نبي الله يعقوب علية السلام ” جزء 6″

الدكرورى يكتب عن نبي الله يعقوب علية السلام ” جزء 6″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

نبي الله يعقوب علية السلام ” جزء 6″

ونكمل الجزء السادس مع نبي الله يعقوب علية السلام، وإنه لا يمكن إنكار أن كثيرا من الإسرائيليات عرفت طريقها إلى التراث الإسلامى، خاصة فى الموضوعات التى ليس فيها تفصيلات كثيرة فى النص القرآنى، لحكمة ما، ومن ذلك ما ورد فى قصص الأنبياء وخاصة أنبياء بنى إسرائيل، ومن ذلك قصة نبى الله يعقوب ومن قبله والده النبى إسحاق عليهم السلام، وقد ذكر أهل الكتاب أن إسحاق لما تزوج من السيدة رفقا بنت بتواييل فى حياة أبيه، كان عمره أربعين سنة، وأنها كانت عاقرا، فدعا الله لها فحملت فولدت غلامين توأمين، ويقول كتاب البداية والنهاية تحت عنوان إسحاق بن إبراهيم عليهما الصلاة والتسليم، بأن أولهما سموه عيصو، وهو الذى تسميه العرب العيص وهو والد الروم، والثاني، خرج وهو آخذ بعقب أخيه فسموه يعقوب.

وهو إسرائيل الذى ينتسب إليه بنو إسرائيل، وقالوا وكان إسحاق يحب العيصو أكثر من يعقوب لأنه بكره، وكانت أمهما السيدة رفقا تحب يعقوب أكثر لأنه الأصغر، فقالوا فلما كبر إسحاق وضعف بصره، اشتهى على ابنه العيص طعاما، وأمره أن يذهب فيصطاد له صيدا، ويطبخه له ليبارك عليه، ويدعو له، وكان العيص صاحب صيد، فذهب يبتغى ذلك، فأمرت رفقا ابنها يعقوب أن يذبح جديين من خيار غنمه، ويصنع منهما طعاما كما اشتهاه أبوه، ويأتى إليه به قبل أخيه ليدعو له، فقامت فألبسته ثياب أخيه، وجعلت على ذراعيه وعنقه من جلد الجديين، لأن العيص كان أشعر الجسد، ويعقوب ليس كذلك، فلما جاء به وقربه إليه، قال من أنت؟ قال له ولدك، فضمه إليه وجسه، وجعل يقول، أما الصوت فصوت يعقوب، وأما الجس والثياب فالعيص، فلما أكل وفرغ دعا له

أن يكون أكبر إخوته قدرا، وكلمته عليهم وعلى الشعوب بعده، وأن يكثر رزقه وولده، فلما خرج من عنده، جاء أخوه العيص بما أمره به والده، فقربه إليه، فقال له ما هذا يا بنى؟ فقال له هذا الطعام الذى اشتهيته، فقال له أما جئتنى به قبل الساعة وأكلت منه ودعوت لك؟ فقال لا والله، وعرف أن أخاه قد سبقه إلى ذلك، فوجد فى نفسه عليه وجدا كثيرا، وذكروا أنه تواعده بالقتل إذا مات أبوهما، وسأل أباه فدعا له بدعوة أخرى، وأن يجعل لذريته غليظ الأرض، وأن يكثر أرزاقهم وثمارهم، فلما سمعت أمهما ما يتواعد به العيص أخاه يعقوب، أمرت ابنها يعقوب أن يذهب إلى أخيها لابان الذى بأرض حران، وأن يكون عنده إلى حين يسكن غضب أخيه عليه، وأن يتزوج من بناته، وقالت لزوجها إسحاق أن يأمره بذلك، ويوصيه ويدعو له ففعل، فخرج يعقوب عليه السلام من عندهم.

من آخر ذلك اليوم، فأدركه المساء فى موضع فنام فيه، أخذ حجرا فوضعه تحت رأسه ونام فرأى فى نومه ذلك معراجا منصوبا من السماء إلى الأرض، وإذا الملائكة يصعدون فيه وينزلون، والرب تبارك وتعالى يخاطبه ويقول له ” إنى سأبارك عليك، وأكثر ذريتك، وأجعل لك هذه الأرض ولعقبك من بعدك” فلما هبّ من نومه فرح بما رأى، ونذر لله لئن رجع إلى أهله سالما ليبنين فى هذا الموضع معبد الله عز وجل، وأن جميع ما يرزقه من شيء يكون لله عشره، ثم عمد إلى ذلك الحجر فجعل عليه دهنا يتعرفه به، وسمى ذلك الموضع بيت إيل أى بيت الله، وهو موضع بيت المقدس اليوم، الذى بناه يعقوب بعد ذلك، وقالوا، فلما قدم يعقوب على خاله أرض حران، إذا له ابنتان اسم الكبرى ليا، واسم الصغرى راحيل، وكانت أحسنهما وأجملهما.

فطلب يعقوب الصغرى من خاله، فأجابه إلى ذلك بشرط أن يرعى على غنمه سبع سنين، فلما مضت المدة على خاله لابان، صنع طعاما وجمع الناس عليه، وزف إليه ليلا ابنته الكبرى ليا، وكانت ضعيفة العينين قبيحة المنظر، فلما أصبح يعقوب إذا هى ليا، فقال لخاله لقد غدرت بى وأنت إنما خطبت إليك راحيل، فقال له إنه ليس من سنتنا أن نزوج الصغرى قبل الكبرى، فإن أحببت أختها فاعمل سبع سنين أخرى وأزوجكها، فعمل سبع سنين وأدخلها عليه مع أختها، وكان ذلك سائغا فى ملتهم، ثم نسخ فى شريعة التوراة، وهذا وحده دليل كاف على وقوع النسخ، لأن فعل يعقوب عليه السلام دليل على جواز هذا وإباحته، لأنه معصوم، ووهب لابان لكل واحدة من ابنتيه جارية، فوهب لليا جارية اسمها زلفى، ووهب لراحيل جارية اسمها بلهى، وجبر الله تعالى ضعف ليا بأن وهب لها أولادا.