الدكرورى يكتب عن مشروعية سجدة السهو ” جزء 1″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
مشروعية سجدة السهو ” جزء 1″
إن من أهم ما يجب علي كل مسلم معرفته هو أحكام الصلاة التي هي الركن الثاني من أركان الإسلام وعمود الدين، ومن أكثر ما يقع الخلل فيه سجود السهو في الصلاة حيث كان يجهله كثير من المصلين، وسجود السهو له أسباب وأحكام ومواضع، حيث ينبغي لكل مسلم معرفتها، حتى يكون على بصيرة من أمره إذا وقع له ذلك، فأسباب سجود السهو إجمالا ثلاثة أمور، وهى الزيادة، أوالنقص، أوالشك، فأما الزيادة، فمتى زاد المصلي في صلاته ركوعا أو سجودا أو قياما أو قعودا أو ركعة كاملة فأكثر وجب عليه سجود السهو، ومحله بعد السلام، وكما وقع ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال ابن مسعود رضي الله عنه ” صلى النبي صلى الله عليه وسلم، الظهر خمسا.
فقيل له أزيد في الصلاة؟ قال وما ذلك؟ قالوا صليت خمسا، فسجد سجدتين بعدما سلم” رواه البخاري ومسلم، والترمذي، والنسائي، وأبو داود، وابن ماجة وأحمد، ومتى علم المصلى بالزيادة، وهو في أثناء الزيادة وجب عليه الرجوع عن الزيادة، وسجد للسهو، وإذا سلم المصلي قبل تمام الصلاة ناسيا، فذكر قبل أن تمضي مدة طويلة، وجب عليه أن يتمم صلاته، ويسجد للسهو بعد السلام، فقد ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضى الله عنه “أن النبي صلى الله عليه وسلم، صلى بهم الظهر أو العصر ركعتين، ثم سلم فأخبروه بأنه نسي، فتقدم، وصلى ما بقي من صلاته، ثم سلم، ثم سجد سجدتين، ثم سلم” رواه البخاري ومسلم، والترمذي، والنسائي، وأبو داود، وابن ماجة والإمام أحمد.
والسهو هو الغفلة والذهول عن الشيء، وأما في اصطلاح الفقهاء، فالسهو، هى سجدتين سجدهما المصلي الي جبر خلل في الصلاة، وسجود السهو، هو أن يأتي المصلي بسجدتين متواليتين كسجود الصلاة قبل السلام أو بعده بحسب الكيفية المختلف عليها بين المذاهب الفقهية الأربعة، وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، أن سهوه في الصلاة تعليما لنا وليكون قدوة لنا في كل أحوالنا، فعن عبد الله بن مسعود قال “صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فزاد أو نقص، فقيل يا رسول الله، أزيد في الصلاةِ شيء؟ فقال ” إنما أنا بشر مثلكم، أنسى كما تنسون، فإذا نسى أحدكم فليسجد سجدتين وهو جالس، ثم تحول رسول الله صلى الله عليه وسلم فسجد سجدتين ” رواه مسلم.
وقد وروى أبو هريرة رضى الله عنه النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال ” إن أحدكم إذا قام يصلي، جاء الشيطان فلبس عليه، حتى لا يدري كم صلى، فإذا وجد ذلك أحدكم، فليسجد سجدتين وهو جالس ” رواه البخاري، وأما عن حكم سجود السهو، فقد اختلف الفقهاء حول حكم سجود السهو، حيث يرى الشافعية وبعض الحنفية بأنه سنة في الصلاة المفروضة وفي النوافل، بينما يرى البعض الآخر من الحنفية بأنه واجب، أما المالكية ففرقوا بين الزيادة والنقص في السجود، فاعتبروا النقص واجب والزيادة سنة، أما الحنابلة فيرون أن وجوبه في ترك ركن، أي عند ارتكاب أمر يبطل الصلاة بشكل متعمد، وسنة فيما غير ذلك، كالتسبيح في السجود.
وأما عن أسباب سجود السهو بحسب الفقه الشافعي، هو أن يترك المصلى سنَة مؤكدة وهى تسمى الأبعاض، أو شك في تركه، وذلك كالتشهد الأول، أوقنوت الفجر، أما لو ترك سنة غير مؤكدة، كقراءة ما تيسر من سور القرآن، فإنه لا يسجد لتركها عمدا أو سهوا، وأما إن ترك فرضا كالركوع، فإن تذكره قبل الركوع الثاني أتى به فورا، وإن تذكره بعد الركوع الثاني فإن الركوع الثاني يعتبر أول، وتلغى الركعة الأولى، ثم يتم صلاته ويسجد للسهو، وأما إذا تذكره بعد السلام من الصلاة فإن لم يطل الفاصل ولم يأت بفعل مبطل أو تكلم أكثر من ست كلمات وجب عليه القيام ويركع ويأتي بالباقي ويتشهد ويسجد للسهو، وأما الشك في عدد الركعات التي أداها، فعندئذ يفرض العدد الأقل، ثم يتمم باقي الركعات ثم يسجد للسهو.
فمثلا لو شك هل صلى ثلاثة ركعات من العصر أم ركعتان، فيفرض أنه صلى ركعتين ثم يكمل ركعتين أخرتين ثم يسجد للسهو ويسلّم، أو أن يقوم بعمل منهي عنه يبطل الصلاة سهوا كأن يتكلم بكلمات قليلة أو أتى بركعة زائدة سهوا، أو أن يقوم بنقل شيء من أفعال الصلاة إلى محل في غير محله سهوا، كأن يقرأ الفاتحة في جلوس التشهد، أما عن كيفية سجود السهو بحسب الفقه الشافعي، فإن سجود السهو هو عبارة عن سجدتين كسجدات الصلاة، وينوي بهما المصلي سجود السهو، ومحلها في آخر الصلاة بعد التشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وقبل السلام، ومثله كذلك بعد التشهد الأخير عند الحنابلة، إلا أنهما وبحسب نوع السهو فقد تكونان قبل السلام، أو تكونان بعده فيتبعهما تسليمتين أخريين.