مفاوضات وتصعيد..ما تأثير هجمات الحوثي البحرية على عملية السلام في اليمن؟

مفاوضات وتصعيد..ما تأثير هجمات الحوثي البحرية على عملية السلام في اليمن؟

مع تصعد جماعة الحوثي اليمنية عملياتها العسكرية التي تستهدف الملاحة البحرية في مضيق باب المندب، وما تبع ذلك من استنفار دولي ودعوات لتشكيل تحالف لمواجهة التهديدات، تتواصل المفاوضات التي ترعاها الأمم المتحدة لوضع حد للحرب المستمرة منذ سنوات.

ويثير إصرار الحوثيين على مواصلة تهديداتهم للسفن التجارية في البحر الأحمر- التي يقولون إنها تتبع لإسرائيل أو متوجهة إلى موانئها- ارتباك المحللين بشأن جدية مساعي الجماعة المسلحة لطي صفحة الحرب في اليمن، بسبب تعقيد تلك التهديدات للمشهد الأمني في المنطقة برمتها.

مفاوضات متسارعة

وتشير تقارير متواترة إلى تسارع وتيرة المفاوضات مؤخرا برعاية المبعوث الأممي إلى اليمن هانس جروندبرج، الذي أجرى جولات مكثفة من اللقاءات بأطراف الأزمة منذ مطلع الشهر الجاري، وسط تسريبات بأن ثمة خطة سلام ستعلن قريبا باسم الأمم المتحدة.

وبحسب ما ترشح عن المفاوضات، فإن الخطة الأممية ستتضمن 3 مراحل أولاها تشمل- ضمن نقاط متعددة- وقفا لإطلاق النار ودفع مرتبات الموظفين في مناطق سيطرة الحوثي وفتح ميناء الحديدة بشكل كامل، على أن يتبعها مرحلة ثانية تتضمن حوارا يمنيا يمنيا تمهيدا للمرحلة الأخيرة التي تفضي لعملية انتقالية مدتها عامان تنتهي بانتخابات عامة.

 

الخطة الأممية ستتضمن 3 مراحل أولاها تشمل وقفا لإطلاق النار ودفع مرتبات الموظفين في مناطق سيطرة الحوثي وفتح ميناء الحديدة بشكل كامل، على أن يتبعها مرحلة ثانية تتضمن حوارا يمنيا يمنيا تمهيدا للمرحلة الأخيرة التي تفضي لعملية انتقالية مدتها عامان تنتهي بانتخابات عامة.

لكن، ورغم الحماسة التي شابت تصريحات المبعوث الأممي المقتضبة لوسائل الإعلام بشأن المفاوضات، أثارت النشاطات الحوثية المتزايدة في مضيق باب المندب مخاوف من تأثير ما اعتبرته أطراف دولية وإقليمية «قرصنة بحرية» على مسار عملية السلام.

اتفاق يمني ذو أبعاد إقليمية

يرى الباحث اليمني، ورئيس مركز أبعاد للدراسات السياسية والاستراتيجية عبد السلام محمد، أن الأنشطة الحوثية المهددة للملاحة في مضيق باب المندب ستؤثر بشكل مباشر على عملية السلام المرتقبة، بسبب البعد الإقليمي لهذه العملية ولكونها ليست مسألة يمنية داخلية.

ويقول عبد السلام، في تصريحات صحفية : «اتفاق السلام ليس هدفه فقط إيقاف الحرب في اليمن، بل هدفه أيضًا الأمن الإقليمي، لأن الحرب في اليمن هددت أمن الإقليم، ولا ننسى أن صواريخ الحوثي استهدفت أراضي السعودية والإمارات والآن تقوم الجماعة بقرصنة بحرية».

 

ويضيف: «لذلك أعتقد أن اتفاق السلام من يهدف للحفاظ على الأمن الإقليمي في المنطقة، فإذا لم يحصل من نتائج الاتفاق تهدئة في البحر الأحمر فربما تحصل استقطابات إقليمية ودولية لكثير من الجهات المحلية في اليمن وتعود الحرب في لحظة».

 

ويتابع الباحث اليمني: «بالتالي ومن وجهة نظري أن الاتفاق لن يتم بشكل كامل إلا في حال موافقة الحوثي على العودة لخيار السلام بعيدًا عن التهديدات العسكرية».

 

ويوضح: «بعد عمليات القرصنة في البحر الأحمر- بدعوى نصرة فلسطين- أصبح الحوثي يشعر بقوة أكبر وبدعم شعبي، لذلك لا يستطيع كحركة مسلحة أن يعيد قواته لوضعها الطبيعي، بل سيعود لمهاجمة مناطق الحكومة الشرعية للحصول على مكاسب جديدة».

لا تأثير

في المقابل، وخلافا لرأي عبد السلام، يرى الخبير اليمني في الشؤون العسكرية والاستراتيجية علي الذهب أن عمليات الحوثيين العسكرية في البحر الأحمر لن تؤثر في استكمال مسار المفاوضات وصولا لتوقيع اتفاق للسلام.

خبير يمني: العملية التي تدفعها الأمم المتحدة والأطراف الإقليمية خصوصًا إيران والسعودية ماضية في طريقها

 

ويقول الذهب: «حتى الآن مهما كانت التهديدات التي يثيرها الحوثيون في باب المندب فإنها لن تؤثر بشكل سلبي على عملية السلام، لأن العملية التي تدفعها الأمم المتحدة والأطراف الإقليمية خصوصًا إيران والسعودية ماضية في طريقها».

 

ويلفت الخبير اليمني إلى أن «الحوثي يحاول فقط من خلال إحداث مشاغل أمنية في مضيق باب المندب الحصول على مزيد من المكاسب في عملية السلام الراهنة»، ويتابع: «هو حتى الآن لا يصيب بشكل مباشر السفن، كانت العملية الوحيدة الناجحة هي اختطاف سفينة جالاكسي، والتي كانت فارغة، لكن بقية العمليات لم يصب أي سفينة بشكل يخلق رد فعل عنيف من الأطراف الدولية، والذي يمكن أن يؤثر على عملية السلام».

 

واعتبر الذهب أن «التهديدات التي يثيرها الحوثي في المنطقة ما تزال في إطار المقبول وإطار الأمر المتحكم به، وأمريكا توازن بين خطر هذه التهديدات وخطر عدم التوقيع على عملية السلام، وأيضًا السعودية ودول التحالف ينظرون بهذا المنظور، بمعنى أنه من الأفضل الصبر والتروي في التعامل العنيف مع الحوثي في الوقت الراهن، بدلا من تحويله لعدوٍ خطير حال عدم انخراطه في عملية السلام».

جانب من مفاوضات سابقة بين طرفي النزاع في اليمن (الأمم المتحدة)

سلوك متكرر

ويشبه الخبير العسكري اليمني علي الذهب مناوشات الحوثي في مياه البحر الأحمر في هذا التوقيت بسابقة في العام 2022 قبيل توقيع الهدنة بين الأطراف اليمنية في أبريل من ذلك العام.

 

وقال الذهب: «يشبه الوضع الحالي ما حصل مطلع العام 2022 من مناورات حوثية كانت ورقة ضغط انتهت بهدنة، وهذا يعني ان الحوثي يلعب على جبهتي المفاوضات المغلقة والمناورة الميدانية لكسب المزيد من النقاط».

هذا هو الهدف الحوثي الأساسي من عملياته الاستعراضية، أما الهدف الثانوي فهو هدف دعائي عبر تصوير نفسه مدافعا عن الفلسطينيين، رغم أن الواقع يؤكد عدم تأثيره بشكل حقيقي في مجريات الصراع.