الدكرورى يكتب عن الرسول في غزوة ذى قرد “جزء 4”
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
الرسول في غزوة ذى قرد “جزء 4″
ونكمل الجزء الرابع مع الرسول في غزوة ذى قرد، وفي أثناء رجوع النبي صلى الله عليه وسلم، وأصحابه إلى المدينة حدثت مسابقة في العدو أى سباق بين سلمة رضي الله عنه، ورجل من الأنصار، فيقول سلمة رضي الله عنه ” وكان رجل من الأنصار لا يُسبق شدا، قال فجعل يقول ألا مُسابق إلى المدينة، هل من مسابق؟ فجعل يُعيد ذلك، قال فلما سمعت كلامه قلت، أما تكرم كريما ولا تهاب شريفا، قال لا، إلا أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال، قلت يا رسول الله بأبي أنت وأمي ذرني أى اتركنى، فلأسابق الرجل، فقال صلى الله عليه وسلم له “إن شئت” قال قلت، اذهب إليك وثنيت رجلي فطفرت فعدوت، فسبقته إلى المدينة” رواه مسلم، لقد كانت غزوة ذى قرد رغم صغرها عسكريا.
إلا أن فيها كبقية الغزوات والسرايا من الفوائد الكثير، ومنها هو شجاعة الرسول صلى الله عليه وسلم، ومبادرة الصحابة عند النداء للجهاد وشجاعتهم، وخاصة سلمة بن الاكوع رضي الله عنه الذي قاوم بمفرده جمعا من الكفار وأرهبهم، واستنقذ منهم ما سرقوه من إبل النبي صلى الله عليه وسلم، بل وأخذ منهم بعض الغنائم، ومن ثم كرمه النبي صلى الله عليه وسلم معنويا وماديا، فأثنى عليه، وأعطاه سهمين من الغنائم، وحمله خلفه على ناقته حتى عاد إلى المدينة، وفي ذلك فائدة هامة وإشارة من النبي صلى الله عليه وسلم لتكريم أصحاب الهمم العالية، وقد قال ابن حجر في حديثه عن بعض فوائد هذه الغزوة هو جواز العَدو أى الجرى، الشديد في الغزو، والإنذار بالصياح العالي.
وتعريف الإنسان نفسه إذا كان شجاعا ليرعب خصمه، واستحباب الثناء على الشجاع ومن فيه فضيلة لا سيما عند الصنع الجميل ليستزيد من ذلك، ومحله حيث يؤمن الافتتان، وفيه المسابقة على الأقدام، ولا خلاف في جوازه بغير عوض، وأما بالعوض فالصحيح لا يصح، وكذلك من فوائدها هو بطلان نذر المعصية، أو النذر فيما لا يملكه الإنسان، وحلم الرسول صلى الله عليه وسلم، وسماحته في تبسمه حينما نهى المرأة أن تنحر ناقته التي نجاها الله عليها، فكانت هذه الغزوة هى حركة مطاردة ضد فصيلة من بني فزارة قامت بعمل القرصنة في إبل النبى صلى الله عليه وسلم، وخلاصة الروايات عن سلمة بن الأكوع بطل هذه الغزوة وأنه قال”بعث النبى صلى الله عليه وسلم، بظهره مع غلامه رباح.
وأنا معه بفرس أبي طلحة، فلما أصبحنا إذا عبد الرحمن الفزاري قد أغار على الظهر، فاستاقه أجمع، وقتل راعيه، فقلت يا رباح، خذ هذا الفرس فأبلغه أبا طلحة، وأخبر النبى صلى الله عليه وسلم، ثم قمت على أكمة، وأستقبلت المدينة، فناديت ثلاثا يا صباحاه، ثم خرجت في آثار القوم أرميهم بالنبل وأرتجز، وأقول خذها أنا ابن الأكوع واليوم يوم الرضّع، فو الله ما زلت أرميهم وأعقر بهم، فإذا رجع إلى فارس جلست في أصل الشجر، ثم رميته فتعفرت به، حتى إذا دخلوا في تضايق الجبل علوته، فجعلت أرديهم بالحجارة، فما زلت كذلك أتبعهم حتى ما خلق الله من بعير من ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلا خلفته وراء ظهري، وخلوا بيني وبينه.
ثم اتبعتهم أرميهم، حتى ألقوا أكثر من ثلاثين بردة، وثلاثين رمحا يستخفون، ولا يطرحون شيئا إلا جعلت عليه آراما من الحجارة، يعرفها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، حتى أتوا متضايقا من ثنية، فجلسوا يتغدون، وجلست على رأس قرن، فصعد إلي منهم أربعة في الجبل، قلت هل تعرفونني؟ أنا سلمة بن الأكوع، لا أطلب رجلا منكم إلا أدركته، ولا يطلبني فيدركني، فرجعوا، فما برحت مكاني حتى رأيت فوارس النبى صلى الله عليه وسلم، يتخللون الشجر، فإذا أولهم أخرم، وعلى أثره أبو قتادة، وعلى أثره المقداد بن الأسود، فالتقى عبد الرحمن وأخرم، فعقر بعبد الرحمن فرسه، وطعنه عبد الرحمن فقتله، وتحول على فرسه، ولحق أبو قتادة بعبد الرحمن فطعنه فقتله.