عاجل..”يديعوت أحرونوت” تنشر وثائق وصورا “تثبت تجسس” صهر رئيس سابق لصالح إسرائيل

عاجل..”يديعوت أحرونوت” تنشر وثائق وصورا “تثبت تجسس” صهر رئيس سابق لصالح إسرائيل

أفادت  صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية، صورا للجاسوس الذي وصفته بأنه رقم 1، وهو أشرف مروان صهر الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر.

 

ووفقا للصحيفة العبرية بعد مرور 50 عاما على اندلاع الحرب، ينشر جهاز المخابرات كتابا يتضمن وثائق تاريخية وصورة لأشرف مروان مع الضابط الذي قام بتدريبه ويدعى “دوبي”.

 

 

وكشف الموساد وثائق تاريخية تكشف لأول مرة، مساء الخميس لـ”الملاك” أشرف مروان خلال لقاء مع الضابط المسؤول عنه، حيث تم نشر الوثائق بمناسبة الذكرى الخمسين للحرب.

 

وقالت الوثائق إن مروان هو الذي نقل لرئيس الموساد السابق تسفي زامير التحذير من الهجوم المشترك لجيشي مصر وسوريا في الليلة التي سبقت اندلاع الحرب عام 1973.

 

وجاء نشر الموساد، للدراسة جديدة ومجموعة من الوثائق التاريخية، تتعلق بأنشطته إبان حرب أكتوبر 1973، في محاولة لدحض “تقارير مختلفة نشرت في الصحافة والأوساط الأكاديمية” خلال العقود الماضية، وصفها بأنها “مضللة”، وأشارت إلى فشل الجهاز في التحذير من نشوب حرب كانت تلوح بالأفق آنذاك.

 

وبدا أن المعلومات الجديدة التي كشف عنها الموساد تأتي قبل كل شيء للرد على التقارير التي صدرت خلال الأعوام الماضية عن شعبة الاستخبارات العسكرية للجيش الإسرائيلي (“أمان”)، في ظل تلاقف المسؤولية بين الجهازين عن الفشل في توقع الحرب.

 

وقال الموساد إنه “قبل حرب يوم الغفران، قدم الموساد الكثير من المواد الاستخباراتية عالية الجودة في المجالين السياسي والعسكري، والتي عبرت عن قرار مصر وسورية بخوض الحرب ضد إسرائيل”، وتسلط المعلومات التي كشف عنها الموساد الضوء على إدارة المصدر الأرفع والأبرز للجهاز حينها، وفقا للرواية الإسرائيلية، والذي تمثل بالمصري أشرف مروان.

 

وبحسب الموساد، فإن هذه المواد “تضمنت الكثير من المعلومات حول جيشي مصر وسورية، بما في ذلك تحذيرات ملموسة حول الموعد المتوقع لبدء الحرب”. وأضاف أنه “لسوء الحظ، فإن هذه المعلومات الاستخبارية عالية الجودة لم تمنع المفاجأة الإستراتيجية للجيش الإسرائيلي ودفع ثمن هذه الحرب باهظا بالدماء”.

 

وتضمنت المواد الأرشيفية التي كشف عنها الموساد وثائق وصور من تشغيل أشرف مروان، الذي لقبه الموساد بـ”الملاك”، ويعتبر بنظر الكثيرين أفضل عميل للموساد على الإطلاق، فيما يرى آخرون أنه كان عميلاً مزدوجًا يعمل لصالح مصر وإسرائيل في آن واحد، أو يعمل لصالح مصر في إطار مساعيها لتضليل الجانب الإسرائيلي حينها.

 

وكان مروان صهر الرئيس المصري جمال عبد الناصر، ومستشارا مقربا للرئيس أنور السادات. وبدأ “التعاون مع الموساد عام 1970. وفي ليلة 5 أكتوبر 1973، عشية اندلاع الحرب، بحسب الرواية الإسرائيلية، قد وجه التحذير الأخير لإسرائيل بشأن الحرب التي نشبت في اليوم التالي.

 

ومن بين الوثائق التي كشف عنها الموساد، تقرير قدمه ضابط الموساد الإسرائيلي الذي كان يدير العلاقة بمروان، ويتلقى منه المعلومات، ويدعى “دوبي”، في نهاية الجولة الأولى من اللقاءات معه في ديسمبر 1970، بعيد “تجنيده للجهاز”، أي قبل حوالي ثلاث سنوات من الحرب، علما بأن مروان هو من توجه للموساد وعرض خدماته على الجهاز.

