أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب “جزء 2”

الدكرورى يكتب عن أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب “جزء 2”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب “جزء 2”

أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب “جزء 2”

ونكمل الجزء الثانى مع أم كلثوم بنت علي بن أبى طالب، ونادى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب على زوجته على عجل وهو يقول لها هل لك في أجر ساقه الله إليك؟ سألته وماهو؟ قال امرأة غريبة تضع وليدها وليس عندها أحد، أجابته بلهفة نعم، نعم إن شئت، لملمت الصبية الفتية بعض الأغراض التي تصلح لولادة المرأة، بينما حمل الرجل معه قدرا وحبوب وقليلا من الشحم، ثم أسرعا يحثان الخطا إلى ذلك البيت على مشارف المدينة، وعندما اقتربا من البيت كان أنين المرأة يئن في الأفق، أسرعت الصحابية إلى الداخل بينما بقي زوجها مع الرجل صاحب البيت ينتظران في الخارج، وبدأ الصحابي يجمع بعض الأعواد المبثوثة حول البيت وهو يقول لصاحب البيت، تعالى يا رجل فأعني حتى نوقد النار.

وماهي إلا دقائق حتى أشعل الصحابي النار، ثم وضع فوقها القدر المملوءة بالحبوب والماء والشحم، لحظات صامتة حرجة مضت ومضى معها صوت المولود وهو يستهل صارخا وقد أعقبه صوت الصحابية الشابة وهي تقول يا أميرالمؤمنين بشر صاحبك بغلام، ذهل الرجل عندما سمع ما قالته المرأة، أمير المؤمنين؟ أيعقل أن يكون الكهل الذي أمامه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، بدأ العرق يتصبب من جبينه، فانتبه أمير المؤمنين عمر لذلك، وأحب أن يكسر قلقه وخجله، فقال مكانك كما أنت، لم يفهم الرجل مراد أمير المؤمنين، حتى رآه يحمل القدر من فوق النار ويضعه أمام الباب وهو ينادي يا أم كلثوم، هرعت أم كلثوم وهي تقول لبيك يا أمير المؤمنين، فقال لها خذي فأشبعي المرأة من الطعام.

ففعلت أم كلثوم ما طلبه منها زوجها، ولما شبعت المرأة أخرجت أم كلثوم القدر ووضعته أمام الباب، فقام أمير المؤمنين، ووضعه بين يدي الرجل وهو يقول كل يا رجل كل، فقد سهرت من الليل حتى أنهكت، اغرورقت عيناه بالدموع وهو يشكر أمير المؤمنين على معروفه، وعقله لا يصدق أن من أمامه هو أمير المؤمنين، وأن من بالداخل هي زوجته أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب ابنة فاطمة الزهراء رضي الله عنهم أجمعين، ولم ينسى أمير المؤمنين وهو يودع الرجل أن يقول له إذا كان الغد فأتنا نأمر لك بما يصلحك، وليس غريبا أن تكون أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب وفاطمة الزهراء أهلا لكل خير وعونا لزوجها على كل خير.

ولقد تميّز أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، بصفات عظيمة لم يتصف بها سواه من الرجال، فقد اختصه الله تعالى، ليعز به الإسلام ويُعلي رايته، ويكون خليفة لخير البشر محمد صلى الله عليه وسلم، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه، رجلا شديد الطول، حيث كان يفوق الناس في الطول، وكان رجلا جسيما، وكان أبيض البشرة وشديد الحُمرة، كما أنه كان أعسر ولكنه كان يعمل بكلتا يداه، وكانت أم كلثوم رضي الله عنها، في بيت أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، وكان يحبها ويجلها لأنها من آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، الذين تجذرت فيهم وتجسدت أخلاق النبوة وصفاتها، وفي بيت عمر بن الخطاب عاشت أم كلثوم زمنا أنجبت فيه ولدين.

هما زيد بن عمر بن الخطاب ورقية بنت عمر بن الخطاب، ولما استشهد أمير المؤمنين عمر إثر طعنة قاتلة من خنجر مسموم لأبي لؤلؤة المجوسي الحاقد على الإسلام وأهله، بكت الزوجة المخلصة زوجها وحزنت عليه، ولم تكن هي وأسرته وحدهم من حزن عليه، فقد فجع المسلمون بموته وبكوا لفراق خليفتهم العادل التقي الورع، والزاهد الأواب والتواب، وتقدم منه قبل أن يدفن علي بن أبي طالب وقال بصوت تخنقه العبرة:

ما خلفت أحدا أحب أن ألقى الله بمثل عمله منك، وايم الله وإن كنت لأظن أن يجعلك الله مع صاحبيك، كثيرا ما كنت أسمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول ” ذهبت أنا وأبو بكر وعمر، دخلت أنا وأبو بكر وعمر، وخرجت أنا وأبو بكر وعمر”