عاجل..روسيا والهند في الصدارة.. القمر ساحة “حرب فضاء باردة” جديدة 

عاجل..روسيا والهند في الصدارة.. القمر ساحة “حرب فضاء باردة” جديدة 

تخوض الهند سباقاً مع روسيا، لتصبح أول دولة تهبط بمركبة فضائية على منطقة لم تُستكشف على الجانب البعيد من القمر، وهو إنجاز من شأنه أن يعزز مكانتها كقوة فضائية رئيسية وسط اهتمام عالمي متجدد باستكشاف القمر.

 

يأتي ذلك في الوقت الذي تأمل قائمة متزايدة من الدول، بما في ذلك الولايات المتحدة والصين وإسرائيل واليابان في ترسيخ وجودها على أقرب جرم سماوي للأرض، بحسب صحيفة “وول ستريت جورنال”.

 

وهذا الأسبوع، من المقرر أن تهبط مركبتان فضائيتان من روسيا والهند على القطب الجنوبي غير المكتشف للقمر، وهما الأحدث في قافلة دولية من المركبات الفضائية الآلية، التي اتجهت إلى القمر خلال السنوات الأخيرة.

 

وسيتبع ذلك إطلاق مركبة فضائية صغيرة إلى القمر من قبل وكالة الفضاء اليابانية في محاولة لاختبار تقنيات هبوط دقيقة يمكن استخدامها في مهمات مستقبلية.

 

وحاولت شركات خاصة من إسرائيل واليابان، لكنها فشلت في إرسال مركبات فضائية في السنوات الأخيرة.

 

في غضون ذلك، هبطت الصين في عام 2019، ومرة أخرى في عام 2020 وتسعى لإرسال رواد فضاء إلى هناك بحلول عام 2030.

 

بينما تعمل الإدارة الوطنية للملاحة الجوية والفضاء الأمريكية “ناسا”، على حملتها القمرية الخاصة من خلال برنامج “أرتميس”، الذي يهدف إلى بناء بنية تحتية على القمر وحوله على المدى الطويل. وتخطط لإطلاق رحلة فضائية بشرية حول القمر أواخر عام 2024.

منافسة هندية روسية

وأطلقت الهند مركبة فضائية آلية تحمل مركبة إنزال ومركبة الجوالة في يوليو الماضي. ومهمة “تشاندرايان-3” (Chandrayaan-3)، التي تعني “مركبة القمر” باللغة الهندية، هي ثاني محاولة هندية للهبوط على سطح القمر.

 

وأعلنت وكالة الفضاء الهندية، أنه من المقرر أن تتزامن محاولة الهبوط، الأربعاء المقبل 23 أغسطس، مع شروق الشمس في موقع الهبوط. وإذا تمكنت مركبة الإنزال من الهبوط بأمان، فستكون لحظة فخر وطني شديد.

 

وبعد عملية الإطلاق، كتب رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي في تغريدة على منصة “إكس” تويتر سابقاً، إن “Chandrayaan-3 تكتب فصلاً جديداً في ملحمة الفضاء الهندية”.

“وضع غير طبيعي”

لكن روسيا ربما تصل إلى هناك أولاً، إذ أطلقت البلاد مركبة الهبوط “لونا-25” (Luna-25) في 11 أغسطس الجاري، وهي أول مهمة لها إلى القمر منذ ما يقرب من 50 عاماً، وتتطلع إلى الهبوط، الاثنين، 21 أغسطس، في نفس المنطقة الصعبة.

 

وبالنسبة لموسكو، ربما تكون العودة إلى القمر، مؤشراً على براعتها التكنولوجية المستمرة في مواجهة عقوبات عالمية كاسحة فرضت عليها في أعقاب غزو أوكرانيا، العام الماضي.

 

ودخلت “لونا-25” مدار القمر، الأربعاء الماضي، وهي أول مركبة فضاء روسية تحقق ذلك منذ 1976.

 

مع ذلك، أفادت وكالة الفضاء الروسية “روسكوسموس”، السبت، بحدوث “وضع غير طبيعي” في مركبة الفضاء الروسية “لونا-25” خلال مناورة استعدادها للانتقال إلى مدار ما قبل الهبوط.

 

وقالت الوكالة إنه “خلال العملية، حدثت حالة طوارئ على المسبار الفضائي، لم تسمح له بتنفيذ المناورة وفق المعايير المطلوبة”، دون تقديم المزيد من التفاصيل.

