الدكرورى يكتب عن الرسول في غزوة حمراء الأسد “جزء 4”
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
الرسول في غزوة حمراء الأسد “جزء 4”
ونكمل الجزء الرابع مع الرسول في غزوة حمراء الأسد، وجاء أبو قتادة أهل خربى، وهم يداوون الجراح، فقال هذا منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم، يأمركم بطلب عدوكم، فوثبوا إلى سلاحهم وما عرجوا على جراحاتهم، فخرج من بني سلمة أربعون جريحا، بالطفيل بن النعمان ثلاثة عشر جرحا، وبخراش بن الصمة عشر جراحات وبكعب بن مالك بضعة عشر جرحا، وبقطبة بن عامر بن حديدة تسع جراحات حتى وافوا النبي صلى الله عليه وسلم، ببئر أبي عنبة إلى رأس الثنية وهو الطريق الأولى يومئذ، عليهم السلاح وقد صفوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم، إليهم والجراح فيهم فاشية قال اللهم ارحم بني سلمة، وقال جابر بن عبد الله رضى الله عنهما “يا رسول الله إن مناديا نادى ألا يخرج معنا إلا من حضر القتال بالأمس.
وقد كنت حريصا على الحضور ولكن أبي خلفني على أخوات لي وقال يا بني لا ينبغي لي ولك أن ندعهن ولا رجل عندهن وأخاف عليهن وهن نسيات ضعاف وأنا خارج مع رسول الله لعل الله يرزقني الشهادة، فتخلفت عليهن فاستأثره الله علي بالشهادة وكنت رجوتها، فأذن لي يا رسول الله أن أسير معك، فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال جابر فلم يخرج معه أحد لم يشهد القتال بالأمس غيري، واستأذنه رجال لم يحضروا القتال فأبى ذلك عليهم ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم، بلوائه وهو معقود لم يحل من الأمس فدفعه إلى علي ويقال دفعه إلى أبي بكر الصديق، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو مجروح في وجهه أثر الحلقتين ومشجوج في جبهته في أصول الشعر ورباعيته قد شظيت وشفته قد كلمت من باطنها.
وهو متوهن منكبه الأيمن بضربة ابن قميئة وركبتاه مجحوشتان فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم، المسجد فركع ركعتين والناس قد حشدوا، ونزل أهل العوالي حيث جاءهم الصريخ ثم ركع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ركعتين فدعا بفرسه على باب المسجد وتلقاه طلحة، وقد سمع المنادي فخرج ينظر متى يسير رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم،عليه الدرع والمغفر وما يرى منه إلا عيناه فقال يا طلحة سلاحك فقلت، قريبا، قال طلحة فأخرج أعدو فألبس درعي، وآخذ سيفي، وأطرح درقتي في صدري، وإن بي لتسع جراحات ولأنا أهم بجراح رسول الله صلى الله عليه وسلم، مني بجراحي، ثم أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم، على طلحة فقال ترى القوم الآن ؟ قال هم بالسيالة.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، ذلك الذي ظننت، أما إنهم يا طلحة لن ينالوا منا مثل أمس حتى يفتح الله مكة علينا، وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثلاثة نفر من أسلم طليعة في آثار القوم سليط ونعمان ابني سفيان بن خالد بن عوف بن دارم من بني سهم ومعهما ثالث من أسلم من بني عوير، فأبطأ الثالث عنهما وهما يجمزان وقد انقطع قبال نعل أحدهما، فقال أعطني نعلك، قال لا والله لا أفعل فضرب أحدهما برجله في صدره فوقع لظهره وأخذ نعليه، ولحق القوم بحمراء الأسد ولهم زجل وهم يأتمرون بالرجوع وصفوان ينهاهم عن الرجوع فبصروا بالرجلين فعطفوا عليهما فأصابوهما، فانتهى المسلمون إلى مصرعهما بحمراء الأسد فعسكروا، وقبروهما في قبر واحد، فقال ابن عباس رضى الله عنه ” هذا قبرهما وهما القرينان.
ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم، في أصحابه حتى عسكروا بحمراء الأسد، وقال جابر وكان عامة زادنا التمر وحمل سعد بن عبادة ثلاثين جملا حتى وافت الحمراء وساق جزرا فنحروا في يوم اثنين وفي يوم ثلاثا، وكان رسول الله يأمرهم في النهار بجمع الحطب فإذا أمسوا أمرنا أن نوقد النيران، فيوقد كل رجل نارا، فلقد كنا تلك الليالي نوقد خمسمائة نار حتى ترى من المكان البعيد وذهب ذكر معسكرنا ونيراننا في كل وجه حتى كان مما كبت الله عدونا، وانتهى معبد بن أبي معبد الخزاعي، وهو يومئذ مشرك وكانت خزاعة سلما للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال يا محمد، لقد عز علينا ما أصابك في أصحابك، ولوددنا أن الله أعلى كعبك، وأن المصيبة كانت بغيرك، ثم مضى معبد حتى يجد أبا سفيان وقريشا بالروحاء.