 

ويوثق التقرير قدرة مروان “غير العادية” على الوصول إلى القيادة المصرية والاطلاع على قراراتها واستعداده “لإرسال رسائل تحذير حول نوايا مصر لبدء حرب ضدنا”، بحسب الموساد.

 

ويذكر التقرير أن جميع البريد (الموجه للرئيس المصري حينها) يمر عبر مكتب مروان “قبل أن يصل إلى الرئيس (السادات)”، وأنه مسؤول عن “نقل تعليمات رئيس الجمهورية إلى جميع الأجهزة الحكومية”، و”تقديم المعلومات التي تجمعها كافة الأجهزة الاستخبارية إلى رئيس الجمهورية”.

 

وكتب “دوبي” هذا في تقريره أن مروان كان حاضرًا في جميع مؤتمرات رؤساء الدول العربية التي عقدت في القاهرة وفي جميع الاجتماعات التي يعقدها رئيس الوزراء المصري، وأنه “يحتفظ بعلاقات شخصية (مع جهات) في جميع قطاعات الجيش المصري”.

 

في حين تطرق تقرير آخر قدمه “دوبي” إلى تفاصيل شخصية عن مروان، بما في ذلك “علامات خاصة” على جسده، تشمل “ندبة على ظهر كف يده”. ولأول مرة، نشر الموساد صورتين لمروان مع “دوبي”، علما بأنه لم يسمح بعد بالكشف عن هوية “دوبي” الحقيقية.

 

وعلى نحو استثنائي، نشر الموساد كتابا يتطرق جزئيا إلى حرب 73 تحت عنوان “ذات يوم، حين يكون الحديث مسموحا”، أعدته إحدى موظفات قسم التاريخ التابع لشعبة الاستخبارات في الموساد، وجاء في بيان الموساد أنه أول كتاب يصدر عن الموساد ويُكشف لعامة الجمهور.

 

كما نشر الموساد وثيقتين استخباراتيتين مركزيتين؛ الأولى هي وثيقة داخلية للموساد، كتبت في الخامس من أكتوبر الساعة 00:30، وتوثق طلب مروان مقابلة رئيس الموساد، تسفي زامير، بشكل عاجل، عشية الحرب.

 

وجاء في هذه الوثيقة: “اتصل (مروان) الليلة، الساعة 9:30 مساءً (في الرابع من أكتوبر) هاتفيًا… في المحادثة قال… سيصل غدًا الجمعة، مساء الخامس من أكتوبر، لعقد لقاء، سيقدم خلاله معلومات… يقول إنها ذات أهمية كبيرة… وسأل عما إذا كان من الممكن أن يشارك رامساد (اختصار لرئيس الموساد) في اللقاء، لأهمية الموضوع… وألمح إلى أن المعلومات سيقدمها تخص… (هذا الجزء من الوثيقة لا يزال محظورا) وهي بحوزته. (هذه القائمة كما هو معروف هي رمز للإنذار)”.

 

واعتبرت صحيفة “هآرتس” أنه “على خلفية طلب مروان عقد لقاء عاجل مع رئيس الموساد وبسبب رمز التحذير (الإنذار) الذي أرفقه والذي يعني احتمال نشوب الحرب، تُثار العديد من التساؤلات حول السبب الذي منع الموساد من إصدار تحذير عاجل على الفور من خطر الحرب، خلال الليلة بين يومي 4 – 5 أكتوبر، حتى قبل انعقاد الاجتماع مع مروان، في الليلة التالية”.

 

أما الوثيقة الثانية التي كشف عنها الموساد، فهي عبارة عن بروتوكول والنص الكامل لمحضر الاجتماع الذي عقد في لندن في 5 أكتوبر 1973، بين رئيس الموساد حينها، زامير ومروان، والذي تم فيه التحذير من اندلاع الحرب قبل 16 ساعة من نشوبها.

 

وكان الصحافيان الإسرائيليان يوسي ميلمان وموشيه شفاردي قد كشفا عن مقتطفات من هذه الوثيقة في العام الماضي، وتم تحميلها لاحقا على موقع “مركز حرب يوم الغفران” الإلكتروني، لكن هذه هي المرة الأولى التي ينشرها الموساد بمبادرته الذاتية لـ”إطلاع الجمهور”.

 

وتكشف مراجعة الوثيقة عن إخفاقات عديدة محتملة في أداء الموساد في ما يتعلق بتحذير القيادة السياسية في إسرائيل من احتمال نشوب الحرب، وسط مؤشرات على ضعف قدرة زامير على قراءة الموقف حينها وتقدير أهمية المعلومة التي نقلها مروان، إذ لم يستهل اجتماعه معه في اليوم التالي حول التحذير الذي وجهه الأخير من اندلاع الحرب، وفضل الحديث عن “إحباط عملية” قبل شهر من ذلك اللقاء.

 

وكان مروان هو من طلب تغيير الموضوع قائلًا: “لكن دعنا نتحدث عن الحرب”، وقال لزامير إن “هناك احتمالا بنسبة 99% أن تبدأ الحرب غدا السبت”. فسأله زامير: “لماذا غدا؟”، فأجاب مروان: “لأن هذا ما تقرر، وهو يصادف يوم عيد بالنسبة لكم”، وأكد مروان أن الحرب ستبدأ على الجبهتين السورية والمصرية.

 

ويوضح البروتوكول أن مروان أكد في البداية أن الحرب ستبدأ “في المساء”، لكنه عاد لاحقًا ليشير إلى الساعة 16:00 موعدًا لاندلاع الحرب، وتبين لاحقا أن هذا التوقيت كان أكثر دقة، إذ أن الحرب اندلعت في حوالي الساعة الثانية بعد الظهر، لكن الموساد لم ينقل هذه المعلومات إلى الجيش الإسرائيلي، بل تمسك بمقولة مروان الأولى؛ “قبيل المساء”.

 

وخلال الاجتماع مع مروان في لندن، لم يُقدم زامير على المبادرة إلى إرسال “المعلومات الهامة” حول موعد الحرب الوشيك للقيادة السياسية والعسكرية في إسرائيل، وانتظر حتى نهاية الاجتماع ليقوم بذلك، عبر برقية إلى رئيسة الحكومة الإسرائيلية، غولدا مئير، بدأها بأن “الجيش المصري والجيش السوري على وشك شن حرب ضد إسرائيل يوم السبت 6.10.73”. وكشف الموساد في وثائقه الجديدة عن “المعلومة الذهبية” التي نقلها عميل للجهاز في الجيش المصري في 12 أكتوبر 1973، وبحسب “المعلومة” الموثقة باللغة الإنجليزية، “يخطط الجيش المصري لشن هجوم في 13 أو 14 أكتوبر، يشمل إنزال ثلاثة ألوية مظلية بالإضافة إلى هجوم بري واستخدام صواريخ بروغ”.

 

وتلقى زامير “المعلومة الذهبية” خلال مشاركته في جلسة لدى رئيسة الحكومة الإسرائيلية، مئير، أقر خلالها القادة العسكريين خطة لاختراق قناة السويس ومهاجمة القوات المصرية المتمركزة على الطرف الآخر للقناة والسيطرة على المنطقة. وعقب تلقي المعلومة اقترح زامير على مجلس الوزراء تأجيل الخطة لمدة يومين “للسماح للقوات المصرية بالتوغل في سيناء والوقوع في فخ الجيش الإسرائيلي”.

 

وتم قبول اقتراح زامير، وبحسب الموساد فإن “المعلومة حالت دون سقوط محتمل، وأدت إلى تحول وانتصار في معركة حاسمة على الجبهة مع مصر”. وفي 14 أكتوبر دمر الجيش الإسرائيلي حوالي مئة دبابة تابعة للجيش المصري شرق القناة، وفي اليوم التالي بدأ جيش الإسرائيلي في عبورها.

 

وفي كتابه، يوجه الموساد انتقادات شديدة اللهجة للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، وقيادات الجيش عموما وتقييمهم الاستخباراتي، الذي أشار “حتى اللحظة الأخيرة” إلى أن احتمالات اندلاع الحرب “منخفضة”.

 

وشدد الموساد على أن “الصورة الشاملة والمفصلة والتحذيرية، التي تم رسمها في أكتوبر 1973 من مصادر الموساد ومصادر الاستخبارات العسكرية معًا، كان ينبغي أن تؤدي إلى تغيير في التقييم الاستخباراتي (للجيش) في ما يتعلق باحتمال الحرب”.

 

وقال الموساد إنه “في العام أو العامين السابقين لـ”حرب يوم الغفران”، حصل الموساد من مصادره على قدر كبير من المعلومات القيمة حول الخطط الحربية لمصر وسورية”، وأشار أن “التحذير من الحرب لم يكن مبنيًا على مصدر واحد فقط” وإنما على “مصادر جيدة أخرى”.

 

وادعى الموساد أنه كان لديه “عشرات المعلومات التحذيرية ذات الأهمية القصوى، والتي جاءت من أهم مصادر الموساد وأكثرها تقديرا (لدى قيادة الجهاز)”، غير أن هذه العلومات، لم تترجم في نهاية المطاف إلى تقديرات صريحة حول موعد نشوب الحرب.