 

وأشارت الصحيفة إلى أن وقت سفر الهند إلى القمر أطول بنحو 40 يوماً من وقت السفر لروسيا بسبب الحمولة الثقيلة لمركبتها، وتخزين الوقود المحدود مقارنةً بنظيرتها الروسية. والهند أرسلت مركبتها الفضائية على مسار دائري حول الأرض والقمر، للاستفادة من الجاذبية والتوفير في الوقود.

 

معسكرات استكشاف القمر

 

“واشنطن بوست” أشارت إلى أن مهمتي استكشاف القمر الهندية والروسية، تعد جزءاً من فورة من الأنشطة القمرية المتوقعة خلال السنوات المقبلة، إذ ينقسم استكشاف الفضاء بشكل متزايد إلى معسكرين.

 

ووقعت الهند والعديد من الدول الأخرى على المبادئ المدعومة من الولايات المتحدة لاستكشاف الفضاء، بينما تخطط روسيا للعمل مع الصين بشأن خططها لإنشاء محطة أبحاث على القمر. ويمنع قانون الولايات المتحدة، وكالة “ناسا” من التعاون مع الصين في استكشاف الفضاء.

 

ونقلت الصحيفة عن ديفيد ألكسندر، أستاذ الفيزياء وعلم الفلك بجامعة “رايس” ومدير معهد الفضاء التابع لها: “لقد عاد القمر إلى جدول أعمال الجميع كموقع لوجود بشري مستدام في الفضاء، وكأرض اختبار للبعثات المستقبلية”.

 

وأوضح ألكسندر أن القطب الجنوبي للقمر، على وجه الخصوص، هو منطقة اهتمام شديد لعلماء الفضاء، بسبب وجود جليد مائي في الحفر، ما قد يساعد في دعم مستوطنة بشرية في المستقبل. وقالت وكالة “ناسا” في عام 2018، إن أجهزتها المحمولة على متن أول مهمة قمر هندية ساعدت في تأكيد وجود الجليد.

 

“حرب باردة” جديدة

 

وربما يكون القمر جرماً ميتاً وقاحلاً، لكنه الآن من أكثر البقاع سخونة في النظام الشمسي، ما يجذب اهتمام عدة بلدان في جميع أنحاء العالم، تحرص على إظهار براعتها التكنولوجية، ومساعدة البشرية في فهم أقرب جار سماوي.

 

ووفقاً لصحيفة “واشنطن بوست”، فإن هذا السباق إلى القمر يُعيد للأذهان التنافس إبان الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، على الرغم من اختلافه كثيراً في نطاقه وهدفه، ومع العديد من المنافسين الآخرين.

 

والوقت الراهن، لا يتمثل الهدف في إثبات تفوق نظام سياسي ما على نظام آخر، بل سباق إلى موقع فعلي، وهو القطب الجنوبي للقمر، حيث توجد المياه على شكل جليد في حف

عنصر محوري

ولوجود الماء تبعات بالنسبة لقوى الفضاء الكبرى، إذ يحتمل أن يسمح ذلك بإطالة الإقامة المؤقتة للبشر على القمر، ما يمكنهم من استخراج الموارد الموجودة على القمر.

 

والقدرة على الوصول إلى هذا الجليد تعد أمراً حيوياً لأي مستوطنة بشرية، ليس فقط لأن الماء هو العامل الرئيسي لاستمرار الحياة، ولكن لأن مكوناته، الهيدروجين والأكسجين، يمكن استخدامها كوقود للصواريخ، ما يجعل القمر محطة وقود في الفضاء، ونقطة انطلاق لأجزاء أخرى من النظام الشمسي.

 

ونقلت “واشنطن بوست” عن الرئيس السابق لإدارة المهام العلمية في “ناسا”، توماس زوربوشن، قوله إنه مع قيام الولايات المتحدة بوضع استراتيجية “أرتميس”، “جعلنا القمر جزءاً مهماً من الاستراتيجية، ومن خلال القيام بذلك، أعتقد أن العالم بأسره أصغى”.

 

وأضاف: “ما تراه حقاً هو أن بيئة القمر أصبحت وجهة وضرورة وطنية للعديد من البلدان. أنا لست مندهشاً من وجود مثل هذا الاهتمام”.

 

وقدرت وكالة “ناسا” أنه على مدار العقد المقبل، فإن النشاط البشري على القمر وبالقرب منه “سيكون مساوياً أو يتجاوز كل ما حدث في هذه المنطقة منذ بدء عصر الفضاء عام 1957″، وفق بيان أصدره أواخر العام الماضي البيت الأبيض، الذي وضع خطة لتنسيق الجهود العلمية حول القمر.