مشروعية صلاة الغائب ” جزء 1″

الدكرورى يكتب عن مشروعية صلاة الغائب ” جزء 1″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى

مشروعية صلاة الغائب ” جزء 1″

لقد جاء الإسلام بقواعد راسخة، وثوابت عظيمة لن يضل عنها من آمن وتمسك بها، وكذلك فإن علم الغيب من العلوم التي تفرد بها الله سبحانه وتعالى، ومفاتح الغيب التي انفرد بها ربنا عز وجل لا يعلمها ملك مقرب ولا نبي مرسل، ولقد خلق الله تعالى الإنسان خليفة في الأرض ليعبده ويعمّر الأرض، ثم يقبض روحه ليحاسبه على ما قدّم وما تأخر من ذنب وعمل صالح، وبوفاته ينتهي وجوده من الحياة الدنيا دار الفناء، لينتقل إلى جوار ربه، فالموت حق، على كل إنسان وحيوان وكل كائن حي على سطح الأرض، وإذا مات الإنسان المسلم وجبت الصلاة عليه وهى صلاة الجنازه، وصلاة الجنازة فرض كفاية بالإجماع، كما قال النووي رحمه الله.

وفرض كفاية كما قال عنه صاحب الموافقات وهو متوجه إلى الجميع لكن إذا قام به بعضهم سقط عن الباقين، فليس بواجب عيني على من كان في المقبرة أن يصلي في الجنازة، غير أنه لا شك أن شهود الجنازة والصلاة عليه ودفنها فيه خير كثير وثواب عظيم، فقد جاء في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “من شهد جنازة حتى يصلي فله قيراط، ومن شهد حتى تدفن كان له قيراطان” قيل وما القيراطان ؟ قال “مثل الجبلين العظيمين” وإلمقصود بصلاة الغائب هي صلاة الجنازة التي تصلى على من مات ببلد آخر، والصلاة أولا هى العبادة المخصوصة المبنية حدود أوقاتها في الشريعة، وصلاة الغائب هي الصلاة على الميت الغائب إذا لم يصل عليه.

وذلك من باب التأسي والاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم، وصلاة الغائب هي صلاة الجنازة لكن بوجود جثمان الميت في بلد آخر، والهدف منها هو الاستغفار للميت والدعاء له حتى بغياب جثمانه عن أهله، وتؤدى هذه الصلاة عند وفاة أحد الأشخاص عند غيابه عن أهله في بلد غير بلده، وتعذر نقل الجثمان إلى الموطن الأصلي، وكما ذكر المقصود بصلاة الغائب صلاة الجنازة التي تصلى على من مات ببلد آخر فيصطف المصلون صفوفا كما هو الحال في صلاة الجنازة، ويصلي بهم أحد الناس إماما وقد اختلف أهل العلم في صلاة الجنازة على الغائب، ومن أقوال العلماء في ذلك هو رأي الإمام الشافعي والإمام أحمد، فقد ذهب الامام الشافعي والامام أحمد إلى أنها مشروعة.

واستدلوا بما في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم، نعى النجاشي في اليوم الذي مات فيه، وخرج بهم إلى المصلى فصف بهم وكبر عليه أربعاً، ومعلوم أن النجاشي مات بأرض الحبشة، وأما عن رأي الحنفية والمالكية، فيري الحنفية والمالكية عدم مشروعية صلاة الغائب، وأجابوا عن قصة النجاشي بأن الصلاة عليه من خصوصيات، ومن الجائز أن يكون رُفع للنبي صلى الله عليه وسلم، سرير النجاشي فصلى عليه صلاته على الحاضر المشاهد، وقالوا ويدل على ذلك أنه لم ينقل عنه صلى الله عليه وسلم، أنه كان يصلي على كل الغائبين، وتركه سنة، كما أن فعله سنة، ولا سبيل لأحد بعده أن يعاين سرير الميت من المسافة البعيدة.

ويرفع له حتى يصلي عليه، فعلم أن ذلك مخصوص به، وقد ذهب الإمام أحمد في رواية نقلها شيخ الإسلام، إلى صلاة الغائب على من له فضل وسابقة على المسلمين، فقال إذا مات رجل صالح صلي عليه، واختار هذا القول من المتأخرين الشيخ السعدي رحمه الله، والراجح أن صلاة الغائب مشروعة في حق من مات بأرض ليس فيها من يصلي عليه، أما من صلي عليه حيث مات فإنه لا يصلى عليه صلاة الغائب، وإلى هذا ذهب جمع من المحققين، منهم الخطابي والروياني وترجم بذلك أبو داود في السنن فقال باب الصلاة على المسلم يليه أهل الشرك في بلد آخر، واختار هذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم، حيث قال ابن القيم في زاد المعاد وقال شيخ الإسلام ابن تيمية.