، أي مجاوزة الحد، وهو تحذير شديد من التنافس في الدنيا لأنها أساس الآفات، ورأس الخطيئات، وأصل الفتن، وعنه تنشأ الشرور، ويمكن استبعاد الحقد والحسد بالنظر في أعمال الشخص الطيبة، وأن الله سبحانه وتعالى، هو الذي تفضل عليه بالتوفيق، وأن هذا من الله تعالى، فيتوب الإنسان من حقده وحسده، ويعلم أن هذا من فضل الله وجوده وكرمه، حتى يزول ما في قلبه، ويتأمل ويتبصر وأن هذه الأشياء التي رزقها الله تعالى هذا العبد من صحة، واستقامة أو جاه طيب أو أعمال صالحة.
أو ما أشبهه هذا كله من عند الله سبحانه وتعاله فهو عز وجل القائل فى كتابه العزيز “وما بكم من نعمة فمن الله ” فليعلم أن الله تعالى هو مقسم الأرزاق، وهو الذي بيده كل شيء، فيسأله جل وعلا التوفيق والهداية، وأن يزيل ما في قلبه من الكراهة لأخيه أو الحسد لأخيه، لأن كل شيء بيد الله عز وجل، فعليك أن تسأل الله أن يعينك على الخير، وأن يصلح قلبك وأن يعيذك من شر الحسد والبغضاء والحقد على إخوانك، وإن كل هذا بيد الله سبحانه وتعالى فهو الذي يصرف الأمور عز وجل يقول النبى صلى الله عليه وسلم، إن القلوب بين أصبعين من أصابع الله يقلبها كيف يشاء سبحانه وتعالى، فإن الوقاية خير من العلاج فعلى المسلم أن يتصف بحسن الخلق.
في أقواله وأفعاله ومعاملاته، مع الناس كافة وخاصة مع أقاربه، وبصورة أخص مع الزوج، فقد قال الله تعالى فى كتابه الكريم فى سورة البقرة “وقولوا للناس حسنا” وليعلم أنه بحسن خلقه وطيب معاشرته مع الآخرين يكسب حبهم واحترامهم، ولا يحصل بينه وبينهم شيء من التشاحن والخصام، فيقول النبي صلى الله عليه وسلم ” ما شيء يوضع في الميزان أثقل من حسن الخلق، وإن صاحب حسن الخلق ليبلغ به درجة صاحب الصوم والصلاة” رواه الترمذي، وعن أبى هريرة رضى الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا” رواه الترمذي وأبو داود وأحمد، وعن أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال ” أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء ولو كان محقا، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحا، وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه ” رواه أبو داود، فعلى المسلم الاتصاف بلين الجانب والسهولة في التعامل مع الآخرين، وبخاصة مع الزوج والأقارب حتى يكون من أهل الجنة، ولا يكون من أهل الاستكبار والعتو والتجبر الذين هم أهل النار، والعياذ بالله، وعن حارثة بن وهب قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول ” ألا أخبركم بأهل الجنة، كل ضعيف متضعف، لو أقسم على الله لأبره، ألا أخبركم بأهل النار، كل عتل جواظ مستكبر” رواه البخارى ومسلم، ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم متضعف هو أن يستضعفه الناس ويحتقرونه.
ويتجبرون عليه لضعف حاله في الدنيا، فيقال تضعفه واستضعفه، ورواية أخرى معناها أنه متواضع متذلل خامل واضع من نفسه، وإن في حال وقوع شيء من هذه المشاحنات فهو أن تؤدي الذي عليك من حق تجاه المشاحن والمخاصم سواء كان زوجا أو أخا أو غيرهما بترك التشاحن والتدابر والهجر والسعي للتصالح معه، فإن قمت بما عليك ثم وجدت منهم جفاء وغلظة فاحتسب الأجرعند الله، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلا قال يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال النبى الكريم صلى الله عليه وسلم ” لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك”
ومعنى تسفهم المل، أى تطعمهم الرماد الحار وهو تشبيه لما يلحقهم من الإثم، كما يلحقهم الألم في الرماد الحار، فاتقوا الله عباد الله، وكونوا عباد الله إخوانا فلا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه.